0 / 0

لعبة “الليدو” هل هي من النرد المحرم ؟

السؤال: 181642

سؤالي هو " هل يحرم اللعب بلعبة تسمى الليدو " ، وطبيعة لعبة " الليدو " هي نفس طبيعة لعبة الطاولة ، وفي موقعكم قد أشرتم إلى تحريم اللعب بالطاولة ، وقدمت حديثاً في تحريم لعب الطاولة ، وقد أضفتم أيضاً إلى أن جميع الألعاب التي تتم بالنرد " الزهر " كلها حرام . مما يجعلني أستنتج بأن لعبة " الليدو " حرام ، ولكن لا يصح لي الاجتهاد في هذا الأمر لأنني لست عالماً . من فضلكم أرجو تزويدي بمصادر الحديث الذي ذكرتموه في إجابتكم على السؤال رقم (95409) الخاص بحكم لعب الطاولة .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
تقدم في إجابة السؤال رقم (95409) بيان تحريم لعبة الطاولة ، وأن كل لعبة يدخل فيها الزهر فهي حرام لأنها من النرد المنهي عنه .
ولعبة "الليدو" لا تخرج عن هذا المعنى ؛ فهي لعبة تعتمد على الزهر كما في الطاولة ، وتتكون من ورقة اللعبة ، وحجر الزهر ، وأربع قطع مختلفة اللون ، لكل لاعب قطعة ، يضع كل لاعب قطعته في وسط الدائرة الموجودة في ورقة اللعبة ، ثم يلقي اللاعب الأول الزهر ، ويجاوب عن المسألة التي في دائرته حسب رقم الزهر الذي خرج له ، فإذا أجاب إجابة صحيحة خرج من دائرة البداية إلى نقطة الانطلاق ، وإذا أجاب خطأ بقي في مكانه ، ثم ينتقل الزهر إلى اللاعب الآخر ، وهكذا .
فحيث إنها تعتمد أساسا على رمي الزهر كما في النرد فهي لعبة محرمة .
ثانيا :
جاء في "المعجم الوسيط" (2/912) :
" ( النرد ) لعبة ذات صندوق وحجارة وفصين تعتمد على الحظ ، وتنقل فيها الحجارة على حسب ما يأتي به الفص ( الزهر ) ، وتعرف عند العامة ب ( الطاولة ) " انتهى .
وقد روى مسلم (2260) وأبو داود (4939) وابن ماجة (3763) وأحمد (22470) عن بريدة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ ).
قال النووي رحمه الله :
" قَالَ الْعُلَمَاء : النَّرْدَشِير هُوَ النَّرْد , فَالنَّرْد عَجَمِيّ مُعَرَّب , وَ ( شِير ) مَعْنَاهُ حُلْو ، وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة لِلشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُور فِي تَحْرِيم اللَّعِب بِالنَّرْدِ " انتهى .
وروى أبو داود (4938) وابن ماجة (3762) وأحمد (19027) والبيهقي (21478) عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) . وحسنه الألباني في " صحيح الجامع " رقم (6529) .

وروى البخاري في "الأدب المفرد" (1270) عن عبد الله بن مسعود قال : ( إياكم وهاتين الكعبتين الموسومتين اللتين تزجران زجرا ؛ فإنهما من الميسر ) . صححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد" برقم (1270).
والكعبتان هما فصّا النرد ، والموسومتان : المعلمتان ، يعني بنقط .

ولأجل عدهما من الميسر ، استدل بعض أهل العلم بقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) المائدة/ 90، 91 ، قال القرطبي رحمه الله :
" هذه الآية تدل على تحريم اللعب بالنرد والشطرنج ، قمارا أو غير قمار " انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (6 /291) .

وروى البخاري في الأدب المفرد أيضا (1274) عن عائشة رضي الله عنها: " أنها بلغها أن أهل بيت في دارها- كانوا سكاناً فيها- عندهم نرد، فأرسلت إليهم : " لئن لم تُخرجوها لأخرجنكم من داري"، وأنكرت ذلك عليهم . حسنه الألباني في " صحيح الأدب المفرد " برقم (1274).

وروى أيضا (1275) عن كلثوم بن جبر قال: "خطبنا ابن الزبير، فقال: " يا أهل مكة! بلغني عن رجال من قريش يلعبون بلعبة يقال لها: النردشير ، وإني أحلف بالله : لا أوتى برجل لعب بها إلا عاقبته في شعره وبشره ، وأعطيت سلبه لمن أتاني به". حسنه الألباني في " صحيح الأدب المفرد" برقم (1275) .
وروى (1277) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "اللاعب بالفصّين قماراً كآكل لحم الخنزير، واللاعب بهما غير قمار كالغامس يده في دم خنزير".
صححه الألباني في " صحيح الأدب المفرد" برقم (1277) .
ثالثا :
قال شمس الدين الرملي الشافعي رحمه الله :
" مُعْتَمَدُ النَّرْدِ الْحَزْرُ وَالتَّخْمِينُ الْمُؤَدِّي إلَى غَايَةٍ مِنْ السَّفَاهَةِ وَالْحُمْقِ ، قَالَ الرَّافِعِيُّ : كُلُّ مَا مُعْتَمَدُهُ التَّخْمِينُ يَحْرُمُ " انتهى مختصرا من "نهاية المحتاج" (8 /295) .

وقال قليوبي في "حاشيته" (4/320) : " والنرد هو المعروف الآن بالطاولة " .

وعدّ ابن حجر الهيتمي اللعب بالنرد من الكبائر ، كما في كتابه "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (3 /45) وقال رحمه الله بعد أن ساق الأخبار الواردة فيه :
" عَدُّ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْبَيَانِ ، نَقْلًا عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ فَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا : يَحْرُمُ اللَّعِبُ بِهِ ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَيُفَسَّقُ بِهِ وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ ، انْتَهَى . وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ فَصَرَّحَ بِهِ فِي حَاوِيهِ ، وَعِبَارَتُهُ : الصَّحِيحُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ تَحْرِيمُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَأَنَّهُ فِسْقٌ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ ، انْتَهَتْ ، وَتَبِعَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ عَلَى عَادَتِهِ فَقَالَ بَعْدَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَأَكْرَهُ اللَّعِبَ بِالنَّرْدِ لِلْخَبَرِ : قَالَ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا : يُكْرَهُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ وَالْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ .
وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : الصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ : مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ عَالِمًا بِمَا جَاءَ فِيهِ ، مُسْتَحْضِرًا لَهُ : فُسِّقَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ فِي أَيِّ بَلَدٍ كَانَ ، لَا مِنْ جِهَةِ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ ، بَلْ لِارْتِكَابِ النَّهْيِ الشَّدِيدِ .." انتهى من "الزواجر" (3 /246-248) .

فتبين بما سبق من النصوص الشرعية تدل على أن النرد محرم ، وقد تواردت على ذلك نصوص أهل العلم ؛ والنرد هو المعروف اليوم بالطاولة ، وكل ما كان في معناه ، مما يستخدم له الزهر ، فهو محرم مثله ، يجب اجتنابه كله ، ومن ذلك لعبة الليدو .
راجع لمزيد الفائدة أجوبة الأسئلة رقم (95409) ، (20962) ، (111691) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android