تنزيل
0 / 0

هل لها أن تسافر لإتمام دراستها بدون محرم للضرورة الملجئة إلى ذلك ؟

السؤال: 181343

لقد اعتنقت الإسلام منذ 3 سنوات والحمد لله ، وقد تزوجت منذ أقل من عام ، إنني من ماليزيا وأدرس الآن في الولايات المتحدة وقد تزوجت من أجنبي يعيش في ماليزيا ، وقبل اعتناق الإسلام وافقت على بعثة تعليمية ، ولا يمكنني الآن أن أترك البعثة حتى أكمل دراساتي ، لا يستطيع زوجي الذهاب للولايات المتحدة ؛ لأن تأشيرته رفضت ، في البداية ، كانت رحلتي للولايات المتحدة كهجرة ؛ لأن أبواي كانا معترضان على اعتناقي الإسلام وقد عذباني نفسيا بينما كنت أعيش معهما ، وبعد أن تزوجت أصبح لدي محرم ، وأعرف أنه ليس لي السفر دونه. ولكن أبواي لا يزالان غاضبين ويمكن أن يفعلا أي شيء لإعادتي لطريقتي القديمة ، كما أنه من الممكن أن يقتلوا كذلك ، ويدرس زوجي في ماليزيا غير أنهم لا يزالون لا يعرفونه ولذلك فإنه في أمان ، بالنسبة لي فإنهم لن يستطيعوا السفر إلى بسبب التكلفة المرتفعة وبذلك أكون في أمان أنا الأخرى ، إذا ما عدت الآن فسيكون علي مواجهتهم ، وسيكون من السهل عليهم الإمساك بي وبزوجي ، أمامي الآن فصل دراسي آخر لكي أتخرج وآمل مع الانتهاء من الدراسة أن يتقبلا الوضع . سؤالي هو: هل جميع هذه الأسباب تمكنني وتجيز لي السفر للدراسة دون زوجي ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نسأل الله أن يثبتك على دينه ، وأن يقيك الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يهدي والديك إلى الإسلام كما هداك .
نعم ، سفر المرأة بدون محرم لا يجوز ، وقد تقدمت أدلة ذلك مستوفاة في إجابة السؤال رقم (102494) ورقم (120291) .
ولكن إذا وجدت ضرورة ملحة لسفرها بدون محرم ، فإن الضرورات تبيح المحظورات .

ولا شك أن حفظ الدين أحد الضرورات الخمس ، بل هو أهمها وأعلاها وأسماها ، والذي تبذل لأجله المهج ، وتهون في سبيله كل تضحية .
وتحريم سفر المرأة بدون محرم تحريم وسائل ؛ لأنه يفضي إلى الفتنة والفساد ويؤدي إلى ذلك ، وما حرم للذريعة والوسيلة فإنه يباح للحاجة والضرورة والمصلحة الراجحة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ سَبَبًا لِلْفِتْنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ؛ فَإِنَّ الذَّرِيعَةَ إلَى الْفَسَادِ يجب سَدُّهَا إذَا لَمْ يُعَارِضْهَا مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (15 /419) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" وحرم الخلوة بالمرأة الأجنبية والسفر بها والنظر إليها لغير حاجة حسما للمادة وسدا للذريعة " انتهى من "إغاثة اللهفان" (1 /362) . وينظر : "زاد المعاد" (4 /78) ، "إعلام الموقعين" (2 /159) .
 

فإذا احتاجت المرأة للسفر ، لحفظ دينها ، وخشيت على نفسها الفتنة إذا هي لم تسافر ، ولم يكن لها محرم يصحبها في سفرها ، جاز لها ذلك السفر ، دفعا للمفسدة الأعظم إذا هي لم تسافر .

وقد نص أهل العلم على جواز سفر المرأة سفر الضرورة بغير محرم ، وخاصة إذا كانت الضرورة حفظ دينها وخشية الفتنة .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/ 230) :
" سَفَرُ الْأَسِيرَةُ إذَا تَخَلَّصَتْ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ سَفَرُ ضَرُورَةٍ ، لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ حَالَةُ الِاخْتِيَارِ ، وَلِذَلِكَ تَخْرُجُ فِيهِ وَحْدَهَا " انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قَالَ الْبَغَوِيُّ : لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ السَّفَرُ فِي غَيْرِ الْفَرْضِ إِلَّا مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ إِلَّا كَافِرَةً أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ أَسِيرَةً تَخَلَّصَتْ ، وَزَادَ غَيْرُهُ : أَوِ امْرَأَةً انْقَطَعَتْ مِنَ الرُّفْقَةِ فَوَجَدَهَا رَجُلٌ مَأْمُونٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصْحَبَهَا حَتَّى يُبَلِّغَهَا الرُّفْقَةَ " انتهى من "فتح الباري" (4/ 76) .
وقال النووي رحمه الله :
" قَالَ الْقَاضِي : وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُج فِي غَيْر الْحَجّ وَالْعُمْرَة إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَم إِلَّا الْهِجْرَة مِنْ دَار الْحَرْب , فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا أَنْ تُهَاجِر مِنْهَا إِلَى دَار الْإِسْلَام وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَحْرَم , لأَنَّ إِقَامَتهَا فِي دَار الْكُفْر حَرَام إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ إِظْهَار الدِّين , وَتَخْشَى عَلَى دِينهَا وَنَفْسهَا " انتهى من "شرح النووي على مسلم" (9 /104) .

وبناء على ذلك ، فلا حرج عليك في سفرك ، أو بقائك لإتمام دراستك من غير محرم ، حتى ولو كانت إقامتك في بلاد الكفر ، ما دامت تلك البلاد أكثر أمنا عليك من بلدك ، ولا تخشين على نفسك من الفتنة في الدين فيها .
لكن مع ذلك كله ، يجب على زوجك أن يسعى للسفر إليك ، والإقامة معك ، حتى ولو كلفه ذلك مالا زائدا ، وإذا كان بإمكانك أنت أن تساعديه ببعض الأوراق النظامية ، أو المال لأجل ذلك ، فافعلي .
وينظر جواب السؤال رقم (85045) ، ورقم (122630) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android