تنزيل
0 / 0
7479317/12/2012

هل الزواج بمن بها مس من الشيطان يؤثر على الأولاد في المستقبل ؟

السؤال: 180726

أفكر بالزواج ، ولكني لم أجد الفتاة المناسبة حتى الآن ، إلا أن لي ابنة عمّ ، ولكنها مصابة بمسّ شيطاني جنّي متلبس بها ، سؤالي هو: هل يمكن لحالتها هذه أن تؤثر على الزواج ما لو فكرت الزواج بها ؟ ، وهل يمكن علاجها وإخراج الجني منها؟ ، وهل لذلك تأثير على الأولاد في المستقبل؟ ، وماذا تقول السنة النبوية عن زواج كهذا ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
تلبس الجني بالإنسي ودخوله بدنه وصرعه ثابت بالكتاب والسنة واتفاق العلماء .
ولكن شيئا من ذلك لا يحصل إلا بإذن الله .
ثانيا :
لا يمنع صرع الجن ومسّه من التزوج ، ولكن على من ابتلي بذلك من الطرفين أن يخبر
صاحبه به ؛ لأن هذا الصرع من العيوب المثبتة للخيار ، والتي يفوت بها بعض مقاصد
النكاح الأساسية . راجع إجابة السؤال رقم (135785) ، والسؤال رقم (158489) .
ثالثا :
أمثال هذه الحالات قد تؤثر على الزواج من جهة أن الزوج قد لا يصبر على هذا البلاء
الذي ابتليت به زوجته ، وقد يؤدي به ذلك إلى كراهة معاشرتها ؛ فلا يحسن إليها ولا
يعاشرها بالمعروف كما أمر الله .
أما من جهة تأثير الشيطان الذي تلبس بها على الزواج وعلى العشرة بين الزوجين ، فهذا
بحسب ما هما عليه من الإيمان والصبر ، فمن كان إيمانه قويا فإنه لا سبيل للشيطان
عليه ؛ كما قال تعالى : ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ
يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ) النحل/ 99- 100 .
وقال تعالى : ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ
عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ
وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ
لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا ) الإسراء/ 64، 65 .
ومن كان إيمانه ضعيفا تلاعب به الشيطان كما يتلاعب الصبيان بالكرة .
رابعا :
هذا المس الشيطاني وما قد يعقبه من الصرع من البلاء الذي يجزي الله من ابتلي به
فصبر أعظم الجزاء .
روى البخاري (5652) ومسلم (2576) عن عَطَاء بْن أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : ” قَالَ لِي
ابْنُ عَبَّاسٍ : أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ بَلَى
قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ
اللَّهَ لِي ، قَالَ : ( إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ
دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ ) فَقَالَتْ أَصْبِرُ ، فَقَالَتْ إِنِّي
أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ . فَدَعَا لَهَا ” .
قال النووي رحمه الله :
” فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الصَّرْع يُثَاب عَلَيْهِ أَكْمَلَ ثَوَاب ” انتهى من ”
شرح مسلم ” (132/16).

وقال ابن حجر رحمه الله :
” وَعِنْد الْبَزَّار مِنْ وَجْه آخَر عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي نَحْو هَذِهِ
الْقِصَّة أَنَّهَا قَالَتْ ” إِنِّي أَخَاف الْخَبِيث أَنْ يُجَرِّدنِي ” …
وَقَدْ يُؤْخَذ مِنْ الطُّرُق الَّتِي أَوْرَدَتْهَا أَنَّ الَّذِي كَانَ بها كَانَ
مِنْ صَرْع الْجِنّ لَا مِنْ صَرْع الْخَلْط ” انتهى من ” فتح الباري ” (115/10) .
خامسا :
يمكن علاج هذه المرأة وإخراج الجني منها بإذن الله وبحوله وقوته سبحانه ؛ فإن كيد
الشيطان ضعيف ، ولا سلطان له على المؤمن ولا على المؤمنة ، وإنما هو أذى يقدره الله
على من يشاء من عباده ، وهو للمؤمنين والمؤمنات رحمة وكفارة ورفعة للدرجات .
وأفضل وسيلة للعلاج من هذا ، قراءة القرآن الكريم على المصاب ورقيته بالأدعية
الواردة ، مع محافظته على الأوراد الشرعية من تلاوة القرآن والأذكار ، ويزول ما فيه
بإذن الله تعالى .
قال الحافظ :
” وَفِي الْحَدِيث أَنَّ عِلَاج الْأَمْرَاض كُلّهَا بِالدُّعَاءِ وَالِالْتِجَاء
إِلَى اللَّه أَنْجَع وَأَنْفَع مِنْ الْعِلَاج بِالْعَقَاقِيرِ , وَأَنَّ تَأْثِير
ذَلِكَ أَعْظَم مِنْ تَأْثِير الْأَدْوِيَة الْبَدَنِيَّة , وَلَكِنْ إِنَّمَا
يَنْجَع بِأَمْرَيْنِ : أَحَدهمَا مِنْ جِهَة الْعَلِيل وَهُوَ صِدْق الْقَصْد ,
وَالْآخَر مِنْ جِهَة الْمُدَاوِي وَهُوَ قُوَّة تَوَجُّهه وَقُوَّة قَلْبه
بِالتَّقْوَى وَالتَّوَكُّل ” انتهى من ” فتح الباري ” (115/10) .
راجع إجابة السؤال رقم : (1819) ، والسؤال رقم (105336) .
سادسا :
الذي ننصحك به أن تتأنى في أمر هذا الزواج ، وتنظر في أمر نفسك ، وأمر الفتاة ؛ فإن
غلب على ظنك أن تحتمل مثل هذه الحالة ، وسوف تصبر عليها ، خاصة بعد وقوفك على
طبيعتها ، ممن يعرفها ، أو قام بعلاجها ، وكانت الفتاة مرضية الدين والخلق : فتوكل
على الله ، وتقدم لها ، خاصة وأن بينكما رحما ، وأنت أولى بها ، وأصبر عليها ـ إن
شاء الله ـ من غيرك .
وإن كنت تعلم أنك لن تصبر على مثل ذلك ، وربما شق عليك إكمال الطريق معها ؛ فمن
الآن إذا ، ولا داعي لأن تفتح على نفسك بابا يشق عليك احتماله أو إغلاقه .

راجع إجابة السؤال رقم (158489) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android