أريد الحكم مع الدليل في مشروعية بيع الحيوانات الحية مثل الأبقار والأغنام والدواجن لرجل كافر ليس من أهل الكتاب ، والذي سيقوم بذبحها لغير المسلمين بطريقة غير إسلامية وأكلها، لقد قرأت الرأي التالي الذي سأعرضه عليكم لكني أريد أدلة أخرى عند حضرتكم؟
سئل الإمام بن حجر الهيثمي الشافعي المذهب عن حكم بيع المسك للكافر ويعلم البائع أنه يشتريه لصنمه أو بيع حيوان لحربي والذي سيقتله بدون ذبحه بطريقة إسلامية لأكله؟
فرد قائلا : يحرم البيع في الحالتين، لأنه إذا عرف البائع أن المشتري سيستخدم الشيء الذي يشتريه في حرام ، فيحرم عليه بيع هذا الشيء ، فبيع المسك لوضعها على اصنام وبيع حيوان للأكل بدون ذبحه بطريقة إسلامية إثمين عظيمين.
لأن أصح الآراء أن أحكام الشريعة موجهة لغير المسلمين كما هي موجهة للمسلمين،
راجع كتاب الفتاوى الفقهية الكبرى 5/43،
فما رأيكم وهل عندكم أدلة أخرى أو آراء أخرى مخالفة ؟
لا يجوز للمسلم أن يبيع الحيوان الحي مأكول اللحم لكافر يعلم أنه يقتله بلا ذبح شرعي
السؤال: 183899
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
سُئِلَ ابن حجر الهيتمي الفقيه الشافعي رحمه الله :
مَا الْحُكْمُ فِي بَيْعِ نَحْوِ الْمِسْكِ لِكَافِرٍ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَشْتَرِيه لِيُطَيِّبَ بِهِ صَنَمَهُ وَبَيْعِ حَيَوَانٍ لِحَرْبِيٍّ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ بِلَا ذَبْحٍ لِيَأْكُلَهُ ؟
فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ : ” يَحْرُمُ الْبَيْعُ فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا شَمَلَهُ قَوْلُهُمْ : كُلُّ مَا يَعْلَمُ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَعْصِي بِهِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بَيْعُهُ لَهُ ، وَتَطْيِيبُ الصَّنَمِ وَقَتْلُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ بِغَيْرِ ذَبْحٍ مَعْصِيَتَانِ عَظِيمَتَانِ وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ كَالْمُسْلِمِينَ فَلَا تَجُوزُ الْإِعَانَةُ عَلَيْهِمَا بِبَيْعِ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِفِعْلِهِمَا ، وَكَالْعِلْمِ هُنَا غَلَبَةُ الظَّنِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ” انتهى من “الفتاوى الفقهية الكبرى” (2/ 270) .
والأصل الشرعي الذي بنى عليه رحمه الله فتواه هو أنه لا يجوز إعانة أحد من المسلمين أو غير المسلمين على معصية الله تعالى ؛ لعموم قوله سبحانه : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة /2 .
والكفار مخاطبون بأصول الشريعة وفروعها ، فالمحرم علينا محرم عليهم أيضا ، وهم يُسألون عنه يوم القيامة كما يُسأل المسلمون .
وينظر إجابة السؤال رقم (151406) .
وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة ، فروى الترمذي (1295) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ عَشْرَةً : عَاصِرَهَا ، وَمُعْتَصِرَهَا ، وَشَارِبَهَا ، وَحَامِلَهَا ، وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ ، وَسَاقِيَهَا ، وَبَائِعَهَا ، وَآكِلَ ثَمَنِهَا ، وَالْمُشْتَرِي لَهَا ، وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ ) وصححه الألباني في “صحيح الترمذي ” .
وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ ، وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ ) .
وسئل الإمام أحمد رحمه الله عن نصارى وقفوا ضيعة للبيعة: أيستأجرها الرجل المسلم منهم؟
فقال: ” لا يأخذها بشيء، لا يعينهم على ما هم فيه ” .
انتهى من “اقتضاء الصراط المستقيم” (2/ 20) .
وجاء في “الموسوعة الفقهية” (9/213) : ” ذهب الجمهور إلى أن كل ما يقصد به الحرام , وكل تصرف يفضي إلى معصية فهو محرم , فيمتنع بيع كل شيء عُلم أن المشتري قصد به أمرا لا يجوز ” انتهى .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله :
” أَمَّا مُعَامَلَةُ التَّتَارِ فَيَجُوزُ فِيهَا مَا يَجُوزُ فِي أَمْثَالِهِمْ ، وَيَحْرُمُ فِيهَا مَا يَحْرُمُ مِنْ مُعَامَلَةِ أَمْثَالِهِمْ فَيَجُوزُ أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ مِنْ مَوَاشِيهِمْ وَخَيْلِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، كَمَا يَبْتَاعُ مِنْ مَوَاشِي التُّرْكُمَانِ وَالْأَعْرَابِ وَالْأَكْرَادِ وَخَيْلِهِمْ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُمْ مِنْ الطَّعَامِ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مَا يَبِيعُهُ لِأَمْثَالِهِمْ ، فَأَمَّا إنْ بَاعَهُمْ وَبَاعَ غَيْرَهُمْ مَا يُعِينُهُمْ بِهِ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ، كَالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ لِمَنْ يُقَاتِلُ بِهِ قِتَالًا مُحَرَّمًا فَهَذَا لَا يَجُوزُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) ، وَفِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَّهُ لَعَنَ فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً : لَعَنَ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَسَاقِيَهَا وَشَارِبَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا ) فَقَدْ لَعَنَ الْعَاصِرَ وَهُوَ إنَّمَا يَعْصِرُ عِنَبًا يَصِيرُ عَصِيرًا وَالْعَصِيرُ حَلَالٌ يُمْكِنُ أَنْ يُتَّخَذَ خَلًّا وَدِبْسًا وَغَيْرَ ذَلِكَ ” .
انتهى من “مجموع الفتاوى” (29/ 275) .
فلا تجوز مبايعة من يستعين ببيعه أو شرائه على معصية الله ، ويتأكد ذلك في الكافر الحربي.
قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله :
” بسط شيخ الإسلام الكلام على مبايعة أهل الذمة ، ومنع من بيع ما يستعينون به على كفرهم وأعيادهم ، وأما الكافر الحربي ، فلا يمكن مما يعينه على حرب أهل الإسلام ، ولو بالميرة والمال ونحوه ، والدواب ، والرواحل ، حتى قال بعضهم بتحريق ما لا يتمكن المسلمون من نقله في دار الحرب ، من أثاثهم وأمتعتهم ، ومنعهم من الانتفاع به ” .
انتهى من “الدرر السنية في الأجوبة النجدية” (8/ 340)
والحاصل أن الكافر الذي يذبح على غير اسم الله أو يذبح بغير الطريقة الشرعية ، تصير ذبيحته ميتة نجسة ، وفي هذا قتل للحيوان بغير حق ، وذهاب منفعته سدى ، ومثل هذا محرم لا تجوز الإعانة عليه ، فمتى علمنا أو غلب على الظن أن الكافر يشتري البهيمة ليذبحها بطريقة محرمة ، لم يجز بيعها له ، وأما إن كان يشتريها ليربيها ويبيعها على غيره فلا بأس ببيعها له.
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة