لدي استفسار عن فتاوى فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بخصوص ترك الصلاة وحكمه ، حيث قرأت للشيخ رحمه الله أن ترك الصلاة بالكلية كفر ، ولكن إذا كان تركا لبعض الفروض فهو ليس كفر .
وقرأت له أيضا أن من ترك فرضا واحد فقد كفر ، مثال على ذلك : إذا أراد أن ينام الشخص وضبط المنبه على الاستيقاظ بعد خروج صلاة الفجر فإنه يكفر .
فكيف يكفر بترك فرض واحد متكاسلا ، ولا يكفر بترك بعض الفروض تكاسلا ؟ هذا الذي أريد أن أفهمه .
مذهب الشيخ ابن عثيمين أنه لا يكفر من ترك الصلاة أحيانا
السؤال: 185619
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
اختلف العلماء – القائلون بكفر تارك الصلاة – في الحد الذي يكفر به تارك الصلاة ، فذهب بعض العلماء إلى أنه لا يكفر إلا إذا ترك الصلاة بالكلية ، أما الذي يصلي أحيانا ويترك أحيانا ، فهذا لا يكفر .
واختار آخرون : أنه يكفر ولو ترك صلاة واحدة .
وللاستزادة في هذه المسألة ينظر : السؤال رقم : (83165) ، والسؤال رقم : (114426) .
ثانياً :
القول الذي اختاره الشيخ ابن عثيمين من القولين السابقين ، هو القول الأول ، فهو رحمه الله لا يرى أن من ترك صلاة أو صلاتين أنه يكفر ، بل الضابط عنده في الذي يكفر بترك الصلاة : هو أن يترك الصلاة بالكلية ، أما الذي يترك الصلاة أحيانا ، فهذا لا يكفر عند الشيخ .
فقال رحمه الله : ” قال بعض العلماء : يكفر بترك فريضة واحدة ، ومنهم من قال : بفريضتين ، ومنهم من قال : بترك فريضتين إن كانت الثانية تجمع إلى الأولى .
وعليه ، فإذا ترك الفجر فإنه يكفر بخروج وقتها ، وإن ترك الظهر ، فإنه يكفر بخروج وقت صلاة العصر .
والذي يظهر من الأدلة : أنه لا يكفر إلا بترك الصلاة دائما ، بمعنى أنه وطن نفسه على ترك الصلاة ، فلا يصلي ظهرا ، ولا عصرا ، ولا مغربا ، ولا عشاء ، ولا فجرا ، فهذا هو الذي يكفر.
فإن كان يصلي فرضا أو فرضين فإنه لا يكفر ؛ لأن هذا لا يصدق عليه أنه ترك الصلاة ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) ، ولم يقل : ( ترك صلاة ) ، وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه الذمة ) ، ففي صحته نظر ، ولأن الأصل بقاء الإسلام ، فلا نخرجه منه إلا بيقين ؛ لأن ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين ، فأصل هذا الرجل المعين أنه مسلم ، فلا نخرجه من الإسلام المتيقن إلا بدليل يخرجه إلى الكفر بيقين ” انتهى من ” الشرح الممتع لابن عثيمين ” ( 2 / 27 – 28 ) .
وقد سئل رحمه الله : عن الإنسان الذي يصلي أحيانا ويترك أحيانا أخرى ، فهل يكفر ؟
فأجاب : ” الذي يظهر لي أنه لا يكفر إلا بالترك المطلق بحيث لا يصلي أبداً ، وأما من يصلي أحيانا فإنه لا يكفر لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) ولم يقل ترك صلاة ، بل قال : ” ترك الصلاة ” ، وهذا يقتضي أن يكون الترك المطلق ، وكذلك قال : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها ـ أي الصلاة ـ فقد كفر ) ، وبناء على هذا نقول : إن الذي يصلي أحيانا ويدع أحيانا ليس بكافر ” انتهى من “مجموع فتاوى ابن عثيمين ” ( 12 / 55 ) .
ثالثاً :
لم نقف – بعد البحث – على فتوى واحدة للشيخ ابن عثيمين يؤخذ منها : أنه يرى كفر من ترك صلاة واحدة ، بل المشهور عنه – كما سبق – أنه يُكفر من ترك الصلاة مطلقاً .
وهذه بعض فتاويه رحمه الله في صلاة الفجر .
فقد سئل رحمه الله : عمن يؤخر صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ، هل يعتبر كافراً ؟
فأجاب : ” هذا لا يكفر لأنه لم يترك الصلاة لكن تهاون بها ولا يحل له أن يفعل ذلك ، فإن فعل وهو يستطيع أن يقوم فيصلي في الوقت فإنه لا تقبل منه صلاته ، لأن القاعدة ” أن كل عبادة مؤقتة إذا تركها الإنسان حتى خرج وقتها بدون عذر فإنها لا تقبل منه ” …. ” .
انتهى من ” مجموع فتاوى ابن عثيمين ” ( 12 / 31 ) .
وسئل – أيضا – : عن حكم من ترك صلاة الفجر ؟
فأجاب : ” ترك صلاة الفجر إن كان المقصود تركها مع الجماعة فإن ذلك محرم وإثم ، لأنه يجب على المرء أن يصلي مع الجماعة ، وإن كان المقصود أنه لا يصليها أبداً ، أو لا يصليها إلا بعد طلوع الشمس فإنه على خطر عظيم ، حتى ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا أخر الصلاة حتى خرج وقتها بدون عذر فإنه يكون بذلك كافراً ، والواجب على كل من كانت هذه حاله أن يتوب إلى الله ، وأن يقبل على ربه وعبادته ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن عثيمين ” ( 12 / 38 ) .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة