0 / 0

حكم إقامة مأدبة بمناسبة فوز فريق رياضي ؟

السؤال: 186787

انتشر في مجتمعنا إقامة ولائم ومناسبات من مشجعين لرياضة كرة القدم بمناسبة فوز فريقهم المفضل ببطولة الدوري أو الكأس ، فما حكم هذه الولائم ، وما حكم حضورها لمن دعي إليها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الفتوى في هذه المسألة لا بد أن تتوسط بين الإباحة الأصلية تبعا للبراءة الأولى ، وبين تقدير واقع الحال واعتبار المآل الذي تتهاوى إليه عزائم الناس في هذا الشأن ، كي نتحرى الصواب والوسط الذي يجلب الخير للناس ، ويرفع عنهم الحرج في الوقت نفسه ، والله عز وجل يقول : ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة/6.
وواقع الحال واعتبار المآل في إقامة مآدب أو ولائم مشجعي الفرق الرياضية يحكي عن نفسه كثيرا من الأخطاء والمخالفات ، أو على الأقل كثيرا من مساوئ العادات ، ومن ذلك :
أولا
ضياع الأموال في غير طائل ، والله عز وجل سائلنا عن هذا النعيم ، وعن نعمه الكثيرة ، وسائلنا عن أموالنا من أين اكتسبت وفيم أنفقت ، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه : " التبذير الإنفاق في غير حق " رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (9/206)، ولا نظن أن أحدا من أصحاب هذه الولائم يدعي أنها ولائم حق ، ومآدب صدق ، بل يعلمون أنها زخرف زائل ، وأسباب لفوات الأعمار في غير طائل . وانظر جواب رقم : (137954) .
ثانيا
بمثل هذه المأدبات تمتلئ القلوب تعصبا مقيتا ، وتوغر صدور المشجعين بعضهم على بعض ، فتزيد الفرقة بين الناس ، وتتفرق صفوف الشعوب ، فتزداد وهنا على وهنها ، والله عز وجل يقول : ( وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ) الأنفال/46.
ثالثا
أما ضياع الأعمار ، وفوات الطاقات العقلية والبدنية على أصحاب تلك الهموم – هموم الفرق الرياضية – فذلك حديث ملؤه الأسى والحزن ، ونحن نرتقب في أمتنا حضارة قادمة ، ونورا ساطعا يلوح في الأفق ، ولكن حين نرى مثل تلك الممارسات ندرك أن فجرنا ما زال بعيدا ، وأن مجتمعاتنا لم تبلغ الشأن اللازم لتحقيق نهضتها الحقيقية ، ولن تبلغ ذلك الشأن حتى تجتمع طاقات الشباب في العمل والبناء ، فتخلفنا عن ركب الأمم يقتضي منا مضاعفة أوقات الأعمال ، ومضاعفة عمليات البناء على جميع الأصعدة أضعافا كثيرة .
ونحن لا نقول ذلك تعميما على جميع المشجعين ولا تحريما لجميع ممارساتهم ، ولكنها محاذير نخشى أن يقع فيها هؤلاء ، وأن تأخذهم غفلتهم نحو المجهول ، والتفاتة واحدة منهم إلى الوراء كفيلة بمعرفة قدر ما ضاع وفات في غير حق ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ ، إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً ، فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ ) .
رواه الترمذي في السنن (رقم/3380) وبوب عليه بقوله : " باب في القوم يجلسون ولا يذكرون الله "، وقال عقب الرواية : " هذا حديث حسن ، وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعنى قوله : ( ترة ) : يعني حسرة وندامة " انتهى .
وصححه الألباني في " مشكاة المصابيح " برقم (2274) .
وإذا كان أبو هريرة رضي الله عنه يقول : ( شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوَلِيمَةِ ، يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ ، وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ ) رواه البخاري (5177) ومسلم (1432) ، فمن باب أولى أن يكون شر الطعام هو ما يدعى إليه لعصبية مقيتة ، وفرحة متوهمة ، وقد نص الفقهاء على كراهة حضور الولائم التي يقيمها أصحابها " طلبا للمباهاة والفخر " ، انظر " نهاية المحتاج " (6/370)، وجاء في " كشاف القناع " (5/166): "منع ابن الجوزي من إجابة فاسق ومتفاخر بها أو فيها ، وكذا إن كان فيها مضحك بفحش أو كذب ؛ لأن ذلك إقرار على معصية ، وإن علم حضور الأرذال … إن كانوا يتكلمون بكلام محرم فقد اشتملت الدعوة على محرم ، وإن كان مكروها فقد اشتملت على مكروه " انتهى باختصار.
والخلاصة : أننا نرى كراهة إقامة مثل تلك الولائم ، وكراهة حضورها أيضا ، وقد سبق في موقعنا نشر مجموعة من الفتاوى التي تتناول قضية التشجيع الرياضي وما فيه من ممارسات وعادات سيئة ، يمكن مراجعتها في الأرقام الآتية : (75644) ، (82718) ، (84291) ، (22636) ، (102150) .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android