0 / 0

صلاة الفرض أعظم أجرا من صلاة النفل ، وتُقدَّم على صلاة النفل في كل حال .

السؤال: 194792

عندما أصلي قيام الليل عادة حينما أقوم بصلاة قيام الليل أو التهجد فإني أحرص على قراءة السور الطويلة ، لكني بعد ذلك عندما أصلي صلاة الفجر فإني أعجز عن أن اقرأ سوراً طويلة بسبب الإعياء الذي أشعر به ، فأيهما مقدّم في التطويل، صلاة التهجد أم الفجر ؟ وأيهما أكثر أجراً ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
ظاهر سؤال الأخ السائل أنه يصلي صلاة الفجر في بيته ولا يصليها في جماعة المسجد ، وهذا لا يجوز ؛ لأن صلاة الجماعة في المسجد واجبة على الأعيان ، لا يجوز التخلف عنها إلا لعذر . راجع لمعرفة الأدلة على وجوب صلاة الجماعة في المسجد جواب السؤال رقم : (8918) .
ثانيا :
صلاة الليل من أفضل نوافل الأعمال ، ومن أحسن ما يتقرب به العبد إلى ربه ، راجع لمعرفة فضل قيام الليل جواب السؤال رقم : (50070) .
وقد تقدم أيضا في جواب السؤال رقم : (138870) أن المشروع في صلاة الفجر إطالة القراءة .
ثالثا :
لا شك أن الاهتمام بالسنن من شرائع الدين وأبواب التقوى ، ولكن لا تقدم مصلحة النفل على الفرض ، بل الواجب العناية بالفرض أولا ، ثم تأتي العناية بالنفل بعد ذلك . وقد روى البخاري في صحيحه (6502) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( … وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ) .
قال الحافظ رحمه الله :
” وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ أَدَاء الْفَرَائِض أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّه ، قَالَ الطُّوفِيُّ : الْأَمْرُ بِالْفَرَائِضِ جَازِمٌ ، وَيَقَعُ بِتَرْكِهَا الْمُعَاقَبَةُ ، بِخِلَافِ النَّفْلِ فِي الْأَمْرَيْنِ ، وَإِنْ اِشْتَرَكَ مَعَ الْفَرَائِضِ فِي تَحْصِيلِ الثَّوَابِ ، فَكَانَتْ الْفَرَائِضُ أَكْمَلَ , فَلِهَذَا كَانَتْ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَشَدَّ تَقْرِيبًا , وَأَيْضًا : فَالْفَرْضُ كَالْأَصْلِ وَالْأُسِّ ، وَالنَّفْلُ كَالْفَرْعِ وَالْبِنَاءِ , وَفِي الْإِتْيَانِ بِالْفَرَائِضِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ اِمْتِثَالُ الْأَمْرِ ، وَاحْتِرَامُ الْآمِرِ وَتَعْظِيمُهُ بِالِانْقِيَادِ إِلَيْهِ ، وَإِظْهَارُ عَظَمَةِ الرُّبُوبِيَّةِ ، وَذُلِّ الْعُبُودِيَّةِ ؛ فَكَانَ التَّقَرُّبُ بِذَلِكَ أَعْظَمَ الْعَمَلِ …
وَقَالَ اِبْن هُبَيْرَة : يُؤْخَذ مِنْ قَوْله ” مَا تَقْرَب إِلَخْ ” : أَنَّ النَّافِلَة لَا تُقَدَّمُ عَلَى الْفَرِيضَة , لِأَنَّ النَّافِلَة إِنَّمَا سُمِّيَتْ نَافِلَةً لِأَنَّهَا تَأْتِي زَائِدَةً عَلَى الْفَرِيضَةِ , فَمَا لَمْ تُؤَدَّ الْفَرِيضَةُ لَا تَحْصُلُ النَّافِلَةُ , وَمَنْ أَدَّى الْفَرْضَ ثُمَّ زَادَ عَلَيْهِ النَّفْل وَأَدَامَ ذَلِكَ تَحَقَّقَتْ مِنْهُ إِرَادَةُ التَّقَرُّبِ ” انتهى .
وقد روى الإمام مالك في “الموطأ” (270) عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ : ” أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَدَ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ ، وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ غَدَا إِلَى السُّوقِ ، وَمَسْكَنُ سُلَيْمَانَ بَيْنَ السُّوقِ وَالْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ ، فَمَرَّ عَلَى الشِّفَاءِ أُمِّ سُلَيْمَانَ ، فَقَالَ لَهَا : لَمْ أَرَ سُلَيْمَانَ فِي الصُّبْحِ . فَقَالَتْ : إِنَّهُ بَاتَ يُصَلِّي فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ ، فَقَالَ عُمَرُ : ” لَأَنْ أَشْهَدَ صَلَاةَ الصُّبْحِ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُومَ لَيْلَةً “.

فصلاة الصبح تقدم بكل حال على صلاة الليل ، ولكن الموازنة بين الأعمال والجمع بينها أفضل من إهمال بعضها ، فينبغي أن يكون للمسلم حظه من قيام الليل ، ولكن دون أن يضر ذلك بصلاة الصبح ؛ إذ لا بد أن يحضرها في المسجد مع المسلمين ، وهو حاضر الذهن متيقظ ، لا يغالبه النوم .

فينبغي للعبد أن ينام مبكرا ، ثم يقوم قبل الفجر فيصلي ما شاء الله أن يصلي ، ثم يذهب لصلاة الصبح .
وإذا أحب أن يطيل في صلاة الليل ، فذلك من السنة ، ولكن إن رأى أن إطالة صلاة الليل ستؤثر على صلاة الصبح ، قدم مصلحة صلاة الصبح ، حتى يأتيها وهو متيقظ نشيط .
وإذا خُيّر بين إطالة صلاة الليل وإطالة صلاة الصبح – في حالة ما إذا كان إماما ، أو كان يصلي في بيته للعذر – أطال صلاة الصبح ؛ لأنها الفرض ، ولأنها أكثر أجرا بلا شك ؛ فقد روى مسلم (656) عن عُثْمَان بْن عَفَّانَ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ ) .
والموازنة بين الأعمال أفضل الأحوال – كما تقدم – .
راجع للاستزادة جواب السؤال رقم : (43738) ، (145693) .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android