تنزيل
0 / 0

هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على شهداء أحد صلاة الجنازة المعروفة ؟

السؤال: 183015

المعلوم أن الشهيد لا يصلى عليه ، فما هو السبب الذي جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي على شهداء أحد ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
روى البخاري (4042) ومسلم (2296) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : ” صَلَّى
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ
ثَمَانِي سِنِينَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ ” .
وفي لفظ : ” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمًا
فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ” رواه البخاري (1344)
ومسلم (2296) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه – أيضا -.

ثانياً :
استدل بعض العلماء – ومنهم الأحناف – على مشروعية الصلاة على شهيد المعركة بصلاة
النبي صلى الله عليه وسلم على شهداء أحد .
قال العيني رحمه الله : ” قَالَ الْخَطَّابِيُّ : فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَلَّى عَلَى أَهْل أُحُد بَعْد مُدَّة , فَدَلَّ عَلَى
أَنَّ الشَّهِيد يُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ مَاتَ حَتْف أَنْفه ,
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَة وَأَوَّلَ الْخَبَر فِي تَرْك الصَّلَاة
عَلَيْهِمْ يَوْم أُحُد عَلَى مَعْنَى اِشْتِغَاله عَنْهُمْ وَقِلَّة فَرَاغه
لِذَلِكَ , وَكَانَ يَوْمًا صَعْبًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَعُذِرُوا بِتَرْكِ
الصَّلَاة عَلَيْهِمْ ” انتهى من ” عمدة القاري شرح صحيح البخاري ” ( 12 / 492 ) .

أما جمهور العلماء الذين
يرون أن شهيد المعركة لا يُصلى عليه ، فقد أجابوا عن حديث عقبة بن عامر السابق بعدة
أجوبة :
1 . أن المقصود بصلاته صلى الله عليه وسلم على شهداء أحد ، أي : أنه دعا لهم .
2 . أن هذا خاص بشهداء أحد ، بدليل أنه لم ينقل أنه صلى على غيرهم من الشهداء .
3 . أن هذا خاص به عليه الصلاة والسلام .

قال ابن حجر رحمه الله : ”
فَإِنَّ صَلَاته عَلَيْهِمْ تَحْتَمِل أُمُورًا أُخَر : مِنْهَا أَنْ تَكُون مِنْ
خَصَائِصه , وَمِنْهَا أَنْ تَكُون بِمَعْنَى الدُّعَاء كَمَا تَقَدَّمَ ، ثُمَّ
هِيَ وَاقِعَة عَيْن لَا عُمُوم فِيهَا , فَكَيْفَ يَنْتَهِض الِاحْتِجَاج بِهَا
لِدَفْعِ حُكْم قَدْ تَقَرَّرَ ؟ ” انتهى من ” فتح الباري شرح صحيح البخاري ” .

وقال الحافظ عبد الرحيم بن
الحسين العراقي : ” وَأَمَّا هَذِهِ الصَّلَاةُ فَفِيهَا جَوَابَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الدُّعَاءُ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا
صَلَاةَ الْجِنَازَةِ الْمَعْهُودَةِ ، قَالَ النَّوَوِيُّ : أَيْ دَعَا لَهُمْ
بِدُعَاءِ صَلَاةِ الْمَيِّتِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ بِشُهَدَاءِ أُحُدٍ ، فَإِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ
عَلَيْهِمْ قَبْلَ دَفْنِهِمْ كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ ،
وَإِنَّمَا صَلَّى عَلَيْهِمْ فِي الْقُبُورِ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ
وَالْحَنَفِيَّةُ يَمْنَعُونَ الصَّلَاةَ عَلَى الْقَبْرِ مُطْلَقًا ،
وَالْقَائِلُونَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ يُقَيِّدُونَهُ بِمُدَّةٍ
مَخْصُوصَةٍ لَعَلَّهَا فَائِتَةٌ هُنَا ، وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ
وَاجِبَةً لَمَا تَرَكَهَا فِي الْأَوَّلِ ” انتهى من ” طرح التثريب ” ( 3 / 295 )
.

فالحاصل – على رأي الجمهور –
: أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على شهداء أحد ليس المراد منها الصلاة الشرعية
المعروفة بصلاة الجنازة ، بل المراد بالصلاة هنا الصلاة بالمعنى اللغوية ، وهو
الدعاء ، فهو صلى الله عليه وسلم قد دعا لشهداء أحد ، وقوله في الحديث : ( كصلاته
على الميت ) لبيان أن هذا الدعاء مخصوص ، فهو كالدعاء الذي يكون في الصلاة على
الميت ، وعلى فرض : أنه صلى عليهم الصلاة المعروفة ، فهو محمول على الخصوصية.

والقول الأول ذهب إليه بعض
السلف ، وهو مذهب الأحناف كما سبق ، واختاره ابن القيم رحمه الله ، قال : ”
وَالصَّوَاب فِي الْمَسْأَلَة : أَنَّهُ مُخَيَّر بَيْن الصَّلَاة عَلَيْهِمْ
وَتَرْكهَا لِمَجِيءِ الْآثَار بِكُلِّ وَاحِد مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَهَذَا إِحْدَى
الرِّوَايَات عَنْ الْإِمَام أَحْمَد , وَهِيَ الْأَلْيَق بِأُصُولِهِ وَمَذْهَبه ،
وَاَلَّذِي يَظْهَر مِنْ أَمْر شُهَدَاء أُحُد : أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ
عِنْد الدَّفْن ، وَقَدْ قُتِلَ مَعَهُ بِأُحُدٍ سَبْعُونَ نَفْسًا , فَلَا يَجُوز
أَنْ تَخْفَى الصَّلَاة عَلَيْهِمْ . وَحَدِيث جَابِر بْن عَبْد اللَّه فِي تَرْك
الصَّلَاة عَلَيْهِمْ صَحِيح صَرِيح , وَأَبُوهُ عَبْد اللَّه أَحَد الْقَتْلَى
يَوْمَئِذٍ , فَلَهُ مِنْ الْخِبْرَة مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ . وَقَدْ ذَهَبَ
الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب إِلَى أَنَّهُمْ يُغَسَّلُونَ
وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ . وَهَذَا تَرُدّهُ السُّنَّة الْمَعْرُوفَة فِي تَرْك
تَغْسِيلهمْ ، فَأَصَحّ الْأَقْوَال : أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُونَ , وَيُخَيَّر فِي
الصَّلَاة عَلَيْهِمْ . وَبِهَذَا تَتَّفِق جَمِيع الْأَحَادِيث وَبِاَللَّهِ
التَّوْفِيق ” انتهى من “تهذيب سنن أبي داود” (2/87) .

وللفائدة ينظر جواب السؤال
رقم : (14012) .

والله أعلم

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android