هل يجوز تغييرُ النية من التمتع إلى القران لِمَن لم يسق الهدي ؟ وهل نحرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بعدما أصبحت قارنة نَحَرَت يومَ النحر ؟
هل يجوز تغييرُ النية من التمتع إلى القران لِمَن لم يسق الهدي ؟ وهل نحرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بعدما أصبحت قارنة نَحَرَت يومَ النحر ؟
السؤال: 196997
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
المتمتع إذا لم يتمكن من الاعتمار قبل الحج ، فإنه يغيّر نيته من التمتع إلى القِران ، فينوي أنه صار قارناً بين الحج والعمرة معاً .
قال ابن قدامة رحمه الله : ” وإذا حاضت المتمتعة قبل الطواف للعمرة فخشيت فوات الحج ، أو خشي ذلك غيرُها ، أحرم بالحج مع العمرة وصار قارنا ؛ لحديث عائشة ، ولأنه يجوز إدخال الحج على العمرة لغير عذر فمع خشية الفوات أولى ” انتهى من ” الكافي في فقه الإمام أحمد” (1/483) .
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : (109336) .
ولا فرق في ذلك بين المتمتع الذي معه هدي والذي لا هدي معه ؛ لأنه إنما يفعله ليأمن فوات الحج ، وهذا معنى يشترك فيه من ساق الهدي ومن لم يكن معه هدي .
قال ابن قدامة رحمه الله :
” وكل متمتع خشي فوات الحج ، فإنه يحرم بالحج ، ويصير قارنا ، وكذلك المتمتع الذي معه هدي ، فإنه لا يحل من عمرته ، بل يهل بالحج معها ، فيصير قارنا ” انتهى من ” المغني ” (3/422) .
فإذا صار قارناً بعد أن كان متمتعا دخلت أعمال العمرة في حجه .
جاء في ” كشاف القناع عن متن الإقناع ” (2/416) ” وتسقط عنه العمرة أي : تندرج أفعالها في أفعال الحج كسائر القارنين , وتجزئ عن عمرة الإسلام ” انتهى .
وهذا على القول بإمكان الجمع بين التمتع وسوق الهدي ، وإلا فمن أهل العلم من منع التمتع على من ساق الهدي .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” والصواب أنه إذا ساق الهدي امتنع التمتع ؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولأحللت معكم ، وعلى هذا فليس أمام سائق الهدي إلا القران أو الإفراد . وإذا قلنا : إنه إذا كان معه الهدي لا يحل وهو متمتع صار هذا نسكاً رابعاً لم تأت به السنة : أن يكون متمتعاً لا يحل بين العمرة والحج ، فهذا لا نظير له ” انتهى من ” الشرح الممتع ” (7/ 278) .
ثانيا :
وأما سؤالك هل نحرت عائشة رضي الله عنها بعدما صارت قارنة ؟
فالجواب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نحر عنها بقرة ، ففي صحيح مسلم (1319) عن جابر رضي الله عنه ، قال : ” ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة بقرة يوم النحر ” .
وأما قول عائشة رضي الله عنها فيما رواه مسلم (1211) : ” فقضى الله حجنا وعمرتنا ، ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم ” ، فهذا قد أجاب عنه العلماء :
فقيل : إنها مدرجة وليست من كلام عائشة رضي الله عنها .
قال ابن القيم رحمه الله : ” هَذِهِ الزِّيَادَة وَهِيَ ” وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ هَدْي ..” مُدْرَجَة فِي الْحَدِيث مِنْ كَلَام هِشَام بْن عُرْوَة ، بَيَّنَهُ مُسْلِم فِي الصَّحِيح ” انتهى من ” تهذيب السنن (1/190) .
وقال القرطبي : ” وهذا الكلام المشكل يهون إشكاله : أنه قد رواه وكيع موقوفًا على هشام بن عروة وأبيه ، فقال : قال عروة : إنه قضى الله حجها وعمرتها . قال هشام : ” ولم يكن في ذلك هدي ، ولا صيام ، ولا صدقه ” وإذا كان الأمر كذلك سهل الانفصال ؛ بأن يقال : إن عروة وهشامًا لما لم يبلغهما في ذلك شيء أخبرا عن نفي ذلك في علمهما ، ولا يلزم من ذلك انتفاء ذلك الأمر في نفسه ، فلعل النبي صلى الله عليه وسلم أهدى عنها ، ولم يبلغهما ذلك ، وهذا التأويل أيضًا منقدح على تقدير : أن يكون هذا الكلام من قول عائشة . ويؤيده قول جابر : أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى عن عائشة بقرة ..
ويحتمل أن يكون معنى قولها : ” لم يكن في ذلك هدي.. ” ؛ أي : لم يأمرها بذلك ، ولم يكلفها شيئًا من ذلك ؛ لأنه نوى أن يقوم به عنها ، كما قد فعل على ما رواه جابر وغيره ” انتهى من ” المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ” (10/62) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ” وَقَالَ ابن خُزَيْمَةَ : مَعْنَى قَوْلِهِ ” لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ.. ” أَيْ فِي تَرْكِهَا لِعَمَلِ الْعُمْرَةِ الْأُولَى وَإِدْرَاجِهَا لَهَا فِي الْحَجِّ ، وَلَا فِي عُمْرَتِهَا الَّتِي اعْتَمَرَتْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ أَيْضًا ، وَهَذَا تَأْوِيل حسن ” انتهى من ” فتح الباري ” (3/610) .
وقال النووي رحمه الله : ” هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى إِخْبَارِهَا عَنْ نَفْسِهَا ، أَيْ لَمْ يَكُنْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ هَدْيٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا صَوْمٌ ، ثُمَّ إِنَّهُ مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا كَانَتْ قَارِنَةً ، وَالْقَارِنُ يَلْزَمُهُ الدَّمُ ، وَكَذَلِكَ الْمُتَمَتِّعُ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَأَوَّلَ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَجِبْ عَلَيَّ دَمُ ارْتِكَابِ شَيْءٍ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ كَالطِّيبِ وَسَتْرِ الْوَجْهِ وَقَتْلِ الصَّيْدِ وَإِزَالَةِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، أَيْ لَمْ أَرْتَكِبْ مَحْظُورًا فَيَجِبُ بِسَبَبِهِ هَدْيٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ صَوْمٌ هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي تَأْوِيلِهِ ” انتهى من ” شرح مسلم” (8/145) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة