تنزيل
0 / 0

إذا صلى المأموم خلف الإمام منفردا ، وهو يجهل الحكم ، فما حكم صلاته ؟

السؤال: 194500

إذا صليت مع الإمام جماعة ، وليس معنا أحد ، ووقفت خلفه منفردا ليس معي أحد ، فهل تصح صلاتي ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :
السنة أن يقف المأموم إذا كان واحداً ذكراً عن يمين الإمام ؛ لما روى البخاري (726)
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ” صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ ، فَأَخَذَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِي مِنْ وَرَائِي ، فَجَعَلَنِي
عَنْ يَمِينِهِ فَصَلَّى ” .

قال ابن قدامة رحمه الله : ”
وَإِذَا كَانَ الْمَأْمُومُ وَاحِدًا ذَكَرًا , فَالسُّنَّةُ أَنْ يَقِفَ عَنْ
يَمِينِ الْإِمَامِ رَجُلًا كَانَ , أَوْ غُلَامًا ; لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ”
انتهى من ” المغني ” (2/25) .

ثانياً :
صلاتك خلف الإمام حكمها حكم صلاة المصلي منفردا خلف الصف ، وقد اختلف أهل العلم
رحمهم الله في صحتها على أقوال :

القول الأول – وهو المشهور
من مذهب الحنابلة – : أن من صلى خلف الإمام أو خلف الصف منفرداً ، فإن صلاته لا تصح
، وتلزمه الإعادة ، ويستوي في ذلك المعذور وغير المعذور .

قال البهوتي رحمه الله : ”
ولا تصح صلاة الفذ أي : الفرد ، خلف الإمام ، أو خلف الصف ، إن صلى ركعة فأكثر ،
عامدًا أو ناسيًا ، عالمًا أو جاهلاً ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ( لا صلاة لفرد
خلف الصف ) رواه أحمد وابن ماجه ، ورأى عليه الصلاة والسلام رجلا يصلي خلف الصف ،
فأمره أن يعيد الصلاة ، رواه أحمد والترمذي وحسنه ، وابن ماجه ، وإسناده ثقات ”
انتهى من ” الروض المربع شرح زاد المستقنع ” (2/337 -338) .

والقول الثاني – وهو مذهب
الجمهور – : أن المصلي خلف الصف أو خلف الإمام منفرداً ، صلاته صحيحة .

جاء في ” الموسوعة الفقهية ”
(27/184-185) : ” وَلِذَلِكَ يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَاحِدٌ مُنْفَرِدًا خَلْفَ
الصُّفُوفِ دُونَ عُذْرٍ , وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ , وَتَنْتَفِي
الْكَرَاهَةُ بِوُجُودِ الْعُذْرِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ . وَهَذَا عِنْدَ
جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ : – الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ –
وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه :
أَنَّهُ انْتَهَى إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ رَاكِعٌ , فَرَكَعَ
قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الصَّفِّ , فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم فَقَالَ : ( زَادَك اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ ) . قَالَ الْفُقَهَاءُ :
يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ لُزُومِ الْإِعَادَةِ , وَأَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي
وَرَدَ فِي حَدِيثِ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ :
( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ ,
فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ ) . هَذَا الْأَمْرُ بِالْإِعَادَةِ : إنَّمَا
هُوَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ ; جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ ” انتهى .

والقول الثالث – وهو اختيار
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو قول لبعض أهل العلم – : لا تصح الصلاة خلف
الصف منفرداً ، إلا مع العذر ، والعذر هو اكتمال الصف الذي أمامه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله : ” يدل انفراد الإمام والمرأة على جواز انفراد الرجل المأموم لحاجة ،
وهو ما إذا لم يحصل له مكان يصلى فيه إلا منفردا .. ولأن واجبات الصلاة وغيرها تسقط
بالأعذار فليس الاصطفاف إلا بعض واجباتها ، فسقط بالعجز ” .
انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (23/246) .
وقال الشيخ ابن عثيمين بعد أن ذكر اختلاف العلماء في المسألة :
“وهذا القول الذي اختاره شيخ الإسلام هو اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله
، وهو الذي نراه صواباً : أنه إذا كان الصف تاماً فصلِ وحدك ، ولا تجذب أحداً ، ولا
تتقدم للصلاة مع الإمام ، هذا هو القول الصحيح الذي نراه أقرب إلى السنة من القول
بالبطلان مطلقاً أو بالصحة مطلقاً ” انتهى من ” لقاء الباب المفتوح ” .
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم : (11199)
.
ثانياً :
ظاهر الأحاديث التي تدل على لزوم إعادة الصلاة لمن صلى خلف الصف منفردا ، ظاهرها
أنه يستوي في ذلك الجاهل والعالم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” وَأَمَّا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْعَالِمِ
وَالْجَاهِلِ ، كَقَوْلٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ فَلَا يُسَوَّغُ ، فَإِنَّ
الْمُصَلِّيَ الْمُنْفَرِدَ [يعني : الذي أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بالإعادة]
لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالنَّهْيِ ، وَقَدْ أَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ ، كَمَا أَمَرَ
الْأَعْرَابِيَّ الْمُسِيءَ فِي صَلَاتِهِ بِالْإِعَادَةِ ” انتهى من ” مجموع
الفتاوى ” (23/397) .

وقال الشيخ أحمد بن عبد
الرحمن القاضي حفظه الله : ” سألت شيخنا – يعني ابن عثيمين – رحمه الله : هل يعذر
المنفرد خلف الصف بالجهل ؛ استدلالاً بحديث أبي بكرة ، وقول النبي صلى الله عليه
وسلم له ( زادك الله حرصاً ولا تعد ) ؟
فأجاب : كلا ، بل يؤمر بالإعادة ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك ،
وأما أبو بكرة رضي الله عنه ، فقد دخل في الصف ” انتهى من ” ثمرات التدوين من مسائل
ابن عثيمين ” .

ثالثا : سبق في الفتوى رقم :
(45648) أن من كان يصلي على صفة غير صحيحة
، ولكنه لم يكن عالما بالحكم أنه يؤمر بإعادة الصلاة إذا كان وقتها باقيا ، أما إذا
خرج وقتها فإنه لا يلزمه إعادتها ، ويكفيه أن يصحح صلاته في المستقبل . وذكرنا في
الفتوى المشار إليها الأدلة على ذلك من السنة النبوية .
وبناء على هذا ، فلا يلزمك أن تعيد تلك الصلاة ، ولكن لا تَعُدْ إلى هذا الفعل مرة
أخرى .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android