تنزيل
0 / 0

إذا مات عن أب وأم وزوجة نصرانية وإخوة وأخوات أشقاء وغير أشقاء : فمن يرثه منهم ؟

السؤال: 185199

إنني أكتب وصيتي وأنا رجل متزوج من امرأة مسيحية ، وقد كان زواجنا بالمسجد ، ولي ثلاثة أخوات متزوجات ، وأختان غير شقيقتين ، وثلاثة إخوة غير أشقاء ولي أب وأم ، وقد انفصل أبي وأمي منذ عشر سنوات ، ولا يقوم أبي بالإنفاق على أمي التي تعيش وحدها في بيت اشتريته لها ، وأهتم بجميع شؤونها ، وليس بيني وبين أخوتي غير الأشقاء اتصال ، وإنما اتصالي بأبي الذي تزوج عدة مرات بعد أمي ، فمن يرثني بعد موتي ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
قولك عن زوجتك النصرانية أنها غير مسلمة ولكنها مؤمنة قول متناقض لا يصح ، فمن كان
مؤمنا فهو مسلم ، ولعلك تقصد أنها تؤمن بوجود الله ، أو أنها تؤمن بدينها ، وهذا
ونحوه لا يجوز به أن توصف بالإيمان أو الإسلام حتى تؤمن برسول الله محمد صلى الله
عليه وسلم ، وتؤمن برسل الله جميعا .
والنصارى كفار لا يوصفون بالإسلام فضلا عن الإيمان ، قال تعالى :
( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ) المائدة / 73
.
وقال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ
لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ
مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ) المائدة / 116 .
وفي صحيح مسلم (153) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ
بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا
نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا
كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار ) .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله :
” إن اليهود والنصارى كفار كفراً معلوماً بالاضطرار من دين الإسلام ” .
انتهى من “مجموع الفتاوى” ( 35 / 201 ) .
ثانيا :
الميراث هو خلافة الحي في مال الميت حقيقة أو حكما بسبب القرابة أو الزوجية .
فلا يتحدد الميراث إلا بعد وفاة المورث ، لننظر من يخلفه في ماله الذي تركه من
ورثته بمقتضى فريضة الله .
فلا نستطيع أن نحدد من الآن من يرثك بعد موتك لعدم علمنا بمن يموت أولا ، فربما
ورثت أنت ، وربما ورثك غيرك .

لكن لو فُرض أنك تركت هؤلاء
كلهم فميراثك لأبيك وأمك ، وليس لزوجتك ولا لإخوتك ولا لأخواتك منه شيء ، لا
الأشقاء ولا غير الأشقاء .
أما زوجتك فلا ترثك لأنها كافرة ، ولا يرث الكافر المسلم ، ولا المسلم الكافر .
راجع جواب السؤال رقم : (26171)
.
أما إخوتك وأخواتك فلا يرثون كلهم في وجود الأب .
قال تعالى :
( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ
فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي
بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) النساء/ 11 .
قال ابن كثير رحمه الله :
” الْحَالُ الثَّالِثُ مِنْ أَحْوَالِ الْأَبَوَيْنِ وهو اجتماعهما مع الإخوة ،
سواء كَانُوا مِنَ الْأَبَوَيْنِ أَوْ مِنَ الْأَبِ أَوْ مِنَ الْأُمِّ ،
فَإِنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَبِ شَيْئًا ، وَلَكِنَّهُمْ مَعَ ذَلِكَ
يَحْجُبُونَ الْأُمَّ عَنِ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ ، فَيُفْرَضُ لَهَا مَعَ
وُجُودِهِمُ السُّدُسُ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ سِوَاهَا وَسِوَى الْأَبِ ،
أَخَذَ الْأَبُ الْبَاقِي ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (2/ 199) .
وقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الخرقي رحمه الله : ” وَلَا يَرِثُ أَخٌ , وَلَا أُخْتٌ
لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ , مَعَ ابْنٍ , وَلَا مَعَ ابْنِ ابْنٍ وَإِنْ سَفَلَ ,
وَلَا مَعَ أَبٍ ” .
قال ابن قدامة رحمه الله ” أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى هَذَا بِحَمْدِ اللَّهِ
, وَذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ ” انتهى من “المغني” (6/163) .
فعلى ذلك ترث الأم السدس ، والباقي كله للأب ، ولا شيء للإخوة جميعا ، ولا للزوجة .
والإخوة هاهنا حاجبون محجوبون في آن ، حجبوا الأم من الثلث إلى السدس ، وحجبهم الأب
حجب حرمان لكونه أولى بالميت منهم ؛ وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى
رَجُلٍ ذَكَرٍ ) رواه البخاري (6732) ومسلم (1615) .
أولى رجل : أي أقرب رجل .

لكن ينبغي أن تعلم أن لك
الحق في الوصية بشيء من مالك ، لمن لا يرثك ، في حدود ثلث ما تتركه من هذا المال
كحد أقصى ؛ فإذا كانت زوجتك لا ترثك لأنها نصرانية ، وإخوتك لا يرثونك ، لأنهم
محجوبون ؛ فإن لك – إن شئت – أن توصي بشيء من مالك لمن تشاء من هؤلاء ، إما لجميعهم
، وإما لبعضهم ؛ على ألا يزيد ما توصي عن ثلث التركة الكلية التي تتركها من ممالك ؛
وإن لم توص ، فلا شيء عليك ، وإن أوصيت لبعضهم وتركت آخرين : فلا شيء عليك أيضا.
وعليك أن تبر أباك وأمك ، وتصل إخوتك جميعا ذكرانا وإناثا ، أشقاء وغير أشقاء ؛ لأن
ذلك مما أمرك الله به .
والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android