0 / 0
126,13629/12/2012

عقوبة السحاق في الدنيا والآخرة

السؤال: 185099

ما هي عقوبة السحاق في الدنيا والآخرة ؟
فالإسلام لم يضع حدا للسحاق ، وإنما هو تعزير يحدده اجتهاد القاضي ، وهذا ليس بالرادع القوي للنساء ، فبعض النساء لا يهابون الحد كاللواط وعقوبته الشديدة ، فهل يجوز أن نستخدم أشياء أكثر ردعا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا
سبق في موقعنا الحديث بقدر من التفصيل عن عقوبة السحاق في الدنيا والآخرة ، وذلك في الجواب رقم : (591) ، (10050) ، (21058) .
وقد بينا هناك أن عقوبته في الدنيا هي التعزير ، والتعزير يقدره القاضي الشرعي بحسب ما يظهر له من موازنة بين العقوبة الرادعة التي تعالج آثار هذه المعصية السيئة على الفرد والمجتمع ، وبين مراعاة الأسباب التي دفعت إلى ذلك وما يمكن أن يعد مخففا لحكم العقوبة .
والعلاج الحكيم الذي جاءت به الشريعة هو اتخاذ التدابير الواقية من هذه الفاحشة ، بتهيئة الظروف المساعدة على الزواج المبكر ، وتوفير الفرصة لكل فرد من أفراد المجتمع ليكون عنصرا فاعلا ومؤثرا ومنتجا ، فيشتغل بالبناء عن الهدم ، وبالطاعة عن المعصية ، وأيضا بتقوية الوازع الديني ، والمحافظة على الحجاب الشرعي ، فلا تكشف المرأة شيئا من عورتها أمام النساء ، ولا تتساهل في هذا الشأن ، وغير ذلك من الأسباب التي يجب العناية بها أكثر من النظر في تشديد العقوبة بالقدر الذي لم ترد به الشريعة الحكيمة .
يقول ابن الهمام الحنفي رحمه الله :
” إذا أتت امرأة امرأة أخرى فإنهما يعزران لذلك ” انتهى من ” فتح القدير ” (5/262) .
ويقول ابن عبد البر رحمه الله :
” على المرأتين اذا ثبت عليهما السحاق : الأدب الموجع والتشريد ” انتهى من ” الكافي في فقه أهل المدينة ” (2/ 1073) .
يقول الخرشي المالكي رحمه الله :
” شرار النساء إذا فعل بعضهن ببعض ، وإنما في هذا الفعل الأدب باجتهاد الإمام ” انتهى باختصار من ” شرح مختصر خليل ” (8/78) .
وقال ابن رشد رحمه الله :
” هذا الفعل من الفواحش التي دل القرآن على تحريمها بقوله تعالى : ( والذين هم لفروجهم حافظون ) إلى قوله ( العادون ) ، وأجمعت الأمة على تحريمه ، فمن تعـدى أمر الله في ذلك وخالف سلف الأمة فيه كان حقيقا بالضرب الوجيع ” انتهى من ” البيان والتحصيل ” (16/323) .
ويقول العلامة زكريا الأنصاري الشافعي رحمه الله :
” إن أتت امرأة امرأة عُزِّرتا ” انتهى من ” أسنى المطالب ” (4/126) .
وهكذا اتفقت كلمة العلماء على ضرب من وقعتا في السحاق بالتقدير الذي يراه القاضي ، يقضي بذلك شدة أو خفة بحسب ما يبدو له من قرائن الأحوال وانتشار الفاحشة في المجتمع ، وذلك كاف في تحقيق الردع والتخويف المناسب لحفظ المجتمعات ، ولا يشترط وجود حد معين في القرآن الكريم أو في السنة النبوية كي يعاقب القضاء الشرعي على فاحشة معينة .
ثانيا
أما عقوبة الآخرة فتبينها الآيات والأحاديث التي جاءت بالوعيد لكل من عصى الله عز وجل ، خاصة وأن العلماء عدوا هذه المعصية من كبائر الذنوب ، والكبائر شأنها عند الله عظيم ، قال تعالى : ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ) النساء/31 ، فمن لم يجتنب الكبائر فهو على خطر عظيم ، وقد روى ابن أبي شيبة في ” المصنف ” (6/589) بسنده عن سالم بن عبد الله بن عمر قال : ” في المرأة تركب المرأة ، قال : ليلقين الله وهما زانيتان ” .
وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم هذه المعصية سببا لدمار الأمم وخراب المجتمعات ، فلا بد أن تكون أيضا سببا لدمار حال العبد يوم القيامة .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا اسْتَحَلَّتْ أُمَّتِي سِتًّا فَعَلَيْهِمُ الدَّمَارُ : إِذَا ظَهَرَ فِيهِمُ التَّلَاعُنُ ، وَشَرِبُوا الْخُمُورَ ، وَلَبِسُوا الْحَرِيرَ ، وَاتَّخَذُوا الْقِيَانَ ، وَاكْتَفَى الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ ، وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ ) .
رواه الطبراني في ” المعجم الأوسط ” (2/17)، والبيهقي في ” شعب الإيمان ” (7/329) وقال : ” إسناده وإسناد ما قبله غير قوي ، غير أنه إذا ضم بعضه إلى بعض أخذ قوة ” انتهى . وحسنه الألباني في ” صحيح الترغيب ” (2/225) .
ولمعرفة شيء من أساليب علاج هذه الفاحشة يمكن مراجعة الفتوى رقم : (104078) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android