0 / 0

من أصيب بمرض نفسي منعه من الضبط والتمييز هل يجب عليه قضاء الصلاة بعد العافية

السؤال: 195078

والدتي لم تصل ١٤ يوم ، وذلك بسبب مرضها النفسي ، وهي تحاول ، ولكن تلخبط السجود والركوع ، وحينما تكبر يأتيها نعاس وخمول ، ثم تغفو ، فإذا استيقظت لم تعلم هل صلت أم لا ، والحمد لله هي الآن بأتم صحة وعافية ؛ فهل تقضي صلاتها أم ماذا تفعل ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

من أصيب بمرض نفسي فله حالتان:
الحالة الأولى : أن يؤدي مرضه إلى خلل في عقله يمنعه من التمييز , فهذا لا تجب عليه الصلاة ؛ قياسا على من أصيب بجنون أو خرف أو عته ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ ) رواه أبو داود (4403) والترمذي (1423) والنسائي (3432) وابن ماجه (2041) .
قَالَ أَبُو دَاوُد : رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ فِيهِ : ( وَالْخَرِفِ )، والحديث صححه الألباني في ” صحيح أبي داود ” .
والخرف هو فساد العقل بسبب كبر السن ، وقد ذكر في “عون المعبود” ضعف هذه الرواية التي فيها ذكر ” الخرف ” من حيث الإسناد ، إلا أنه ذكر عن السبكي ما يفيد أن معناها صحيح ، قَالَ السُّبْكِيّ : الخرف زَائِد عَلَى الثَّلَاثَة ، وَهَذَا صَحِيح ، وَالْمُرَاد بِهِ الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي زَالَ عَقْله مِنْ كِبَر ؛ فَإِنَّ الشَّيْخ الْكَبِير قَدْ يَعْرِض لَهُ اِخْتِلاط عَقْل يَمْنَعهُ مِنْ التَّمْيِيز ، وَيُخْرِجهُ عَنْ أَهْلِيَّة التَّكْلِيف ، وَلا يُسَمَّى جُنُونًا ; لأَنَّ الْجُنُون يَقْبَل الْعِلاج ، وَالْخَرَف بِخِلافِ ذَلِكَ , وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ فِي الْحَدِيث : ( حَتَّى يَعْقِل ) لأَنَّ الْغَالِب أَنَّهُ لا يَبْرَأ مِنْهُ إِلَى الْمَوْت , وَلَوْ بَرِئَ فِي بَعْض الأَوْقَات بِرُجُوعِ عَقْله تَعَلَّقَ بِهِ التَّكْلِيف ” انتهى باختصار من ” عون المعبود وحاشية ابن القيم “(12 / 52).

وقد ذكر الأصوليون أن من أصيب بالعته ، فلا تجب عليه العبادات , جاء في ” تيسير التحرير ” (2 / 263):
” العته هو اختلال العقل بحيث يختلط كلامه فيشبه مرة كلام المجانين ومرة كلام العقلاء , والمعتوه لا تجب عليه العبادات ولا العقوبات كما لا تجب على الصبي العاقل ؛ لتمكن الخلل في العقل فيهما ” انتهى باختصار.

الحالة الثانية : ألا يصل الأمر إلى حد اختلال العقل ، وإنما يقتصر على مجرد الاكتئاب والضيق ونحوهما فهذا مكلف تجب عليه كل العبادات كما تجب على الصحيح .

ومثل هذا أيضا : إذا كان يجن أحيانا ، ويفيق أحيانا أخرى : فإنه يجب عليه أن يصلي في وقت إفاقته : صلاة الوقت ، ويقضي فيه ما فاته في وقت إغمائه ، أو غياب عقله .
فإن كانت الوالدة – أتم الله لها العافية والشفاء – قد أدى مرضها النفسي ـ وقت معاناتها منه ـ إلى خلل في العقل , أدى بها إلى عدم ضبط الأمور , وعليه فلا يجب عليها قضاء ما فاتها من صلوات أيام مرضها, فقد نص أهل العلم على أن من أصيب بمثل هذه الحالة وطالت فترة مرضه فلا يجب عليه قضاء الصلوات .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله ” من أصيب بحادث حتى غاب عنه شعوره : فهو من جنس المجنون والمعتوه ، فلا قضاء عليه ، فإذا طالت المدة حتى صارت كثيرة فإنه أشبه بالمجنون والمعتوه فلا قضاء عليه ، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء ، أما إن كانت الغيبة يومين أو ثلاثة ، فهو أشبه بالنائم والمغمى عليه فيقضي كما يروى عن بعض الصحابة أنهم أغمي عليهم لمدة يسيرة كاليوم واليومين فقضوا ” انتهى من ” فتاوى نور على الدرب ” (2/719) .
ولو احتاطت : فقضت ما فاتها من هذه الأيام ، على ما يتيسر لها ، يوما بعد يوم : كان خيرا ، إن شاء الله .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android