تنزيل
0 / 0

هل يباح الكذب للتخفيف عن المريض وإدخال السرور عليه ؟

السؤال: 187659

أختي لديها إعاقة ذهنية وحركية ، لكنها تفهم كل شيء يقال ، ولكنها لا تقدر على التكلم كثيرًا ، فتعبر بلغتها طول الوقت ، أحاول أفرحها ، بس أحيانا بالكذب عليها ، مثلا كل لما أشوف أحد يسألني عليكِ ، وأحيانا أحكي لها حاجات تفرحها ، ولكن قدر منها من تأليفي ، ولما أمي تخرج أكذب عليها وأقول : إن أمي نائمة حتى لا تبكي ، أنا لا أريد أن أحسسها بمرضها أو أنها مختلفة عن أي أحد .
ولكني لا أدري هل طريقتي خطأ ؟
وذاك لأني أكذب عليها ، وأن الله سوف يحاسبني على ذلك بالذنوب ، أنا لا أقصد الكذب ، ولكني أحاول أن لا أجعلها حزينة .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الأصل في الكذب أنه حرام ، ولا يباح إلا في حالات خاصة بينتها الشريعة ، تحقيقا
للمصلحة العظيمة أو دفعا للمضرة ، وتجدين هذه الحالات في جواب السؤال رقم : (47564).

ولكن ينبغي عدم التهاون في شأن الكذب مع دعوى أنه لدفع مفسدة ، بل لا بد من
الموازنة الصحيحة ، بين المصالح والمفاسد.
وإن كان شفاء المريض وإدخال السرور عليه فيه مصلحة كبيرة ، إلا أن الكذب عظيم ،
وذنبه كبير ، وفي المعاريض مندوحة عنه ، فمن استطاع أن يستغني عن الكذب باستعمال
التورية والمعاريض : فلا شك أنه أولى وأفضل ، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
” إن في معاريض الكلام ما يغني الرجل عن الكذب” رواه البيهقي في ” السنن الكبرى ”
(10/199) ، وقال البخاري رحمه الله في صحيحه : ” باب المعاريض مندوحة عن الكذب ،
وقال إسحاق : سمعت أنسا : مات ابن لأبي طلحة ، فقال : كيف الغلام ؟ قالت أم سليم :
هدأ نَفَسُه ، وأرجو أن يكون قد استراح . وظن أنها صادقة ” .
ومعنى المعاريض : أي الكلام الذي يظنه السامع شيئاً ويقصد المتكلم شيئاً آخر.
قال الحافظ ابن حجر : ” وشاهد الترجمة منه قول أم سليم : (هدأ نَفَسُه ، وأرجو أن
قد استراح) ؛ فإن أبا طلحة فهم من ذلك أن الصبي المريض تعافى ؛ لأن قولها : هدأ ،
بمعنى سكن . والنفَس مشعر بالنوم ، والعليل إذا نام أشعر بزوال مرضه أو خفته ،
وأرادت هي أنه انقطع بالكلية بالموت ، وذلك قولها : وأرجو أنه استراح . فهم منه أنه
استراح من المرض بالعافية ، ومرادها أنه استراح من نكد الدنيا وألم المرض ، فهي
صادقة باعتبار مرادها ، وخبرُها بذلك غير مطابق للأمر الذي فهمه أبو طلحة ، فمن
ثَمَّ قال الراوي : وظن أنها صادقة ، أي باعتبار ما فهم” انتهى من “فتح الباري”
(10/594).
وقال ابن قتيبة رحمه الله : ” فمن المعاريض قول إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم
في امرأته: إنها أختي ، يريد أن المؤمنين إخوة ” انتهى من ” تأويل مختلف الحديث ” ص
35 .
وعليه: فتستطيعين استخدام المعاريض مع أختك المريضة ، فتفهم هي من كلامك شيئًا ،
وأنت تريدين شيئًا آخر ، فمثلاً : إن سألتك عن أمك ، تقولين : موجودة . فتفهم هي
أنها في البيت ، وأنت تقصدين – مثلاً – أنها موجودة في الدنيا ، وما شابه ذلك ،
وهذا إن كان قول الحقيقة سيؤثر على مرضها سلبًا ، أما إن لم يكن يؤثر عليها فلا
تلجئي للمعاريض حينئذ ، ويجب عليك قول الصدق.
كما يمكنك أن تقصي عليها بعض القصص الطريفة أو تحضري لها بعض الألعاب المسلية
المفيدة ، وما شابه ذلك .
ونسأل الله تعالى أن يشفي أختك ويعافيها عاجلا غير آجل .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android