0 / 0

هل يغير اسم عائلته إلى ” المسيحي ” بعد أن أسلم ؟

السؤال: 197354

بسبب ما حصلت عليه من الأسئلة القديمة ، وكذلك الأسئلة الحديثة التي كان لها أثر علي . الأسئلة التي تسببت في اعتناقي للإسلام ، فعلى الرغم من اعتناقي للإسلام ، يجب علي تعلم الكثير . يطرأ علي هذا السؤال أحياناً ، وأتمنى الآن أن أجد بعض العون هنا .
انفصل أبواي وأنا صغير السن جداً ، ولا يمكنني الحصول على أجوبة لهذه الأسئلة ، كبرت بين عائلة والدتي ، واستخدمت اسم عائلة أمي كلقب لي ، وبعد اعتناقي للإسلام اكتشفت أنني يجب أن أسمى بلقب عائلة والدي ، ولقب عائلة والدي ” المسيحي ” ، والآن المشكلة التي ظهرت أنه كان قد اعتنق النصرانية بسنوات قبل ميلادي ، ولا أعلم هل ” المسيحي ” هو لقبه الحقيقي أم أنه غيره حين اعتنق النصرانية ، ولا أعلم مكاناً لأبي ، وليس لدي أي وسيلة اتصال بأي فرد من عائلة والدي .
فماذا أفعل .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الشكر له سبحانه وتعالى أن هداك للإسلام ، ورزقك عقلا فطنا يبحث ويفتش ويتساءل عن الحق والهدى ، ويبحث عن الطمأنينة واليقين ، كما نشكره سبحانه أن جعلنا سببا لجواب تساؤلاتك ، ومساعدتك بالعقل والإقناع .
وجوابا على سؤالك الجديد نبين لك أنه لا يجب عليك تغيير اسم عائلتك إلى ” المسيحي ” لسبب واضح ويسير ، وهو أنك غير متثبت من صحته ومصداقيته ، بل غالب الظن أنه اسم مبدَّل عن الاسم الحقيقي ؛ لأن العشائر المسلمة لا تتسمى أبدا باسم ” المسيحي “، ورِدَّةُ والدك القديمة عن الإسلام إلى النصرانية لا تجيز له تبديل اسم العائلة ، فذلك من التلاعب المذموم بالأنساب ، يلجأ إليه المتنكرون لأصولهم ، طمعا في عرض من الدنيا قليل ، أو يغري به أهل الأديان والملل والنحل التي انتقل إليها المنتقل ، كي يساعدوا في تكثير سوادهم ، وسلخ المرتد إليهم عن قومه ومعشره كما سلخوه عن دينه ومعتقده ، ليضيع ماضيه فلا يملك إلى الرجوع سبيلا ، ولا يملك أبناؤه من بعده أدنى خيط يصلهم بأصلهم ، وهذه حيلة نعرفها ونعرف الكثيرين ممن قاموا بها ، وللأسف قد نجحت في كثير من الأحيان .
ولهذا فلا يشملك النهي عن الانتساب لغير الأب ، الوارد في حديث أبي ذر رضي الله عنه مرفوعا : ( وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ) رواه البخاري (3508)، فهذه الدعوى المحرمة مقيدة بالعلم والقصد ، أي أن تكون عالما بنسبك الحقيقي ، وقصدت تزييفه وتزويره ، أما في حال عدم العلم به فيكفي أن تنتسب إلى اسم أبيك وجدك من غير ذكر اسم العائلة ، فإن لم تتمكن من تغيير الأوراق في الدوائر الرسمية فلا أقل من الحرص على عدم الانتساب اللفظي إلى عائلة والدتك من جهتك أنت ، ولا حرج عليك حينها أن تبقى أوراقك الثبوتية إن لم تتمكن من تغييرها حتى يستبين لك الشأن .
قال الإمام الطبري رحمه الله :
” فإن قال قائل : ما وجه هذا الحديث ، وقد كان من خيار الناس من ينسب إلى غير أبيه ، كالمقداد بن الأسود الذى نسب إليه ، وإنما هو المقداد بن عمرو ، ومنهم من يدعى إلى غير مولاه الذى أعتقه ، كسالم مولى أبى حذيفة ، وإنما هو مولى امرأة من الأنصار ، وهؤلاء خيار الأمة ؟
قيل : لا يدخل أحد منهم في معنى هذه الأحاديث ، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا لا يستنكرون ذلك ، أن يتبنى الرجل منهم غير ابنه الذي خرج من صلبه فنسب إليه ، ولا أن يتولى من أعتقه غيره فينسب ولاؤه إليه ، ولم يزل ذلك أيضًا في أول الإسلام حتى أنزل الله : ( وما جعل أدعياءكم أبناءكم )الأحزاب/ 4، ونزلت ( ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله )الأحزاب/ 5 الآية ، فنسب كل واحد منهم إلى أبيه ، ومن لم يعرف له أب ولا نسب عرف مولاه الذى أعتقه ، وألحق بولائه عنه ، غير أنه غلب على بعضهم النسب الذى كان يدعى به قبل الإسلام ، فكان المعروف لأحدهم إذا أراد تعريفه بأشهر نسبه عرفه به من غير انتحال المعروف به ، ولا تحول به عن نسبه وأبيه الذي هو أبوه على الحقيقة رغبة عنه ، فلم تلحقهم بذلك نقيصة ، وإنما لعن النبي (صلى الله عليه وسلم) المتبرئ من أبيه والمدعى غير نسبه ، فمن فعل ذلك فقد ركب من الإثم عظيمًا وتحمل من الوزر جسيمًا ، وكذلك المنتمى إلى غير مواليه ” .
انتهى من ” شرح صحيح البخاري لابن بطال ” (8/347-348) . وينظر: ” إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ” (9/445) .
ويقول الإمام النووي رحمه الله :
” ومعنى ادعى لغير أبيه أي انتسب إليه ، واتخذه أبا . وقوله صلى الله عليه وسلم: ( وهو يعلم ) : تقييد لابد منه ؛ فإن الإثم إنما يكون في حق العالم بالشيء ” .
انتهى من ” شرح صحيح مسلم ” (2/50) .
وعلى كل حال : نحب أن ننبهك إلى أن الصواب في حالتك أنك قد رجعت إلى الإسلام ، فالشريعة الإسلامية لا تعترف بانتقال المسلم عن دينه كما فعل والدك ، لذلك أبناؤه يبقون في دائرة الإسلام وحكمه ، فإذا بلغوا واختاروا غير الإسلام كانوا في حكم المرتدين أيضا ، فإذا رجعوا إلى إسلامهم فقد تابوا وأنابوا إلى دينهم الأول ، وما سواه من الأديان حكمه لاغ عنهم ، ولا عبرة بردة والدهم إليه ، كما جاء في ” التاج والإكليل ” من كتب المالكية (8/374): ” ولد المرتد : فلا يلحق به في الردة إذا كان صغيرا ؛ إذ تبعية الولد لأبيه إنما تكون في دين يقر عليه ” انتهى .
وللمزيد يمكن مراجعة الفتوى رقم : (180561) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android