تنزيل
0 / 0

أعطى ولده مالا ليؤسس عملاً يعيش منه ، فهل يدخل هذا المال في التركة بعد وفاة الأب ؟

السؤال: 191614

مات أبي رحمه الله ونحن الورثة : ابن وبنتان وزوجة ، قبل 15عاما أعطى والدي لأخي مبلغا من المال لكي يؤسس لنفسه عملا يعيش منه ، وقد تحقق ذلك والحمد لله
فهل يدخل ذلك المبلغ في التركة ؟ ، وماذا عن الأرباح ؟

وقد قال تعالى : ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) ، ماذا تعني هذه الآية الكريمة ؟

وقد علمت من أخي بأنه لن يصرف علينا بعد تقسيم التركة ، فهل يحق له ذلك ؟

كما ترك لنا والدنا منزلا مكونا من خمسة طوابق ، تحتوي على خمس عشرة شقة ، وشقة رئيسية غير مؤجرة ، نقيم فيها في حال سافرنا لليمن للزيارة ، وكنا نعاني كثيرا في حياة أبي بسبب زيارة بعض الأقارب السيئين لنا ، ولكنا كنا نتحملهم من أجل والدنا ، والآن بعد وفاة أبي رحمه الله أخي يريد أن يخرج أحد المستأجرين من أحد الشقق ليسكن فيها هو وأسرته ، فهل يحق له ذلك ؟
علما بأنه أراد أن يسكن أسرته في الشقة الرئيسية ، ولكني رفضت ؛ لأني كثيرا ما أسافر لليمن وأكثر من عشت فيها ، ولأن أقارب زوجة أخي في اليمن أيضا ، وسوف يقومون بالكثير من الزيارات لها ، وأنا لا أطيق رؤيتهم لكثرة مشاكلهم ، وفساد أخلاق بعضهم ، فما رأيكم ؟

أرجو أن تشيروا علينا ببعض الحلول ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
وفاة الإنسان تعني انتقال تركته إلى ملك ورثته ، كل بحسب نصيبه الذي قسمه الله
تعالى له ، ولا يحتسب من التركة ما دفعه الوالد في حياته لأحد أبنائه ، إذا كان له
سبب أو موجب يقتضي تخصيص بالعطاء عن باقي إخوته ، كمثل مساعدة الابن على تأسيس عمل
يتعيش منه ، إذا لم يكن له مهنة تكفيه ، أو كسب خاص به يليق بمثله ، أو احتاج إلى
علاج ، أو تعليم ، ونحو ذلك من الحاجات ؛ فقد اتفق الفقهاء في مثل هذه الأحوال على
جواز تخصيص الولد المحتاج بالعطية ، ولا يجب على الوالد أن يعطي إخوته غير
المحتاجين كما أعطى المحتاج ، وإنما يجب عليه أن يعطي المحتاج منهم ، لأجل حاجته ،
أو يواسيه ، كما واسى الأول .
ولا يجب على من أخذ من الأبناء شيئا من ذلك لحاجته ، أن يرجع فيتقاسم تلك الأموال
مع إخوانه ، ومن باب أولى أرباح تلك الأموال ؛ لأن هذه الأرباح متولدة من رأس المال
، الذي قبضه على صورة مشروعة ، ومن جهده الخاص به هو .
يقول ابن قدامة رحمه الله :
” إن خص [الوالدُ] بعضَهم لمعنى يقتضي تخصيصه ، مثل اختصاصه بحاجة ، أو زمانة ، أو
عمى ، أو كثرة عائلة ، أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل ، أو صرف عطيته عن بعض
ولده لفسقه ، أو بدعته ، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله ، أو ينفقه فيها
، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك… لحديث أبي بكر رضي الله عنه ، ولأن بعضهم
اختص بمعنى يقتضي العطية ، فجاز أن يختص بها ، كما لو اختص بالقرابة ” .
انتهى من ” المغني ” (6/53) .
أما حديث أبي بكر رضي الله عنه فحاصله أنه قد نحل ابنته أم المؤمنين عائشة رضي الله
عنها ( جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية ) دون بقية إخوانها . رواه مالك في ”
الموطأ ” (رقم/806) وغيره بسند غاية في الصحة ، عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة .
ثانيا :
في سؤالكم هذا تأخذ الزوجة الثمن ، والباقي يقسم بين الابن والبنتين على قاعدة :
للذكر مثل حظ الأنثيين ، فيكون حاصل المسألة أن تقسم التركة – سواء كانت مالا
منقولا أم عقارا – إلى اثنين وثلاثين سهما ، تأخذ الزوجة أربعة أسهم ، وحصة الابن
أربعة عشر سهما ، وحصة كل بنت سبعة أسهم فقط ، قال تعالى : ( فَإِنْ كَانَ لَكُمْ
وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ) النساء/12. وقال عز وجل : (
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ )
النساء/11، يقول العلامة السعدي رحمه الله : ” أي : الأولاد للصلب ، والأولاد للابن
، للذكر مثل حظ الأنثيين ، إن لم يكن معهم صاحب فرض ، أو ما أبقت الفروض يقتسمونه
كذلك ، وقد أجمع العلماء على ذلك، وأنه -مع وجود أولاد الصلب- فالميراث لهم ” انتهى
من ” تيسير الكريم الرحمن ” (ص/166) .
وهذا التقسيم يلحق جميع التركة ، سواء الشقة التي كانت مخصصة للعائلة ، أم غيرها من
الشقق والأموال المؤجرة ، وذلك يعني أنه ليس من حق أحد من الورثة الاستئثار بالتصرف
في أي شقة ، بل هي شراكة بين الجميع ، كل بحسب حصته .
وأنتم الآن بالخيار : إما أن تقتسموا هذه الأملاك ، على الصفة السابقة ، وتقدر كل
شقة بقيمتها ، من حيث قيمة الشقة ، وإيجارها ونحو ذلك مما يعرفه أهل الخبرة ، ويأخذ
كل نصيبه .
أو تبقى العمارة شركة بينكم ، كما هو الحال عليه الآن ؛ وحينئذ : فإذا أراد الابن
العيش في إحداها فإما أن يدفع أجرتها لشركائه فيها من بقية الورثة بحسب حصصهم منها
، أو يسامحوه في تلك الأجرة عن طيب نفس ورضا . ولا ينبغي لأحد الورثة أن يرفض
تأجيرها مطلقا فيعطل على بقية الورثة الانتفاع بها ، إلا أن تصطلحوا جميعا على ذلك
.
وإذا لم يمكن أن تحلوا الأمر بينكم ، بصفة ودية كما ننصح به ، فوسطوا بينكم العقلاء
الأمناء من أهل الدين والعقل ، وسداد الرأي ، فإن بقي بينكم أمر لم تقدروا على حله
: أمكن اللجوء إلى القضاء لفض النزاع .
وفي جميع الأحوال فإن الحوار والتفاهم وتوسيط أهل الخير هو السبيل الوحيد لتجاوز
الخلاف ، والوصول إلى حل يرضى به الجميع ، مع الالتزام بالحكم الشرعي .
ثالثا :
لا يجب على الأخ أن ينفق على أخته إذا كانت تملك كفايتها من المال ، فإن لم تكن
كذلك ، ولم تكن متزوجة ، وليس لها ابن أو أب أحياء : وجب على أخيها أن ينفق عليها ،
وقد سبق تقرير ذلك في جواب السؤال رقم : (106540) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android