0 / 0

أيهما أولى : دعوة غير المسلمين للإسلام ، أم دعوة المسلمين غير الملتزمين للالتزام ؟

السؤال: 186813

أحاول أن أقنع إخواني المسلمين بالعمل في دعوة غير المسلمين للإسلام ، ولكنهم يقولون : إنه ينبغي علينا أولاً أن نصلح من حال المسلمين ؛ لأنهم لا يصلون ، وغير ذلك من الأمور، وتناقشنا حول هذا الأمر . والسؤال :
هل من الأفضل أن يصبح لديك الآلاف من العمال في شركة وأن تُحسن من أحوالهم أم أن تُضيف إليهم ألفاً أخرين ؟ وهل العمل في الدعوة فرض ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الذي يظهر من عموم الأدلة الشرعية في ذلك أن الدعوة إلى الله تعالى واجبة على الأمة على الكفاية ، وواجبة وجوباً عينيًا على كل مسلم ، بحسب استطاعته وعلمه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( بلغوا عني ولو آية ) رواه البخاري (3461) .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) :
" وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ ، أن تكون فرقة من هذه الْأُمَّةِ مُتَصَدِّيَةٌ لِهَذَا الشَّأْنِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنَ الْأُمَّةِ بِحَسْبِهِ ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ ) " انتهى من "تفسير ابن كثير" (2/ 78) .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" دلت الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب الدعوة إلى الله عز وجل وأنها من الفرائض ، والأدلة في ذلك كثيرة منها قوله سبحانه : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ، ومنها قوله جل وعلا : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ، ومنها قوله عز وجل: ( وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ، ومنها قوله سبحانه: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) ، فيبين سبحانه أن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هم الدعاة إلى الله ، وهم أهل البصائر والواجب كما هو معلوم هو اتباعه والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) ، وصرح العلماء أن الدعوة إلى الله عز وجل فرض كفاية , بالنسبة إلى الأقطار التي يقوم فيها الدعاة , فإن كل قطر وكل إقليم يحتاج إلى الدعوة وإلى النشاط فيها, فهي فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين ذلك الواجب , وصارت الدعوة في حق الباقين سنة مؤكدة, وعملا صالحا جليلا.

وإذا لم يقم أهل الإقليم , أو أهل القطر المعين بالدعوة على التمام , صار الإثم عاما, وصار الواجب على الجميع , وعلى كل إنسان أن يقوم بالدعوة حسب طاقته وإمكانه , أما بالنظر إلى عموم البلاد, فالواجب : أن يوجد طائفة منتصبة تقوم بالدعوة إلى الله جل وعلا في أرجاء المعمورة , تبلغ رسالات الله , وتبين أمر الله عز وجل بالطرق الممكنة ؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بعث الدعاة , وأرسل الكتب إلى الناس , وإلى الملوك والرؤساء ودعاهم إلى الله عز وجل " . ينظر : "مجموع فتاوى ابن باز" (1 /330) .

ثانيا :
لا داعي إطلاقا للاختلاف في أيٍّ من العمل أولى : دعوة المسلمين أم دعوة غير المسلمين ؟ فمن وفقه الله لشيء من ذلك فعليه المضي فيه ، فمن المسلمين من يحسن دعوة غير المسلمين لما آتاه الله من حسن البيان أو سهول الإقناع أو معرفة لغة المدعوين من غير المسلمين ، أو لطبيعة عمله ، حيث يوجد معه كثير من غير المسلمين أو لسفره إلى بلادهم أو لوجود جيران له منهم ، وغير ذلك .
فمثل هذا نقول له : انشط في دعوة هؤلاء بالحكمة والموعظة الحسنة ، وبالبرهان المبين ، وبالصبر عليهم .
وينظر إجابة السؤال رقم (99976) لمعرفة كيفية دعوة هؤلاء .

ومن المسلمين من يحسن دعوة إخوانه المسلمين لبعض ما تقدم ذكره ، أو لكونه لا صبر له على دعوة غير المسلمين ، أو لما تيسر له من سبل الإقناع وحسن المناظرة في المسائل العلمية وقطع المخالف والظهور عليه بالبينة ، ولما يحسنه من أنواع العلوم الشرعية التي قد يحتاجها من يدعو المسلمين أكثر ممن يدعو غير المسلمين .

والمقصود من ذلك كله أنه لا مجال للخلاف أو الجدال ، فضلا عن الشقاق حول ذلك الأمر ، فكلاهما مطلوب شرعا ، وكل ميسر لما خلق له ؛ فمن وجد من نفسه همة وتيسيرا في أحد البابين ، فلا ينكر على الآخر ، فكلاهما حسن مطلوب ، ولا ترتيب بينهما أصلا ؛ فلا نعلم أحدا من الدعاة الأولين : قال إننا سوف نمسك عن دعوة الكفار ، حتى نصلح أحوال المسلمين ؛ فمتى يحصل هذا أصلا ؟!
ولا نعلم أيضا أحدا دعى إلى ترك دعوة المسلمين ، وتعليمهم ، وإصلاح أحوالهم ، من أجل الانشغال بدعوة الكفار ، وجلبهم للإسلام .

فالدعوة لا تضاد فيها ولا اختلاف ، وإنما هي وظيفة كل مسلم ، وكلٌّ في ذلك بحسب ما يقدر عليه وما آتاه الله من علم وحلم ومال وغير ذلك .
وينظر جواب السؤال رقم (150066) ورقم (77579) والسؤال رقم (164443) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android