هل يجوز الاستدلال على جواز كشف الفخذ بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كشف فخذه أمام أبي بكر وعمر ، وكذلك حديث الذي رواه البخاري وشاهده ” وإن ركبتي لتلمس فخذ النبي صلى الله عليه وسلم ثم حسر الإزار عن فخذه ” ، وكذلك ما رواه الهيثمي عن أبي سعيد وشاهده ” فدلى رجليه في البئر وكشف عن فخذيه ” .
هل الفخذ داخل في حد العورة ؟
السؤال: 185113
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
اختلف أهل العلم رحمهم الله : في فخذ الرجل ، هل هو داخل في حد العورة أو لا ؟ على قولين:
القول الأول : وهو مذهب جمهور أهل العلم : أن الفخذ عورة .
القول الثاني : وهي رواية في مذهب أحمد ، واختارها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : أن الفخذ ليس بعورة .
جاء في ” الموسوعة الفقهية ” ( 32 / 57 ) : ” اختلف الفقهاء في اعتبار فخذ الرجل عورة ، فذهب جمهور الفقهاء إلى أن فخذ الرجل عورة , ويجب سترها .
وذهب جماعة من العلماء ومن بينهم عطاء وداود , ومحمد بن جرير وأبو سعيد الإصطخري من الشافعية – وهو رواية عن أحمد – إلى أن الفخذ ليس من العورة ” انتهى .
قال ابن بطال رحمه الله : ” احتج بحديث أنس ، وحديث زيد بن ثابت من قال : إن الفخذ ليست بعورة ؛ لأنها لو كانت عورة يجب سترها ما كشفها النبى صلى الله عليه وسلم يوم خيبر ، ولا تركها مكشوفة بحضرة أبى بكر وعمر .
فيكون معنى قوله : ( الفخذ عورة ) ، على المقاربة والجوار ، وقد أجمعوا أن من صلى منكشف القبل والدبر ، أن عليه الإعادة ، واختلفوا فيمن صلى منكشف الفخذ ، فدل أن حكمه مخالف لحكم القبل والدبر ؛ لاختلاف المعنى فى ذلك .
فإن قال قائل : لم غطى النبى صلى الله عليه وسلم ركبته حين دخل عليه عثمان بن عفان ؟ قيل : قد بَيَّن النبى صلى الله عليه وسلم ، معنى ذلك بقوله : ( ألا أستحي ممن تستحي منه ملائكة السماء ) ” انتهى بتصرف يسير من ” شرح صحيح البخاري لابن بطال ” ( 2 / 33 – 34 ) .
وقال ابن حجر رحمه الله : ” ومما احتجوا به – أي القائلون : بأن الفخذ ليس بعورة – قول أنس رضي الله عنه في هذا الحديث : ( وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه و سلم ) إذ ظاهره أن المس كان بدون الحائل ، ومس العورة بدون حائل لا يجوز ، وعلى رواية مسلم ومن تابعه في أن الإزار لم ينكشف بقصد منه صلى الله عليه وسلم ، يمكن الاستدلال على أن الفخذ ليست بعورة من جهة استمراره على ذلك ؛ لأنه وإن جاز وقوعه من غير قصد ، لكن لو كانت عورة لم يُقر على ذلك ؛ لمكان عصمته صلى الله عليه و سلم ” انتهى من ” فتح الباري ” ( 1 / 481 ) – ترقيم الشاملة – .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة : هل الفخذ عورة ؟
فأجابوا : ” ذهب جمهور الفقهاء إلى أن فخذ الرجل عورة ، واستدلوا على ذلك بأحاديث لا يخلو كل منها عن مقال في سنده من عدم اتصاله ، أو ضعف في بعض الرواة ، لكنها يشد بعضها بعضا فينهض مجموعها للاحتجاج به على المطلوب ، ومن تلك الأحاديث ما رواه أبو داود وابن ماجه من حديث علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت ) ، وما رواه أحمد والبخاري في تاريخه من حديث محمد بن جحش قال : ( مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معمر بن عبد الله وفخذاه مكشوفتان فقال : يا معمر غط فخذيك فإن الفخذين عورة ) ، ومنها ما رواه مالك في الموطأ وأحمد وأبو داود والترمذي من حديث جرهد الأسلمي قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلي بردة ، وقد انكشفت فخذي ، فقال : ( غط فخذك فإن الفخذ عورة ) حسنه الترمذي .
وذهب جماعة إلى أن فخذ الرجل ليست عورة ، واستدلوا بما رواه أنس رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم حسر الإزار عن فخذه حتى أنى لأنظر إلى بياض فخذه ) رواه أحمد والبخاري ، وقال ( أي : البخاري ) حديث أنس أسند ، وحديث جرهد أحوط .
وقول الجمهور أحوط ؛ لما ذكره البخاري ، ولأن الأحاديث الأولى نص في الموضوع وحديث أنس رضي الله عنه محتمل ” انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى ” ( 6 / 165 – 166 ) .
والحاصل :
أن المسألة محل خلاف ، والاحتياط للدين والخلق والمروءة أن يستر المسلم فخذه ، لا سيما في هذا الزمان الذي انتشرت فيه الفتن ، ومن ذلك التعلق بالمظهر والصورة .
تنبيه : بعض القائلين بأن الفخذ ليس بعورة ، يستثنون مسألتين :
الأولى : حال الصلاة ، فلا يجوز كشف الفخذ أثناء الصلاة ؛ لأن في ذلك مخالفة للأمر بأخذ الزينة عند كل صلاة .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : ” فإذا قلنا على أحد القولين وهو إحدى الروايتين عن أحمد : أن العورة السوأتان ، وأن الفخذ ليست بعورة ، فهذا في جواز نظر الرجل إليها ؛ ليس هو في الصلاة والطواف ، فلا يجوز أن يصلي الرجل مكشوف الفخذين ، سواء قيل هما عورة أو لا ، ولا يطوف عريانا ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” ( 22 / 116 ) .
الثانية : حال الافتتان ، كأن يكون الكاشف لفخذه محل فتنة ، كالشباب مثلاً .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” والذي يظهر لي أن الفخذ ليس بعورة ، إلا إذا خيف من بروزه فتنة ، فإنه يجب ستره كأفخاذ الشباب ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن عثيمين ” ( 12 / 265 ) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب