تنزيل
0 / 0

هل ثبت في الحديث الصحيح أن أبا بكر رضي الله عنه لا يقف للحساب يوم القيامة ، وأن عمر رضي الله عنه أول من يأخذ كتابه بيمينه ؟

السؤال: 187527

سمعت كثيراً من المشايخ يتحدثون عن هذه الراوية لكني لم أجد لها دليلاً ، وهي رواية : ” أن أبا بكر رضي الله عنه لا يقف للحساب ، وأنه يدخل الجنة مباشرة ، فهل هذه الرواية صحيحة ؟ وما الحديث الذي وردت في سياقه ؟
وهل هناك حديث يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ” إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول من يأخذ كتابه بيمينه يوم القيامة ، فيندهش الصحابة أن لم يكن أبو بكر! فيقول النبي صلى الله عليه وسلم : ومن أخبركم أن له كتابا ؟!

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
روى البخاري (3671) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي – وهو
عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه – : ” أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : أَبُو بَكْرٍ ، قُلْتُ ثُمَّ مَنْ ؟
قَالَ ثُمَّ عُمَرُ ” .
وروى الإمام أحمد (835) عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : ” أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ
نَبِيِّهَا ؟ أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ هَذِهِ
الْأُمَّةِ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ ؟ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ” . وقال محققو
المسند ” إسناده حسن ” .
واتفق أهل السنة والجماعة على أن خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم هو
أبو بكر الصديق ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي رضي الله عنهم جميعا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وَيُقِرُّونَ – يعني أهل السنة – بِمَا تَوَاتَرَ بِهِ النَّقْلُ عَنْ أَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرِهِ مِنْ
أَنَّ : خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا : أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ عُمَرُ
، وَيُثَلِّثُونَ بِعُثْمَانِ ، وَيُرَبِّعُونَ بِعَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
؛ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآثَارُ ” .
انتهى من “العقيدة الواسطية” (ص117) .
وراجع جواب السؤال رقم : (34577)
.

ثانيا :
أما الحديث الذي ورد بشأن أبي بكر أنه يدخل الجنة دون أن يقف للحساب فهو حديث واهٍ
لا يصح ، رواه أبو نعيم في “تاريخ أصبهان” (2/370) ومن طريقه الخطيب في “المتفق
والمفترق” (2/38) من طريق إبراهيم بن أبي يحيى قال : حدّثنا أبو عمر الضرير عن حماد
بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( يا عائشة كلّ الناس يحاسبون يوم القيامة إلاّ أبو بكر ) .
وابن أبي يحيى هو المكتب ، رجل مجهول لا يعرف ، ذكره أبو نعيم في ” أخبار أصبهان”
ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وخبره منكر ؛ إذ كيف يتفرد بهذا الإسناد النظيف دون
أن يتابعه عليه أحد ؟! ومثل هذا مما يعرف به نكارة الخبر ووهاؤه .
فمن أسباب وقوع النكارة في الأحاديث أن يتفرد به مجهول لا يعرف عند أهل الحديث،
فإذا انفرد بالحديث راوٍ مجهول أنكر أهل العلم حديثه من أجل تفرده .
راجع : “منهج الإمام أحمد في إعلال الأحاديث” (2/ 869) ، “الحديث المنكر عند الإمام
أبي حاتم الرازي” – دراسة تطبيقية (ص13) .

وروى ابن الجوزي في “العلل
المتناهية” (1/190) من طريق داود بن صغير قال حدثني كثير النواء عن أنس بن مالك قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قلت لجبريل حين أسري بي إلى السماء : يا
جبريل أعلى أمتي حساب ؟ قال : كل أمتك عليها حساب ما خلا أبا بكر الصديق ، فإذا كان
يوم القيامة قيل له يا أبا بكر ادخل الجنة . قال ما أدخل حتى أدخل معي من كان يحبني
في الدنيا ) .
وقال ابن الجوزي عقبه :
” هذا حديث لا يصح ، وداود بن صغير مجروح قال الخطيب كان ضعيفا ، وقال الدارقطني
منكر الحديث ، وأما كثير النواء فقال النسائي ضعيف ” انتهى .
وقال الذهبي في “الميزان” (3/500) في ترجمة محمد بن جعفر البغدادي :
” عن داود بن صغير بخبر كذب ، عن كثير النواء ، عن أنس – مرفوعا: يا جبرائيل، هل
على أمتى حساب ؟ قال: نعم، ما خلا أبا بكر … ثم إن داود واه ” . انتهى .
وذكره الشوكاني في “الفوائد المجموعة” (ص 35 ) وقال : موضوع .

ثالثا :
أما الحديث الآخر الوارد في أن عمر أول من يأخذ كتابه بيمينه : فرواه الثعلبي في
“تفسيره” (2358) ، وابن عساكر في “تاريخه” (30/154) ، والخطيب في “تاريخه” (11/202)
، وابن الجوزي في “الموضوعات” (1/320) من طريق عمر بن إبراهيم بن خالد حدّثنا مرحوم
بن أرطبان ابن عم عبد الله بن عون قال : حدّثنا عاصم الأحول عن زيد بن ثابت قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أوّل مَنْ يُعطى كتابه بيمينه من هذه الأمّة
عمر بن الخطّاب ، وله شعاع كشعاع الشمس ) فقيل له : فأين أبو بكر؟
قال : ( هيهات هيهات زفّته الملائكة إلى الجنّة ) .
وقال ابن الجوزي عقبه : ” هذا حديث لا يصح ، والمتهم به عمر ويعرف بالكردي “.
قال الدارقطني: كان كذابا يضع الحديث ” انتهى .
وذكره الشوكاني في “الفوائد المجموعة” (ص 336) وقال :
” والمتهم به عمر بن إبراهيم بن خالد الكردي ” .
وعمر هذا : قال الدارقطني كذاب خبيث ، وقال الخطيب : غير ثقة ، وقال أيضا : يروي
المناكير عن الإثبات ، وقال ابن عقدة : ضعيف .
“لسان الميزان” (4/ 280)
وقد روى ابن أبي عاصم في “كتاب الأوائل” (82) من طريق حَبِيب بْن زُرَيْقٍ، ثنا
ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَن
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ” أَوَّلُ مَنْ يُعْطَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ أَبُو
سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ ” وهذا حديث موضوع ، آفته حبيب بن زريق ، قال أبو
حاتم: روى عن ابن أخي الزهري أحاديث موضوعة .
وقال أبو داود : كان من أكذب الناس.
وقال ابن عدى : أحاديثه كلها موضوعة.
“ميزان الاعتدال” (1 /452) .
أما قوله عن أبي بكر رضي الله عنه : ” ومن أخبركم أن له كتابا ؟ ” فلا نعلم له أصلا
في شيء من الروايات .

وينظر جواب السؤال رقم (174528)
.
والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android