0 / 0
7,99201/07/2013

أتلف في السابق أشياء تخص مدرسته ، فكيف يضمنها الآن ؟

السؤال: 194434

شخص في جاهليته أتلف أشياء تخص المدرسة التي كان يدرس فيها عن قصد ، منها ميكروفونات ، تكسير زجاج النوافذ ، إعطاب صنابير المياه ، وإتلافها ، تحطيم بعض المعازف التي تخص حصة الموسيقى ، وأشياء من هذا القبيل ، والآن ندم وتاب إلى الله .
فماذا يفعل ليرد المظالم إلى أصحابها ، ومن هم أصحابها ، وهي مؤسسة حكومية ؟
وماذا يفعل إن لم يستطع الأداء لضيق ذات اليد ؟
وهل رد المظالم تقدر بالقيمة الحالية أم القيمة وقت إتلافها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
إتلاف الأموال والممتلكات المحترمة ، وما فيه منفعة للناس ، سواء كانت ملكيته خاصة أو عامة : هو نوع من الفساد الذي تأباه الفطر السليمة ، ويحرمه الشرع الحنيف ؛ وقد قال الله تعالى : ( وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) البقرة/60 ، وقال تعالى : ( وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) الشعراء/183 .

ثانياً :
المتلفات من حيث الضمان وعدمه قسمان :
القسم الأول : ما فيه الضمان ، وهو أن يتلف الإنسان شيئاً محترماً يجوز استعماله شرعاً ، كالأواني والسيارات والنوافذ وغير ذلك من الأشياء ، التي لم يأت الشرع بتحريم استعمالها ، فإتلاف هذا النوع من الأشياء فيه الضمان .

القسم الثاني : ما لا ضمان فيه ، وهو إتلاف ما لا يباح استعماله شرعاً ، كآلات المعازف ، والخمر ، والصليب ، فهذه لا ضمان على من أتلفها ؛ لأنه لا حرمة ولا قيمة لها شرعاً .

قال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله :
“ومن أتلف مالا محترما لغيره بغير إذنه ضمنه ; لأنه فوّته عليه فوجب عليه ضمانه ، وغير المحترم ، كآلات لهو ، وآنية خمر ، وآنية ذهب وفضة ، وصليب وصنم ونحوها لا يضمنه متلفه ؛ لعدم احترامه ” انتهى بتصرف من ” كشاف القناع ” (4/117) .

وعليه : فيلزمك ضمان ما أتلفته من ميكروفونات وزجاج النوافذ وصنابير المياه ؛ لأنها أشياء يجوز استعمالها شرعاً ، وأما آلات المعازف التي أتلفتها ، فلا ضمان عليك فيها ؛ لأنها غير محترمة شرعاً .

ثالثاً :
يشترط لصحة التوبة في حق من حقوق الناس : أن يرد الإنسان ذلك الحق إلى أصحابه ، أو أن يتحلل منهم – أي : يطلب منهم المسامحة – في رد ذلك الحق .

ولا فرق في الحكم بين أن تكون تلك الجهة التي وقع عليها الظلم ، جهة خاصة أو جهة حكومية ، فكلها يجب رد المظلمة عليها ، بل الخطر في الجهات العامة أشد ؛ فإن الحق الشخصي يمكن التحلل من صاحبه ، وأما هذه فليس لها صاحب معين يمكن التحلل منه .

فإذا أتلف الشخص شيئاً معيناً في أي دائرة حكومية ، فإنه يضمن ذلك الشيء المتلف لتلك الجهة التي حصل فيها الإتلاف ، فإن تعذر الوصول إلى تلك الجهة ؛ لكونها غير موجودة الآن ، فإن الضمان يصرف في مدرسة حكومية أخرى مثلها ، فإن تعذر ذلك أيضاً : صرف في مصالح المسلمين العامة ، كإصلاح الطرقات ، وبناء المدارس ، ونحو ذلك مما ينتفع به عموم المسلمين .

فإن عجز الإنسان عن رد تلك الحقوق في الوقت الحالي ، فإنها تبقى في ذمته يردها متى قدر على ذلك .
ولا يشترط أن يرد جميع ما أتلفه دفعة واحدة ، إلا إذا كان قادرا عليه ، فإن عجز عن بعضه : وجب عليه رد ما قدر عليه ، وما عجز عنه : بقي في ذمته إلى وقت القدرة .

رابعاً :
الأصل في ضمان المتلفات : أن المثلي يضمن بمثله ، وما ليس بمثلي ، فإنه يضمن بالقيمة ، وحساب القيمة إنما يكون بيوم التلف .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” والقول الراجح أن المثلي ما له مثيل أو مشابه ، سواء كان مكيلاً أو موزوناً أو حيواناً أو جماداً أو مصنوعاً أو غير مصنوع ، فكل ما له مثيل أو مشابه فإنه مثلي .

وقاعدة : أن المثلي يُضمن بمثله ؛ لأن مطابقة المثلي لمثله أقوى من مطابقة القيمة للشيء ، فالقيمة تقدير وتخمين ، والمماثلة مماثلة .

فعلى هذا ، لو أن شخصاً كسر فنجالاً لشخص ، فهل نلزمه أن يأتي بفنجال مثله لصاحب الفنجال الأول ؟ على المذهب : لا ، بل له قيمة الفنجال ، وعلى القول الراجح يلزمه أن يأتي بفنجال .

قوله : ( ويضمن غير المثلي بقيمته يوم تلفه ) وذلك لأن غير المثلي تثبت القيمة من حين الغصب ، فلو تلف هذا الذي ليس بمثلي فقيمته وقت التلف ؛ لأنه قبل التلف لا يزال ملكا لصاحبه فزيادته ونقصه على صاحبه ” .
انتهى بتصرف من ” الشرح الممتع ” (10/177 – 180) .

والحاصل ، إذا كانت تلك الأشياء المتلفة يمكن توفيرها الآن ، فعليك شراؤها وردها لتلك المدرسة ، ولا يلزمك إخبارهم بما جرى منك سابقاً ، بل يكفي أن تردها إليهم بطريقة لا تشق عليك ، ولا تحرجك .
فإن لم توجد تلك المدرسة ، وأمكن صرفها في مدرسة أخرى حكومية ، فهو المطلوب ، فإن لم يمكن ذلك – أي : توفير المثل – بأن كانت المدرسة التي حصل فيها التلف لا تقبل الأشياء العينية ، فقدر ثمن تلك الأشياء التي تلفت بسعرها يوم تلفها ، وادفعها لهم إن قبلوا ، وإلا فاصرفها في مصلحة عامة .

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android