أحد ركائز الإسلام الأساسية هي أن الناس كلهم سواسية أمام الله ، وحين نصلي وفي نهاية الصلاة بعد التشهد نسأل الله الصلاة والسلام على النبي وآله ، ولا نصلي على باقي الأمة ولا الصحابة .. إلخ ، وفي ضوء هذا أرجو من فضيلتكم من هم المقصودون بآل النبي ؟
يسأل : لماذا نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله في الصلاة ، ولا نصلي على باقي الأمة من الصحابة وغيرهم ؟
السؤال: 184660
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
التسليم لله ولرسوله أصل من أصول دين الإسلام ، الذي لا يتم إلا به ، قال تعالى : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء/ 65 .
والتسليم قاطع لمحالّ الشكوك ، مفسد على الشيطان وسوسته ، به يحصل اليقين ويكمل الإيمان ، ولا يحتاج العبد معه إلى لِم؟ ولا كيف ؟
ثانيا :
الناس سواسية من حيث كونهم عبيدا لله ، ثم يتفاضلون بعد ذلك بالتقوى ، كما قال الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات/ 13 .
وقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى ، أَبَلَّغْتُ ؟ ) قَالُوا : بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه أحمد (22978) وصححه الألباني في “الصحيحة” (2700) .
ثالثا :
السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى عباد الله الصالحين في الصلاة إنما يكون في التشهد ، ثم تكون بعد ذلك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله .
فالسلام يكون على عموم عباد الله الصالحين في السماء والأرض ؛ كما روى البخاري (831) ومسلم (402) عن ابن مسعود قال : ” كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ : ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)
أما الصلاة والبركة فالمشروع جعلها للنبي صلى الله عليه وسلم وآله بعد التشهد .
وهذا التشريع ، وهذه الخصوصية ، إنما هو مما شرعه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بالاقتداء به فيه والعمل بسنته ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ) رواه البخاري (631) .
والله تعالى يتفضل على من يشاء من عباده بما يشاء من فضله وجوده ، لا يسأل عما يفعل ، ولا يعارض شرعه بما قد يتهيأ في النفوس من خيالات وأوهام ، وقد قال سبحانه وتعالى : ( يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) آل عمران/ 74 .
وقال عز وجل : ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) المائدة/ 54 ، ومعلوم أن لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من الخصوصية والفضيلة ، ما ليس لغيرهم .
ثم إن فضل الله قد حصل للصالحين من عباده بالسلام عليهم كما تقدم ، ولا يلزم المساواة في الفضل بين الفاضلين في كل شيء بطبيعة الحال .
وقد علّمنا نبينا صلى الله عليه وسلم أصحابه الصلاة عليه حينما قالوا له : ” يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ فقَالَ : ( قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) رواه البخاري (6357) ومسلم (406) .
فهكذا تكون الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ، ولم يقل واحد منهم : يا رسول الله ما بالنا نصلي عليك وعلى آلك ، ولا نصلي على أنبياء الله ورسله ، ولا على أحد من أصحابك ولا أحد من أمتك ؟ وإنما قالوا كما أخبر الله عنهم وعن عباده المؤمنين : سمعنا وأطعنا . وهذا هو الواجب علينا .
رابعا :
المراد بآل النبي صلى الله عليه وسلم : أزواجه وذريته وبنو هاشم وبنو عبد المطلب ومواليهم . راجع جواب السؤال رقم : (10055) .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة