تنزيل
0 / 0

حكم صرف تعويضات في غير ما خصصت له

السؤال: 187995

أعمل بمؤسسة عمومية تخصص لها الدولة – كسائر الإدارات – ميزانية لتعويض الموظفين عن تنقلاتهم في إطار عمل المؤسسة ، غير أن مدير هذه المؤسسة يرى أن الأفضل هو صرف هذه التعويضات كتحفيز للموظفين حسب أدائهم العام دون اعتبار تنقلاتهم ، وعليه يتم تقسيم الموظفين إلى فئات ، لكل فئة مبلغ محدد

فهل يجوز لنا من الناحية الشرعية أخذ هذه التعويضات بهذا الشكل ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

إذا كان مدير مؤسستكم يملك الحق – بموجب وكالته في الإدارة – أن يتصرف في بدل
التنقلات على الطريقة التي يراها أصلح وأنسب ، كأن يدفعها على سبيل المكافأة
والتحفيز لمن يستحقها ، لبث روح التنافس في العمل ، ورفع مستوى الأداء إلى الوجه
الذي يحقق الإنتاجية الأكبر ، فلا حرج عليه في ذلك ، كما لا حرج على الموظف المستحق
لتلك المكافأة في أخذها والانتفاع بها ، وذلك أن المدير موكل في تسيير أعمال
المؤسسة ورعاية شؤون العاملين فيها .
أما إذا كان المدير العام مخالفا للأنظمة المعمول بها في المؤسسة ، خاصة العمومية
أو الحكومية منها ، ولم يكن يملك الحق ولا الصلاحية للتصرف بتعويضات التنقلات على
هذا الوجه ، فلا يحل له ذلك ، بل كل تصرف دون الأنظمة الضابطة اعتداء على المال
العام ، وحرمته أعظم من حرمة المال الخاص ؛ لتعلقه بمصائر المجتمعات وحقوق الناس ،
وذلك لا شك أعظم من حقوق الأفراد ، ولكل حرمته الخاصة ، وهذا يستوجب على الموظفين
بذل النصيحة ورفع الأمر إلى المسؤولين إن اقتضى الأمر .
عَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : سَمِعْتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ رِجَالًا
يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ
القِيَامَةِ ) رواه البخاري (3118) .
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” أي : يتصرفون في مال المسلمين بالباطل ، وهو أعم من أن يكون بالقسمة وبغيرها ،
وفيه ردع الولاة أن يأخذوا من المال شيئا بغير حقه أو يمنعوه من أهله ” .
انتهى من ” فتح الباري ” (6/219) .
ويقول القسطلاني رحمه الله :
” ( في مال الله ) الذي جعله لمصالح المسلمين ( بغير ) قسمة ( حق ) ، بل بالباطل ،
( فلهم النار يوم القيامة ) فيه ردع الولاة أن يتصرفوا في بيت مال المسلمين بغير حق
” .
انتهى باختصار من ” إرشاد الساري ” (5/205) .
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” المهم أن كل من يتصرف تصرفاً غير شرعي في المال – سواء ماله أو مال غيره – فإن له
النار – والعياذ بالله – يوم القيامة إلا أن يتوب ، فيرد المظالم إلى أهلها ، ويتوب
مما يبذل ماله فيه من الحرام ؛ كالدخان والخمر وما أشبه ذلك ، فإنه ممن تاب الله
عليه ، لقول الله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنِيبُوا إِلَى
رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا
تُنْصَرُونَ . وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ
قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ . أَنْ
تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ
كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ . أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ
مِنَ الْمُتَّقِينَ . أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً
فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ . بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا
وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) الزمر/53-59، وفي هذا الحديث تحذير
من بذل المال في غير ما ينفع والتخوض فيه ؛ لأن المال جعله الله قياماً للناس تقوم
به مصالح دينهم ودنياهم ، فإذا بذله في غير مصلحة كان من المتخوضين في مال الله
بغير حق ” انتهى من ” شرح رياض الصالحين ” (2/538) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android