عندي مبلغ من المال ، وضعته عند تاجر ليعطيني نسبة معلومة من الربح شهريا ، وأتحمل الخسارة إن وقعت .
وطريقته كما يلي : إن نقص ربح الألف عن عشرين دينارا شهريا يكمل من ربحه هو إلى هذا الحد ، ويزعم أن فعله هذا حلال ؛ لأنه تبرع منه بدون شرط ، ولكن أشكل علي أن استمراره على ذلك يجعله معروفا ، والمعروف عرفا كالمشروط شرطا ، وأنه يدفعه إلى ذلك خشية سحب الناس أموالهم من عنده إذا قل الربح ، فاشتبه علي الأمر .
حكم تطوع التاجر بضمان حد أدنى من الربح في عقد المضاربة
السؤال: 184918
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
تحديد حد أدنى من الربح يدفعه المضاربُ لصاحب المال له ثلاث صور :
الصورة الأولى : أن يتم ذلك بناء على شرطٍ تم الاتفاق عليه عند التعاقد ، أو وفق التزامٍ من التاجر ” المضارب ” لأصحاب الأموال عند دفعهم أموالهم .
فقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة : على منع هذا الشرط وحرمته ، وأنه يؤول بالعقد إلى البطلان والفساد .
قال ابن المنذر رحمه الله : ” أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القِراض [ وهو عقد المضاربة ] إذا شَرط أحدُهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة ” ينظر ” المغني ” لابن قدامة (5/28) .
وقد سبق التوسع في تقرير ذلك في إجابة السؤال رقم : (65689) .
ومثله في الحكم : ما لو كان أمراً متعارفاً عليه ؛ لأن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً ، أو أعلن المضاربُ سلفاً استعداده بالتطوع بذلك بحيث تواطآ على ذلك قبل العقد ، ولكن لم ينص عليه في العقد إبقاءً على صورة التطوع .
ففي كل هذه الحالات : لا تجوز هذه المعاملة .
قال الشيخ يوسف الشبيلي حفظه الله : ” تطوع المضارب بالضمان … يكون محرماً إذا كان مشروطاً في العقد أو متعارفا عليه أو أعلن البنك أمام المستثمرين قبل العقد تبرعه بذلك ” انتهى من ” الخدمات الاستثمارية في المصارف ” (2/139) .
الصورة الثانية : أن يتطوع التاجر المضارب نفسُه بضمان حدٍّ أدنى من الربح بعد العقد وقبل حلول الخسارة ، من غير اشتراط مسبق في صلب العقد ، ولكن يخبر المضاربُ صاحبَ المال بذلك بهدف تشجيع صاحب المال على إبقاء رأس المال بيده .
وهذه الصورة وإن كان حكي فيها قول لبعض المالكية بجوازها ، إلا أن أكثرهم على تحريمها .
جاء في ” مواهب الجليل ” (5/360) : ” لَوْ تَطَوَّعَ الْعَامِلُ [ أي المضارب ] بِضَمَانِ الْمَالِ ، فَفِي صِحَّةِ الْقِرَاضِ خِلَافٌ بَيْن الشُّيُوخِ ، فَذَهَبَ ابْنِ عَتَّابٍ إلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ ، وَحَكَى إجَازَتَهُ عَنْ شَيْخِهِ مُطَرِّفٍ ابْنُ بَشِيرٍ .
وَقَالَ غَيْرُهُمَا : لَا يَجُوزُ ، وَمَال إلَيْهِ ابْنُ سَهْلٍ ” انتهى .
وجاء في ” شرح الزرقاني ” (6/323) :”كلامهم يفيد أن القولين متساويان ، وليس كذلك ، بل القول بالمنع هو الظاهر نقلاً ومعنى ” .
ثم قال : ” لا يتصور التطوع الحقيقي قبل شغل المال أو بعده وبعد نضوضه ، لأن العقد غير لازم .. ولاحتمال أن يكون تبرعه بعد الشروع بالضمان إنما هو لأجل أن يبقى المال بيده بعد نضوضه ” انتهى .
وعلى هذا ، فالأقرب منع تطوع العامل بضمان حد أدنى من الربح ولو كان ذلك بعد العقد ؛ لأنه متهم برغبته باستدراج رب المال لإبقاء رأس المال بيده .
وقد سألنا شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى عن هذه الصورة ، فأفتى بالمنع ، وقال : ” هذا ليس تبرعاً ؛ لأن هدفه ليس الإحسان ، بل جذب رؤوس الأموال ” انتهى كلامه .
الصورة الثالثة : أن يتطوع العامل بضمان قدر من الخسارة الحاصلة بعد وقوعها وانقضاء العمل والشراكة : فهذا لا بأس به ، ما دام الضمان غير مشروط لا نصاً ولا عرفاً ؛ لأنها في هذه الحال محض تبرع من العامل .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة