هل يجوز للطبيب أن يخبر مريضه بأنه سيموت قريباً ؟
حكم إخبار المريض بقرب موته
السؤال: 188991
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
ينبغي على الزائر ، أو من كان قريباً من المريض كالطبيب المباشر : أن ينفسوا للمريض في أجله ، ويهونوا عليه ما يجد ، وأن يبشروه بحصول الشفاء والعافية وطول البقاء .
فقد روى البخاري (3936) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : " عَادَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ مَرَضٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ ( أي : قاربت ) ….. فقال له عليه الصلاة السلام : ( وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ … الحديث ) .
ويدل عليه أيضاً : ما ثبت علمياً من أن العامل النفسي للمريض يساعد في العلاج والشفاء من الأمراض ، وأنه كلما كانت معنويات المريض أقوى كلما كان العلاج ممكنا وسريعا .
ثانياً :
إخبار المريض بحقيقة مرضه ، وأن ذلك المرض قد يكون سببا في وفاته ، فيه تفصيل :
فإن كان الإخبار بذلك لا يزيد من حال المريض سوءاً ، فالأصل جواز الإخبار ، مع تذكير المريض بإمكانية الشفاء ، كأن يقال له – مثلاً – : أناس أصيبوا بهذا المرض وشفوا منه بفضل الله ، وغيرها من الكلمات التي تُرجي المريض في الشفاء .
وأما إن كان في الإخبار ضرر على حال المريض ، فالأولى أن لا يخبر .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا علم الطبيب أن المريض يعاني من داء عضال كالسرطان – مثلاً – ، فهل يخبر المريض بهذا الأمر ، أو يتجه إلى التعريض ولا يصرح به ؛ خشية أن يتأثر المريض نفسياً ، وكيف يتصرف الطبيب إذا سأل المريض سؤالاً مباشراً ومحدداً عن طبيعة المرض ، فهل يقول الصدق ؟ مهما كانت النتائج أم كيف يتصرف ؟
فأجاب رحمه الله : " هذا يختلف باختلاف المرضى ، فمن المرضى من هو قوي الشخصية ، ولا يهمه أن يكون مرضه مهلكا أو غير مهلك ، فهذا يجب أن يُخبر بالواقع ؛ لأن المريض قد يكون له علاقات خاصة بأهله ، أو عامة مع الناس ، يحتاج أن يصحح ما كان خطأً ، فهنا لا بد من إخباره ، والحمد لله لا يضر .
وأما إذا كان المريض ضعيف الشخصية ، ويُخشى إذا أخبر بالواقع ، أن هذا المرض مهلك ، يتأثر أكثر ويكون همه هذا المرض ، ومعلوم أن المريض إذا ركز على المرض ، وصار المرض همه ، أنه يزداد مرضه ، لكن إذا تغافل عنه وتناساه ، كأن لم يكن به شيء ، فهذا من أكبر أسباب العلاج ، فالمسألة تختلف باختلاف الناس " انتهى من محاضرة بعنوان "إرشادات للطبيب المسلم" .
وسئل الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله : سمعت أن شخصاً مريضاً في القرية التي أسكن فيها وعندما ازداد به المرض ذهبوا به إلى الطبيب للعلاج ، ولكن الطبيب قال لأصحاب المريض إنه سوف يموت بعد خمسة عشر يوماً ، وعندما انقضت هذه المدة مات المريض ، واستغرب الناس في هذه المدة التي حددها الطبيب ، فما رأي فضيلتكم ؟
فأجاب حفظه الله : " لعل هذا الطبيب قال هذا من باب التوقع لما رأى من حالة المريض وأن مرضه خطير ، فقال من باب التوقع لا من باب الجزم ، أما الجزم بأن فلاناً يموت بعد كذا وكذا ، فهذا لا يجوز ، لأن أحداً لا يدري عن نفسه هو متى يموت ، فكيف يدري عن موت غيره ؟! قال تعالى : ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) لقمان / 34 .
فالإخبار بأن فلانا سيموت في يوم كذا وكذا على سبيل الجزم : هذا لا يجوز ، ومن ادعاء علم الغيب .
أما إذا قال قائل : إن فلاناً يمكن أن يموت بعد مدة ، أو بعد أيام ، نظراً لحالته المرضية ومن باب التوقع فقط ، فهذا لا بأس به ، لكن لا ينبغي أن يُشاع ، وأن يسمعه المريض أو أولياء المريض ؛ لأن هذا يؤثِّر على نفسية المريض ويزيده مرضاً ، ويؤثر كذلك على نفسية أقربائه ، فينبغي كتم مثل هذا ، وفتح باب الأمل للمريض وأهله بأنه سيشفى بإذن الله ، وأن مرضه سيزول وما أشبه ذلك " انتهى .
والله أعلم
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب