تنزيل
0 / 0

هل يشرع لنا فعل أذان عثمان يوم الجمعة ونحن ممنوعون من الجهر بالأذان أصلاً ؟

السؤال: 182169

ما حكم الأذان الأول قبل دخول الإمام في صلاة الجمعة لمسجد لا يوجد به سماعات خارجية وأعني مسجد الجامعة بالولايات الأمريكية بمدينة تلسا ؛ لأن الأذان الأول أتى به الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وكانت الحكمة هي أن الأذان الأول للتذكير بقرب صلاة الجمعة ، وذالك لاتساع المدينة ، والذي في أطراف المدينة يصعب عليه سماعهم ، والحكمة الثانية أن يذكر الناس بموعد صلاة الجمعة وعليهم بترك الملهيات والأسواق والتوجه إلى المسجد ، والله أعلم .
المسألة هي :
أن مسجد الجامعة لا يوجد به مآذن خارجية لتذكير الناس ، وأغلب الناس هناك تعودوا على وقت محدد طول العام على صلاة الجمعة ، فما حكم الأذان الأول لجامع ” تلسا ” حينما لا تتوفر فوائد الأذان الأول ؟ وهل من الأفضل أن اتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على سنَّة عثمان بن عفان رضي الله عنه ؟ لأنه في بعض الأوقات يكون بين الأذان الأول والأذان الثاني حينما يسلم الإمام أقل من عشر دقائق ! فما الواجب علينا فعله في هذه الحالة ؟ .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الذي يُقطع به وعليه إجماع المسلمين أن الجمعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
وعهد أبي بكر وعمر كان لها أذان واحد ، ولما كان عهد عثمان وتباعدت البيوت عن
المسجد النبوي – وكان هو مسجدَهم الذي يجمعون فيه – رأى أن زاد أذاناً قبل الزوال
بمدة على دار له في السوق يقال لها ” الزَّوْراء ” تنبيهاً للناس على قرب صلاة
الجمعة للاستعداد للذهاب إليها .
عن السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه قَالَ : ” كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ
الْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَثُرَ
النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ ” .
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ – أي : البخاري – : الزَّوْرَاءُ : مَوْضِعٌ بِالسُّوقِ
بِالْمَدِينَةِ .
رواه البخاري ( 912 ) .
وقوله ” زاد النداء الثالث ” معناه أن للجمعة ثلاثة نداءات : الأذان الأول الذي
زاده عثمان رضي الله عنه ، والأذان الثاني الذي يكون عند الخطبة ، والأذان الثالث
وهو الإقامة ؛ لأن الإقامة تسمى أذاناً .
وقد أنكر بعض الصحابة كابن عمر رضي الله عنه وبعض أتباع التابعين كسفيان الثوري
رحمه الله هذا الأذان مطلقاً ، ورضيه جمهور العلماء مطلقاً ولو كثرت الجوامع
وتقاربت البيوت .
وتوسطت طائفة ثالثة من العلماء فقبلت بأذان عثمان لكن مقيَّداً بعلة إحداثه وإيجاده
وهو كثرة البيوت وبُعدها عن المسجد ، والاستغناء عنه حال عدم الحاجة إليه .
والذي نراه : أنه ينبغي لمن أخذ بأذان عثمان أن لا يجعله تشريعاً مستقلاًّ ، بل هو
اجتهاد صحابي جليل ، ومن أخذ بأذان عثمان رضي الله عنه فلا يَجعله بعد دخول وقت
الزوال ، ولا يجعل بينه وبين الأذان الثاني فترة قصيرة ؛ لأنه لن يكون مفيداً في
هذه الحال .

ونرى أن المذهب الوسط هو
الصواب : وأن من استغنى عنه فلا حاجة لأن يقيمه ويفعله كأن يكون ثمة مكبرات للصوت
ينادَى بها من خلالها ، وكوجود كثرة للمساجد التي تنادي بالأذان .
وهذا يقال في مثل حالتكم : فإنه إذا كنتم ممنوعين من رفع الأذان في مكبرات الصوت
خارج المسجد ، لا الأذان الأول ، ولا الأذان الثاني ؛ فما الحاجة إلى تكرير الأذان
داخل المسجد ، في حين أنه لا يسمعه إلا الحاضرون في المسجد ؛ وإنما الذي يظهر
الاكتفاء بالأذان الأصلي لصلاة الجمعة ، كما هو الحال في باقي الصلوات ، إقامة
لشعيرة الأذان بقدر الاستطاعة .

قال الشيخ الألباني – رحمه
الله – : ” لا نرى الاقتداء بما فعله عثمان رضي الله عنه على الإطلاق ودون قيد ؛
فقد علمنا مما تقدم أنه إنما زاد الأذان الأول لعلة معقولة وهي ” كثرة الناس وتباعد
منازلهم عن المسجد النبوي ” فمن صرف النظر عن هذه العلة وتمسك بأذان عثمان مطلقا :
لا يكون مقتدياً به رضي الله عنه ، بل هو مخالف لعثمان أن يزيد على سنَّته عليه
الصلاة والسلام وسنَّة الخليفتين من بعده .
فإذن إنما يكون الاقتداء به رضي الله عنه حقّاً عندما يتحقق السبب الذي من أجله زاد
عثمان الأذان الأول وهو ” كثرة الناس وتباعد منازلهم عن المسجد ” كما تقدم ” انتهى
من ” الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة ” ( ص 20 ) .

وقال الشيخ أحمد شاكر – رحمه
الله – : ” وحرصوا على إبقاء الأذان قبل خروج الإمام ، وقد زالت الحاجة إليه ؛ لأن
المدينة لم يكن بها إلا المسجد النبوي ، وكان الناس كلهم يجمعون فيه وكثروا عن أن
يسمعوا الأذان عند باب المسجد فزاد عثمان الأذان الأول ليعلم من بالسوق ومن حوله
حضور الصلاة ، أما الآن وقد كثرت المساجد وبنيت فيها المنارات وصار الناس يعرفون
وقت الصلاة بأذان المؤذن على المنارة : فإنا نرى أن يُكتفى بهذا الأذان وأن يكون
عند خروج الإمام اتباعاً للسنَّة ، أو يؤمر المؤذنون عند خروج الإمام أن يؤذنوا على
أبواب المساجد ” انتهى من هامش ” سنن الترمذي ” ( 2 / 392 ، 393 ) .
وانظر جواب السؤال رقم (
97888 ) .

والله أعلم

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android