0 / 0

ليس في بلادهم مقبرة للمسلمين فهل يجوز لهم الدفن في مقابر النصارى ؟

السؤال: 180576

نحن مجموعة من المسلمين في ” اليونان ” نعاني من عدم وجود مقبرة للمسلمين ، والسلطات المحلية الآن بصدد منحنا مقبرة ، والمكان المقترح هو داخل حرم مقبرة للنصارى ، وهي مقبرة كبيرة ، والمكان المقترح في ركن بعيد عن مقابرهم وتفصله طرق صغيرة عنها ، ويمكن عمل مدخل منفصل لمقبرة المسلمين .
السؤال هو : هل يجوز استعمال هذه المقابر لدفن موتى المسلمين ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:
اتفق العلماء على حرمة دفن المسلم في مقبرة الكافر ، وحرمة دفن الكافر في مقابر المسلمين ، إلا للضرورة .
عن بَشِيرٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ” بَيْنَمَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ : ( لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلاَءِ خَيْرًا كَثِيرًا ) ثَلاَثًا ، ثُمَّ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ :( لَقَدْ أَدْرَكَ هَؤُلاَءِ خَيْرًا كَثِيرًا ) رواه أبو داود (3230 ) وحسَّنه الألباني في ” صحيح أبي داود “.

قال ابن حزم – رحمه الله – : ” عمل أهل الإسلام من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يُدفن مسلمٌ مع مشرك .
– واستدل بحديث بشير – ثم قال :
فصح بهذا تفريق قبور المسلمين عن قبور المشركين ” انتهى من ” المحلى ” ( 5 / 143 ) .

وقال الإمام النووي – رحمه الله – : ” اتفق أصحابنا رحمهم الله على أنه لا يُدفن مسلم في مقبرة كفار ، ولا كافر في مقبرة مسلمين ” انتهى من ” المجموع ” ( 5 / 285 ) .

وجاء في ” الموسوعة الفقهية ” ( 21 / 19 ) : ” اتفق الفقهاء على أنه يحرم دفن مسلم في مقبرة الكفار وعكسه إلا لضرورة ” انتهى .

وإذا كانت مقبرة المسلمين يحوطها سور المقبرة الأصلية للكفار : فالحكم واحد في الحرمة وإن تباعدت قليلا وفصلت بينهما طرق ! .

ولذا فيجب على المسلمين الذين يعيشون في بلاد الكفر وليس لهم مقابر خاصة بهم :
1. السعي في شراء أرض خاصة بهم لدفن موتاهم فيها ، ولو كلفهم ذالك كثيراً ؛ لأن دفن المسلم في مقبرة الكفار رزية ؛ فالكافر يعرض على النار غدوّاً وعشيّاً والمسلم يتأذى بذلك ، قال تعالى : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ) غافر/ 46 .
وهذا العرض إنما هو على أهل القبور ، وهو عذاب برزخي ، بدليل قوله بعدها : ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ) ، وانظر ” تفسير القرطبي ” ( 15 / 318 ) .
قال المناوي – رحمه الله – : ” ويحرم دفن مسلم في مقبرة كفار وعكسه ، كما أشار إليه بقوله : ( فَإِنَّ الميِّتَ يَتَأَذَّى ) يتضرر ( بِجَارِ السَّوْءِ ) بالفتح والإضافة أي : بسبب جوار جار السوء الميت ، وتختلف مراتب الضرر باختلاف أحوال المتضرر منه لنحو شدة تعذيب أو نتن ريح أو ظلمة ” انتهى من ” فيض القدير ” ( 1 / 297 ) .
2. فإن لم يستطيعوا شراء أرضٍ لدفن موتاهم – كأن يكون بسبب القوانين الجائرة – فعليهم نقل الجنائز إن أمكن إلى بلد مجاور . وينظر ” منح الجليل شرح مختصر خليل ” ( 1 / 501 ) و ” الشرح الكبير للدردير ” ( 1 / 419 ) .
3. فإذا بذل المسلمون جهدهم وعجزوا عن كل ما ذكرناه آنفاً : فلا بأس – إن شاء الله – من الدفن في مقبرة النصارى ؛ لأنه تعارض هنا مفسدتان : أن يُدفن مع النصارى أو يترك بلا دفن ، ولا شك أننا نقدم أخف الضررين وأهون المفسدتين ، قال تعالى : ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) البقرة/ 286 ، مع الحرص على تمييز مقابر المسلمين بأن تكون في بقعة خاصة في المقبرة ، وما تذكرونه من كون البقعة المقترحة لتكون مقبرة خاصة للمسلمين ستكون في زاوية من مقبرة النصارى أمر حسن ويزداد حسناً إذا صار لها مدخل منفصل خاص بها ، ومتى أمكن فصل الجزء الخاص بكم ، وبناء سور عليه ، فقد صارت مقبرة منفصلة مستقلة ، ولم يبق لها حكم مقابر الكفار ؛ ولا حرج فيها حينئذ ، إن شاء الله .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android