تنزيل
0 / 0
7,38619/12/2012

اشترى شقة جاهلاً بشروطها المخالفة للشرع فكيف يتعامل مع الشركة في عقده معها ؟

السؤال: 185766

لقد وقَّعت عقد شراء شقة للسياحة في محافظة شمالية بعد أن دفعت مقدما قدره 30000 دولاراً بالتقسيط ، ولم أنتبه إلى بعض الشروط التي تبين لي بعد ثلاثة أشهر أنها ربوية .
وهي كالآتي :

1- هنالك شرط جزائي يغرم الزبون 50 دولاراً عن كل يوم إذا تأخر عن الدفع القسط بالوقت المحدد ، وقيل لي إن هذا الشرط ربوي .

2- إذا دُفع المبلغ كاملاً بدون التقسيط يخصم من القيمة الإجمالية 25% من سعر الشقة ، وقيل لي إن هذا بيعتان في بيعة واحدة .

3- إذا تأخر الزبون عن تسديد القسط لمدة شهر بدون عذر مشروع ولا إبلاغ للشركة فيعتبر العقد لاغياً ، ويخصم 25% من المبلغ المدفوع كأجور إدارية ، وتعويض عن الضرر اللاحق بالشركة ، ويعتبر العقد لاغياً ، ويعاد ما تبقى من المبلغ المدفوع إلى الزبون .

4- إذا أراد الزبون إلغاء العقد من ذاته فيترتب عليه نفس الفقرة 3 أعلاه .
والله عند توقيعي للعقد لم أعلم بأن هذه الشروط مخلة بالشريعة ، علما أني رجل مسلم محب الله ورسوله ، وصحابته الكرام ، موحد وسليم العقيدة ، لكن جاهل بالشروط أعلاه .
ما هو الحل الآن ؟
أنا في حزن شديد والله ، وأخاف من غضب الله عليَّ ، ولا أستطيع النوم ، ومكتئب ، أرشدوني ، جزاكم الله كل خير ، سألت العلماء عندنا وقالوا لي : كان عليك السؤال قبل توقيع العقد ، والآن بِع الشقة لرجل غير مسلم ! وأنا حائر والله وأريد حلاًّ .
أحدهم أشار عليَّ بدفع المبلغ كاملاً وقال : هذا أقل الضرر ، وعليك إثم بيعتين في بيعة واحدة ، وهو أهون من الشرط الربوي .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الواجب على المسلم تعلم أحكام دينه ، وطلب العلم فريضة ، فبه يتعرف المسلم على
أحكام دينه فيفعل الواجب ولا يقرب من المحرم ، ولا يتقرب لربه تعالى إلا بما شرع ،
ولا شك أنك – أخي السائل – أخطأت من جهتين : الأولى : عدم وقوفك على الأحكام
الشرعية المتعلقة بالعقود التجارية ، والثانية : عدم تنبهك إلى ما في عقد المبايعة
من شروط وتنبيهات ، ولا نحسبك إلا صادقاً أنك لم تتعمد مخالفة شرع ربِّك وأنك صادق
في سؤالك عما يجب عليك فعله ، ونسأل الله تعالى أن يثيبك على نيتك وفعلك خيراً
جزيلاً .
وأما بخصوص تلك البنود والشروط في العقود فلا شك أنها مخالفة للشرع ، وأنها تجعل
العقد ربويّاً لا يحل للمسلم إنشاؤه ، وأنه إذا استطاع فسخه فلا ينبغي له التردد في
ذلك ؛ لأنه عقد فاسد .
1. قد ذكرنا في جواب السؤال رقم (
98118 ) حرمة
اشتمال العقد على اشتراط غرامة في حال التأخر عن السداد ولو كان الإنسان متيقناً من
قدرته على السداد ؛ لأنه إقرار للربا والتزام به .
وقد جاء في قرار المجمع الفقهي – التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي – رقم 133 ( 7 /
14 ) ما نصه : ” إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد : فلا
يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق أو بدون شرط ؛ لأن ذلك ربا محرم ” انتهى
.
2. والاتفاق بين البائع والمشتري إن تم قبل إبرام العقد أنه إن عجَّل المشتري الثمن
كان السعر كذا : داخل في النهي عن بيعتين في بيعة ، أما إن كان الاتفاق تم بعد
العقد : فهذه معاملة ” ضع وتعجل ” ، والصواب جوازها .
وفي قرار رقم : 64 ( 2 / 7 ) لمجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السابع
بجدة في المملكة العربية السعودية من 7 – 12 ذي القعدة 1412 هـ ، الموافق 9 – 14
أيار ( مايو ) 1992م قرر ما يلي :
أولاً : البيع بالتقسيط جائز شرعاً ولو زاد فيه الثمن المؤجل على المعجل .
ثانياً : الأوراق التجارية ( الشيكات ، السندات لأمر ، سندات السحب ) من أنواع
التوثيق المشروع للدين بالكتابة .
ثالثاً : إن حسم ( خصم ) الأوراق التجارية غير جائز شرعاً ؛ لأنه يؤول إلى ربا
النسيئة المحرم.
رابعاً : الحطيطة من الدين المؤجل لأجل تعجيله ، سواء أكانت بطلب الدائن أو المدين
( ضع وتعجل ) جائزة شرعاً لا تدخل في الربا المحرم إذا لم تكن بناء على اتفاق مسبق
.
انتهى
3. وأما البندان الأخيران فلا يظهر لنا مخالفتهما للشرع ؛ فإن للبائع في البيع
بالتقسيط أن يشترط على المشتري في العقد أنه إذا لم يف الأقساط في مواعيدها أن من
حقه أن يفسخ البيع ، وهو شرط ملزم للمشتري ، وهو شرط معتبر لأنه في مصلحة العقد ،
وخاصة أن نص الشرط : أن يكون التأخر في السداد من غير عذر ، ومن غير إبلاغ الشركة ،
ومثله يقال في البند الأخير .
وعلى كل حال فإن البند الأول والثاني كافيان لجعل العقد محرَّماً لا يحل إنشاؤه ،
وبما أن الأمر قد تمَّ من غير تعمد منك وأنت الآن نادم على فعله : فانظر هل
باستطاعك فسخ العقد من غير ضرر يلحقك ، فإن كان الأمر كذلك وكان المبلغ المدفوع من
قبلك لا يضرك الاستغناء عنه فافسخ العقد ؛ لأن شروطه الربوية تفسده .
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ : أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ ، فَقَالَ : ( مَا هَذَا التَّمْرُ مِنْ تَمْرِنَا )
فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ بِعْنَا تَمْرَنَا صَاعَيْنِ بِصَاعٍ مِنْ
هَذَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( هَذَا الرِّبَا فَرُدُّوهُ
ثُمَّ بِيعُوا تَمْرَنَا وَاشْتَرُوا لَنَا مِنْ هَذَا ) رواه مسلم ( 1594 ) .
قال النووي – رحمه الله – : ” المَقبُوض بِبَيعٍ فَاسِد يَجب رَدّه عَلى بَائعه ,
وَإِذَا رَدَّه استَرَدَ الثَّمَن ” انتهى من ” شرح مسلم ” ( 11 / 22 ) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – : ” إذا أمكن المتعاقديْن ترجيع
المقبوض بعقد فاسد والرجوع إلى الصحة : وجب ذلك ” انتهى من ” الأجوبة النافعة عن
المسائل الواقعة ” ( ص 181 ) .
وإن كان يضرك فسخ العقد ، والتنازل عن مبلغ الغرامة ، فاحرص على دفع المبلغ كاملاً
لإنهاء الالتزام مع الشركة ، وهذا أهون الأمرين – كما قال لك الرجل الآخر – .
وإن لم تتمكن من تدبير المبلغ كاملاً لإنهاء التزامك مع الشركة فابق على الدفع لهم
أقساطهم الشهرية ، واحرص أشد الحرص على عدم التأخر عليهم في دفعها .

وانظر تفصيلاً أوفى للموقف
من العقد الفاسد وكيفية التعامل معه في جواب السؤال رقم (184263)
، وانظر جواب السؤال رقم (
150663 ) ، ونسأل
الله أن يعفو عنك ، ولا ينبغي لك اليأس من رحمة الله فعفو الله عظيم وفضله كبير .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android