0 / 0

حكم من ترك ثلاث جمع عمدا

السؤال: 186002

لو أن شخصاً فاتته الجمعة ثلاث مرات متتالية بسبب السهر ليلاً ، ثم الاستغراق في النوم في اليوم التالي ، فهل هناك توبة محددة لهذا الذنب ؟ أعلم أن هناك حديثاً في سنن أبي داود والنسائي يقول : ( أن من ترك الجمعة ثلاث مرات متعمداً – لا أدري إن كان قد ذكر أنها متتالية أم ذكرها بشكل عام – فإن الله يختم على قلبه ) فما صحة هذا الحديث ؟
وسمعت أيضا أن من فاتته الجمعة ثلاث مرات فإن عليه أن ينطق الشهادتين من جديد بحضور شاهدين ، بمعنى أن من تركها ثلاث مرات متتالية فإنه يكفر ، فهل هذا صحيح ؟
من خلال ما قرأت ورأيت من آراء للعلماء ولطلبة العلم ، فإن هذا الختم الذي يختم الله به على القلب لا يُقصد به ضرورة الردة عن الإسلام ، وإنما المقصود تشديد النكير على هذا الفعل والحث على سرعة التوبة ، فهل هذا هو الأصح ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
روى أبو داود (1052) والترمذي (500) والنسائي (1369) عن أبي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ ) ، وصححه الشيخ الألباني في ” صحيح الجامع ” .
وروى ابن ماجه (1126) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ ) ، وحسنه الشيخ الألباني في ” صحيح ابن ماجه ” .

قال المناوي رحمه الله : ” ( طبع الله على قلبه ) أي : ختم عليه وغشاه ومنعه ألطافه ، وجعل فيه الجهل والجفاء والقسوة ، أو صير قلبه قلب منافق ” انتهى من “فيض القدير” ( 6 / 133).

وقد جاء في بعض الروايات تقييد هذا الترك بالتوالي ، ففي مسند الطيالسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من ترك ثلاث جمع متواليات من غير عذر طبع الله على قلبه ) ، وفي حديث آخر ( من ترك الجمعة ثلاث مرات متواليات من غير ضرورة طبع الله على قلبه ) ، وصححه الشيخ الألباني في ” صحيح الجامع ” .

قال أبو الحسن المباركفوري رحمه الله : ” ( ثلاث جمع ) ، قال الشوكاني : ” يحتمل أن يراد حصول الترك مطلقاً ، سواء توالت الجمعات أو تفرقت ، حتى لو ترك في كل سنة جمعة لطبع الله على قلبه بعد الثالثة ، وهو ظاهر الحديث ، ويحتمل أن يراد ثلاث جمع متوالية ، كما في حديث أنس عند الديلمي في مسند الفردوس ؛ لأن موالاة الذنب ومتابعته مشعرة بقلة المبالاة به ” انتهى ، قلت : الاحتمال الثاني ( أي : ثلاث جمع متوالية ) هو المتعين لما تقرر في الأصول من حمل الروايات المطلقة على المقيدة ، ويؤيد حديث أنس ما رواه أبو يعلى برجال الصحيح عن ابن عباس : من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات فقد نبذ الإسلام وراء ظهره ” انتهى من ” مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ” ( 4 / 446 ) .

ثانياً :
الطبع على القلب المذكور في الأحاديث السابقة لا يلزم منه كفر صاحب ذلك القلب ، بل هو من الوعيد الذي جاء به الشارع في حق المسلم والكافر .
فقد روى الترمذي (3334) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ العَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ ( كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) ، وحسنه الشيخ الألباني في ” صحيح الترمذي ” .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ” عن مجاهد قال : كانوا يرون الرين هو الطبع ” انتهى من ” فتح الباري ” ( 8 / 696 ) – ترقيم الشاملة – .

وقال ابن القيم رحمه الله :
” الذنوب إذا تكاثرت : طُبع على قلب صاحبها ، فكان من الغافلين ، كما قال بعض السلف في قوله تعالى ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) قال : هو الذنب بعد الذنب ” انتهى من ” الجواب الكافي ” ص (60) .

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
” من لم يحضر صلاة الجمعة مع المسلمين لعذر شرعي من مرض أو غيره أو لأسباب أخرى صلى ظهرا ، وهكذا المرأة تصلي ظهرا ، وهكذا المسافر وسكان البادية يصلون ظهرا كما دلت على ذلك السنة ، وهو قول عامة أهل العلم ، ولا عبرة بمن شذ عنهم ، وهكذا من تركها عمدا ، يتوب إلى الله سبحانه ، ويصليها ظهرا ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن باز ” ( 12 / 332 ) .
وينظر جواب السؤال رقم : (7699) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android