0 / 0

هل حكم من يتعاطَوْن الطب ويصفون الدواء وليسوا من أهل الطب إذا سبب وفاة للمريض كالقاتل عمدا ؟

السؤال: 191474

هناك أناس يعملون في تركيب عقاقير طبية وأعشاب ، دون دراسة ودراية يركبونها كيفما اتفقت ، ثم يبيعونها على أنها علاج لمرض السرطان ، أو السكر ، أو غير ذلك . وقد ثبت أن أناسا تعاطوا مثل هذه الأدوية فحصلت لهم مضاعفات خطيرة ، وبعضهم توفي بسبب هذه العقاقير . سؤالي : ألا يدخل أمثال هؤلاء الذين يمتهنون مهنة الصيدلة والطب بدون دراسة ودراية ، وقيامهم بتعريض حياة الناس للخطر والموت في قوله تعالى : ( ويسعون في الأرض فسادا ……) ، وقوله تعالى : ( أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ).
نريد الحكم الشرعي في هؤلاء .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
قول الله تعالى : ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ) المائدة/ 32 .
المقصود به : قتل النفس التي حرمها الله ، قال سعيد بن جبير في قوله: ( فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ) : من استحل دمَ مُسْلِم فكأنما استحل دماء الناس جميعًا ، ومن حرم دم مسلم فكأنما حرم دماء الناس جميعًا .
وقال مجاهد : من قتل النفس المؤمنة متعمدا ، جعل الله جزاءه جهنم ، وغضب الله عليه ولعنه ، وأعد له عذابًا عظيمًا ، يقول: لو قتل الناس جميعًا لم يزد على مثل ذلك العذاب .
"تفسير ابن كثير" (3 /93).
وقال السعدي رحمه الله :
" لأنه ليس معه داع يدعوه إلى التبين ، وأنه لا يقدم على القتل إلا بحق ؛ فلما تجرأ على قتل النفس التي لم تستحق القتل ، علم أنه لا فرق عنده بين هذا المقتول وبين غيره ، وإنما ذلك بحسب ما تدعوه إليه نفسه الأمارة بالسوء ، فتجرؤه على قتله ، كأنه قتل الناس جميعا " .
انتهى من "تفسير السعدي" (ص 229) ، وينظر : "الجواب الكافي" لابن القيم (ص 103) .

وأما قول الله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ) المائدة/ 33 .
فمع أن ما يفعله هؤلاء الجهال وأمثالهم هو من الفساد في الأرض ، بل هكذا كل معصية لله تعالى : هي من الفساد في الأرض ، والإفساد لها ؛ إلا أن لهذه الآية شأنا وحكما آخر ، لا تعلق له بموضع السؤال ؛ لأن أصحاب هذه الآية هم الذين يريدون الفساد عن قصد ونية ، ويسعون به في الأرض لخرابها ودمارها وإهلاك الحرث والنسل وتخويف الآمنين .
ثم إن الآية تتحدث عن صنف خاص ـ أيضا ـ من البغاة والمفسدين في الأرض ، فليس كل من أفسد في الأرض عن عمد ، أو اعتدى على الآخرين ، داخلا في حكم هذه الآية .
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
" المحاربون لله ولرسوله، هم الذين بارزوه بالعداوة ، وأفسدوا في الأرض بالكفر والقتل ، وأخذ الأموال ، وإخافة السبل .
والمشهور أن هذه الآية الكريمة في أحكام قُطَّاع الطريق ، الذين يعرضون للناس في القرى والبوادي ، فيغصبونهم أموالهم ، ويقتلونهم ، ويخيفونهم ، فيمتنع الناس من سلوك الطريق التي هم بها، فتنقطع بذلك .
فأخبر الله أن جزاءهم ونكالهم -عند إقامة الحد عليهم- أن يفعل بهم واحد من هذه الأمور " انتهى من "تفسير السعدي" (ص 229) .

 

ثانيا :
الذي ذكرته من تكلف هذا الشخص وصف أدوية عشبية وعقاقير للمرضى ، إن لم يكن خبيرا بما يفعل ، ولم يعلم أنه من أهل العلم بهذا الباب ؛ إذا تسبب بجهله هذا في هلاك نفس ، لزمته الدية ، أو أرش الجناية التي جناها على غيره بجهله وعدوانه ؛ إلا أنه رغم ذلك ليس قاتل عمد ، كالذي ذكرته الآية ، ولا يلزمه القصاص بذلك .
قال الخطابي رحمه الله :
" لا أعلم خلافاً في المعالج إذا تعدى فتلف المريض كان ضامناً ، والمتعاطي علماً أو عملاً لا يعرفه متعدٍّ ، فإذا تولد من فعله التلف ضمن الدية ، وسقط عنه القَوَد – يعني القصاص – لأنه لا يستبِد بذلك دون إذن المريض " انتهى من "معالم السنن" (4/ 39) .
راجع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (114047) ، (129551) .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android