تنزيل
0 / 0

هل يجب عليها أن تعيد الصلوات التي كانت تصليها بطريقة خاطئة لأنها حديثة عهد بالإسلام

السؤال: 193008

اعتنقت الإسلام عندما كنت في السابعة عشرة ، ولم يكن لدي مصادر للتعلم غير الانترنت لفترة طويلة ، لذا فقد كنت أصلي بطريقة غير صحيحة، واستمر معي الوضع على هذه الحال لأكثر من سنة ، لقد كنت أصلي بادئ الأمر بالطريقة الشيعية ثم اهتديت إلى طريقة أهل السنة ، كما أني أيضاً كنت أتوضأ وضوءاً ناقصاً، ولم أكن أتقن العربية ، فقد كانت قراءتي للفاتحة وغيرها من الأذكار قراءة خاطئة ، بعبارة بسيطة كانت صلاتي لمدة عام كامل تنطوي على كثير من الأخطاء . فالسؤال هو: هل يجب عليَّ قضاء تلك الصلوات ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

من كان حديث عهد بإسلام ، فلم يتمكن من إقامة ما افترض الله عليه من الطهارة أو الصلاة أو الصيام على الوجه المشروع الذي تبرأ به الذمة ؛ لجهله بالأحكام ، ولعدم وجود وسيلة كافية صحيحة تمكنه من العلم الصحيح ، فظن أن الذي هو عليه هو الشرع ، ثم لما تبين له خطؤه اتبع الحق واستقام على شرع الله وحكمه ، لم يؤمر أن يعيد ما كان قد أساء فيه من فرائض الله ، ويعذر بالجهل ؛ فإنه لم يتلبس بما تلبس به من قبل إلا بجهله وخطئه ، وهو في ذلك معذور ؛ لعموم قوله تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) الإسراء/ 15 ، وقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) القصص/ 59 ، وقال تعالى : ( رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة/ 286 .
وروى ابن ماجة (2043) عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ) .
صححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .
وقال الحافظ في الفتح (5/161) :
" وَهُوَ حَدِيث جَلِيل , قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ نِصْف الْإِسْلَام , لِأَنَّ الْفِعْل إِمَّا عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ أَوْ لَا , الثَّانِي مَا يَقَعُ عَنْ خَطَأٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ إِكْرَاهٍ فَهَذَا الْقِسْم مَعْفُوٌّ عَنْهُ بِاتِّفَاقٍ وَإِنَّمَا اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ : هَلْ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ الْإِثْم أَوْ الْحُكْم أَوْ هُمَا مَعًا ؟ وَظَاهِر الْحَدِيث الْأَخِير , وَمَا خَرَجَ عَنْهُ كَالْقَتْلِ فَلَهُ دَلِيل مُنْفَصِل " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" من كان يصلي بلا طمأنينة ولا يعلم أنها واجبة : فهذا قد اختلفوا فيه : هل عليه الإعادة بعد خروج الوقت أو لا ؟ على قولين معروفين ، وهما قولان في مذهب أحمد وغيره .
والصحيح : أن مثل هذا لا إعادة عليه ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال للأعرابي المسيء في صلاته : ( اذْهَبْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ ) – مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا – فَقَالَ : " وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا فَعَلِّمْنِي مَا يَجْزِينِي فِي صَلَاتِي " ، فعلَّمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة بالطمأنينة – متفق عليه – ، ولم يأمره بإعادة ما مضى قبل ذلك الوقت مع قوله : " وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا " ولكن أمره أن يعيد تلك الصلاة ؛ لأن وقتها باق ، فهو مأمور بها أن يصليها في وقتها ، وأما ما خرج وقته من الصلاة : فلم يأمره بإعادته مع كونه قد ترك بعض واجباته ؛ لأنه لم يكن يعرف وجوب ذلك عليه ، وكذلك لم يأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يقضي ما تركه من الصلاة لأجل الجنابة ؛ لأنه لم يكن يعرف أنه يجوز الصلاة بالتيمم ، وكذلك المستحاضة قالت له : " إني أستحاض حيضة شديدة منكرة تمنعني الصوم والصلاة " فأمرها أن تتوضأ لكل صلاة ، ولم يأمرها بقضاء ما تركته ، وكذلك الذين أكلوا في رمضان حتى تبين لأحدهم الحبال البيض من الحبال السود ، أكلوا بعد طلوع الفجر ولم يأمرهم بالإعادة ، فهؤلاء كانوا جهالا بالوجوب ، فلم يأمرهم بقضاء ما تركوه في حال الجهل ، كما لا يؤمر الكافر بقضاء ما تركه في حال كفره وجاهليته ؛ بخلاف من كان قد علم الوجوب وترك الواجب نسيانا ، فهذا أمره به إذا ذكره " .
انتهى من" مجموع الفتاوى " (21 /429 – 431) .
وقال السيوطي رحمه الله :
" كُلُّ مَنْ جَهِلَ تَحْرِيمَ شَيْءٍ مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ غَالِبُ النَّاسِ لَمْ يُقْبَلْ مِنه دَعْوَى الجهْل ، إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ ، أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ يَخْفَى فِيهَا مِثْلُ ذَلِكَ : كَتَحْرِيمِ الزِّنَا ، وَالْقَتْلِ ، وَالسَّرِقَةِ وَالْخَمْرِ ، وَالْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ ، وَالْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ " .
انتهى من "الأشباه والنظائر" (ص: 200) .

وعلى ذلك : فلا إعادة عليك لتلك الصلوات التي صليت من قبل ، والحمد لله الذي وفقك للإيمان ، ونسأل الله لنا ولك الاستقامة على طريق أهل السنة والجماعة .
وعليك الاتصال بالمراكز الإسلامية التي تقوم على توعية الناس وتعريفهم بأمور دينهم ؛ لمعرفة الدين الصحيح وكيفية الاستقامة على منهج السلف الصالح .
وكذا الاطلاع على المواقع الإسلامية التي تنتهج منهج أهل السنة .
وينظر للفائدة إجابة السؤال رقم (119755) ، والسؤال رقم (164080) .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android