0 / 0

أوصت والدتهم بأن لا يشهد جنازتها أحد من الأقارب ، فهل يلزم تنفيذ الوصية ؟

السؤال: 188937

لو أن أمّي تركت بعض التعليمات قبل موتها ، فطلبت أن لا نُعلم أحداً من الأقارب أو الأصدقاء أو أحداً من أفراد العائلة بموتها ، وطلبت أن لا يحضر أحد جنازتها سوى أبنائها وزوجها ، وطلبت كذلك أن نأخذ جثتها إلى أحد المساجد وهم يقومون بكافة المراسيم المطلوبة من غسل وتكفين .. الخ
فهل يجوز لنا العمل بتعاليمها ؟ وهل في مخالفة ذلك من أجل الحفاظ على كيان الأسرة والأقارب عصيان لها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

يستحب تنفيذ وصية الميت ما لم تشتمل على أمرٍ محظورٍ شرعاً ، أو يترتب على تنفيذها مفسدة ومضرة .
وما أوصت به والدتكم من عدم إخبار الأقارب والأصدقاء بموتها ليشهدوا جنازتها لا يلزمكم تنفيذه ، لأمرين :
الأول :
أن هذا الأمر قد يفسد العلاقات الأسرية ويقطع أرحامكم ، ويفسد ذات بينكم ؛ والشريعة جاءت بالحث على التواصل وصلة الرحم وكل ما يقرب إلى ذلك ، ونهت عن كل ما يؤدي إلى القطيعة وإفساد العلاقة بين الأقارب .
والوصية التي تساهم في إفساد العلاقة بين الأقارب لا تكون ملزمة ، ولا مستحبة ، بل لا يجوز تنفيذها .
قال ابن رشد : ” لا يلزم أن يُنفَّذ من الوصايا إلا ما فيه قربة وبر”.
انتهى من “البيان والتحصيل” (2/ 287).
الثاني :
أن الشريعة حثت على شهود الجنازة ، وتكثير عدد المشيعين ، رجاء الدعوة لها بالمغفرة والرحمة ، ووصية والدتكم بأن لا يشهد جنازتها إلا زوجها وأبناؤها : فيها مخالفة لهذه النصوص.
فعن عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً ، كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ ، إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ) رواه مسلم (947).
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ : ” أَنَّهُ مَاتَ ابْنٌ لَهُ بِقُدَيْدٍ أَوْ بِعُسْفَانَ فَقَالَ: يَا كُرَيْبُ انْظُرْ مَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنْ النَّاسِ.
فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَاسٌ قَدْ اجْتَمَعُوا لَهُ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ: تَقُولُ هُمْ أَرْبَعُونَ.
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ : أَخْرِجُوهُ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا شَفَّعَهُمْ اللَّهُ فِيهِ). رواه مسلم (948).
قال الشيخ ابن باز : ” قال أهل العلم في الجمع بين حديث المائة وحديث الأربعين: إن حديث المائة أولاً ، ثم تفضل الله عز وجل وجعل الأربعين يقومون مقام المائة في قبول الشفاعة ، وبكل حال فالحديثان يدلان على استحباب كثرة الجمع على الجنائز” .
انتهى من “تقرير له على بلوغ المرام”، الحديث رقم (580) .
قال المباركفوري : ” وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ اِسْتِحْبَابُ تَكْثِيرِ جَمَاعَةِ الْجِنَازَةِ وَيُطْلَبُ بُلُوغُهُمْ إِلَى هَذَا الْعَدَدِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ مُوجِبَاتِ الْفَوْزِ .
وَقَدْ قُيِّدَ ذَلِكَ بِأَمْرَيْنِ :
الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونُوا شَافِعِينَ فِيهِ ، أَيْ مُخْلِصِينَ لَهُ الدُّعَاءَ سَائِلِينَ لَهُ الْمَغْفِرَةَ .
الثَّانِي : أَنْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا كَمَا فِي حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ”.
انتهى من “تحفة الأحوذي” (4/ 98).
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android