تنزيل
0 / 0

تريد أن تقسم مالها بين أولادها في حياتها

السؤال: 186217

إنني أكتب وصيتي وكل ما أملكه هو أصول تتمثل في مجوهرات ذهبية ، إنني أريد أن أقسم هذه التركة بالتساوي بين ابني وابنتي ، فهل يجوز ذلك ؟ فإذا لم يكن جائزا ، فما هو الخيار الثاني لي ؟ إذا أعطى أحد الناس أطفاله ذهبا كهدية ، وكانوا لا يزالون تحت وصايتها فهل لها أن تستخدمه ؟ لا أريد أن أهادي أبنائي الآن ؛ لأنهما لا يزالان صغيرين ، ولكن هل يمكن أن أكتب وصية ؟ فما هو الخيار المتاح أمامي ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :

يجوز للإنسان أن يقسم ماله في حياته ، بشرط ألا يقصد الإضرار ببعض الورثة .
قال المرداوي في ” الإنصاف ” (7/142) : ” لا يكره للحي قسم ماله بين أولاده ، على الصحيح من المذهب ، وعنه: يكره ، ( يعني : عن الإمام أحمد قول آخر بالكراهة ) قال في الرعاية الكبرى : يكره أن يقسم أحد ماله في حياته بين ورثته ، إذا أمكن أن يولد له ” انتهى .
وتكون القسمة على ما جاء في الشرع ، فللذكر مثل حظ الأنثيين .

ثانياً :

إذا قسم أحد ماله بين ورثته في حياته فلا يخلو من حالين:
الحال الأولى : أن يعطي كل فرد نصيبه ويملكه إياه فمثل هذا يكون له حكم العطية ، ويشترط فيه العدل بين الأولاد ، وإعطاء الذكر ضعف ما للأنثى ، إلا أن يرضى الأولاد بالتفاضل رضاً صريحاً لا يحمل عليه الحياء .

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : أنا عندي من الأولاد بنت واحدة ، وأملك بيتاً من طابقين ، ولي إخوان ، فهل أستطيع أن أمنح بنتي جزءاً من البيت ، أم هذه المنحة تؤثر على حق الورثة ، وبالتالي تكون المنحة حراماً ؟
فأجابت : ” إذا كان منحك للجزء من بيتك لابنتك منجّزاً ولم تقصد حرمان بقية الورثة بأن قبضتْه في الحال ، وملكت التصرف فيه- فلا بأس بذلك ؛ لأن هذا من باب العطية ، وإن كان منحك لها بالوصية فهذا لا يجوز ؛ لأنه لا وصية لوارث ، لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا وصية لوارث)” انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة” (16/213) .

والذي يظهر والعلم عند الله من سؤالك أنك لا تريدين تمليك أطفالك نصيب كل واحد منهم ، وعليه فيكون ذلك من باب الوصية ، والوصية للوارث منهي عنها شرعا ، ولا يُحتاج إليها بعد ما أعطى الله كلا نصيبه المفروض ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ) رواه أبو داود (2870) وغيره وصححه الألباني في ” صحيح الجامع” رقم (1789) .
فإن حصل وأوصى صاحب المال بشيء منه لبعض ورثته ، فللباقين الحق في إمضاء الوصية أو ردها .
والذي ننصحك به ترك أمر تقسيم أموالك في حال حياتك لما قد يوقع ذلك من الحزازات بين أولادك ، ثم من يدري ، فلعل الله يرزقك بأولاد آخرين سوى من عندك الآن ، ولعله أن يكون لك عند موتك ورثة سوى أولادك ، ثم لعلك تحتاجين إلى بعض مالك في حياتك ، فلا يمكن التصرف فيه بعض ما قسمته على أولادك .
ولأجل هذا كله ، وغيره من العوارض التي تعرض للإنسان في حياته ، ننصحك ألا تقسمي شيئا من أموالك الآن على أولادك الصغار ، ودعي الأمور تجري في مسارها الطبيعي المعتاد ، واستعيني بالله ، والجئي إليه في صلاح ذريتك وحفظهم في حياتك وبعد مماتك .
وينظر جواب السؤال رقم (10447) .
ثالثا :
إذا أعطى أحد الوالدين ولده هدية أو نحوها بقصد الهبة وتمليك الولد إياها فقد انتقل ملكها للولد ، ولا مانع من استخدامها من قبل الوالدين بشرط حاجتهما لذلك ، وانتفاء الضرر عن الولد ، فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : ” أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي ، فَقَالَ : ( أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ ) ” رواه ابن ماجه ( 2291 ) وابن حبان في صحيحه ( 2 / 142 ) من حديث جابر ، و ( 2292 ) وأحمد ( 6902 ) من حديث عبد الله بن عمرو .
ورواية أحمد عن عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ:” أَتَى أَعْرَابِيٌّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي ، قَالَ : ( أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ ، إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا ) .
وله طرق وشواهد يصح بها .
انظر : ” فتح الباري ” ( 5 / 211 ) ، و ” نصب الراية ” ( 3 / 337 ) .
وللاستزاده يراجع سؤال رقم : (9594).
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android