أنا فتاة عمري 26 سنة ، أعمل في مركز فرنسي للمكالمات في المغرب ، وهو يتعامل فقط مع شركات أجنبية فرنسية ، وعملي يقتصر على الهاتف فقط أتصل بالعملاء في فرنسا وأقدم لهم الخدمات ، مؤخرا تعاقد المركز مع شركة أجنبية في فرنسا مدة 3 أشهر على أساس أن نتصل بالأطباء في فرنسا ونطلب منهم الإميلات الخاصة بهم ، هذه الشركة تجمع الميلات الخاصة بالأطباء ، وبدأت الاتصال بالأطباء ، والحوار الذي يجري بيننا تحضره لي مسؤولة المركز. أقول للطبيب : إني أريد الإميل لأبعث له دعوة لحضور ندوة ، فيما بعد اكتشفت أن اسم الشركة الذي أقدمه للطبيب ليس حقيقيا ، وأن أمر الدعوة للندوة ليس صحيحا ؛ لأن الشركة التي تعاقد معها المركز تريد الميلات لأغراض أخرى ، أنا لا أعلم حقيقة الموضوع ، لكن أظن أن تلك الشركة تريد بيع إميلات الأطباء لشركات فرنسية أخرى .
تعامل المركز مع هده الشركة هو لمدة محدودة فقط 3 أشهر ، أما بالنسبة لباقي العمل فهو يمر بشكل جدي ومعقول ، وكذلك أحافظ فيه على صلاتي ، ولا يلزمني الاختلاط بالناس ، هذا ما شجعني عليه ، لقد بحثت عن عمل آخر ولم أجد ؛ لأنه في بلدي معظم الوظائف لا يقبلون المحجبات ، وخصوصا أني البس الخمار والقفازات ، وتم قبولي في هذا المركز ؛ لأن عملي عبر الهاتف فقط ، ولا أقابل أحدا .
أرجوكم ما موقفي من عملي ، هل يجوز أن أواصل العمل في هذا المركز ؟ ، مع العلم أني لم أجد وظيفة أخرى ؛ لأني أرتدي الحجاب الشرعي ، كذلك المركز يفرض علي أن أقدم نفسي باسم أجنبي ، لأن العملاء أجانب ؛ فهل يجوز هذا ؟
طبيعة عملها بالشركة يقتضي الغش والكذب والتدليس ، هل يجوز لها الاستمرار في العمل بهذه الشركة ؟
السؤال: 181621
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
عملك في هذا المركز فيما يخص التعامل مع هذه الشركة يتضمن عدة محاذير شرعية ، منها :
أولا :
اشتمال العمل على الغش والكذب والتدليس ، فاسم الشركة الذي يقدم للطبيب غير حقيقي ، والدعوة لحضور الندوة غير صحيحة ، مع تقديمك نفسك للعميل باسم أجنبي غير اسمك الحقيقي ، وهذا كله لا يجوز .
قال ابن باز رحمه الله :
” إن الله سبحانه وتعالى أوجب على المسلمين الصدق والنصح في جميع المعاملات , وحرم عليهم الكذب والغش والخيانة , وما ذاك إلا لما في الصدق والنصح وأداء الأمانة من صلاح أمر المجتمع والتعاون السليم بين أفراده والسلامة من ظلم بعضهم لبعض وعدوان بعضهم على بعض , ولما في الغش والخيانة والكذب من فساد أمر المجتمع وظلم بعضه لبعض وأخذ الأموال بغير حقها وإيجاد الشحناء والتباغض بين الجميع ” انتهى من “مجموع فتاوى ابن باز” (4 /103) .
وقال أيضا :
” إذا كانت المعاملة بالكذب فلا تجوز ، لا تجوز معاملة الكذب والخداع ، المسلم يجب أن يحذر الكذب والخداع ” انتهى من “مجموع فتاوى ابن باز” ( 28 /123) .
وسئل ابن عثيمين رحمه الله :
بالنسبة لبعض الأشخاص يستغل اسم غيره في إقامة أو فتح مؤسسة تجارية ، -مثلا- أحد الموظفين في الدولة ، وقرار الدولة يمنع الموظف من أن يفتح محلا تجاريا هل يجوز أن يفتح عملا تجاريا باسم غيره أم لا ؟
الشيخ : أسألك : هل هذا كذب أو صدق ؟
السائل : هذا كذب.
الشيخ : هل الكذب جائز ؟
السائل : ليس بجائز .
الشيخ : هل هذا من النصح للدولة أم من الغش؟
السائل : من الغش؟
الشيخ : المال المكتسب من عمل مبني على الكذب والغش هل هو باطل ، أم حق؟
السائل : هو باطل.
الشيخ : إذاً ثلاثة محاذير في هذه المسألة : الكذب ، وغش الدولة ، وأكل المال بالباطل ، وعلى هذا فإنه حرام ، ولا يجوز للإنسان أن يستعير اسم غيره ليفعل ما منعته الدولة ” . انتهى من
“لقاء الباب المفتوح” (8 /23) .
ثانيا :
كون الشركة التي تعاقد معها المركز تريد إيميلات الأطباء لأغراض غير معروفة يحمل على إساءة الظن بها ، وخاصة مع ما تقدم من اعتمادها الغش والكذب في التعامل مع العملاء ، وقد يتسبب ذلك في حصول أضرار ومفاسد متعددة ، فلا بد من الإفصاح للعملاء بحقيقة الغرض من طلب الإيميلات منهم ، ثم هم من بعد ذلك لهم الحق في الموافقة أو الرفض .
ثالثا :
بيع الشركة إيميلات الأطباء التي حصلت عليها بالغش والتدليس والكذب دون إذن منهم لا يجوز ، وهو خلاف الأمانة التي يجب أن يتحلى بها العاملون في أي مجال .
فلا يجوز العمل مع هذه الشركة والحال ما ذكرت .
ويمكنك طلب إجازة من العمل مدة هذه الأشهر التي يتعامل فيها المركز مع هذه الشركة ، فإذا انقضت مدة التعاقد معها رجعت إلى عملك الذي تنتفي عنه تلك المحاذير .
يراجع للفائدة مراجعة إجابة السؤال رقم : (135514) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة