0 / 0
39,33110/06/2013

الحركة والتمايل أثناء ذكر الله من البدع المحدثة

السؤال: 197384

رأيت مجموعة من الناس يتحركون أثناء أداء الذكر ، وأظن أن هذا لا يجوز، ثم أرسل لي أحد الأشخاص الذين يؤيدون هذا الفعل ما يلى :

فيما يخص الرقص :

روى الإمام أحمد من حديث أنس رضى الله عنه قال: ” كانت الحبشة يرقصون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقولون : محمد عبد صالح ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما يقولون ؟ ) ، قالوا : يقولون : محمد عبد صالح ” .
، وهو عند أحمد من طريق حماد عن ثابت عن أنس.

كيف يفهم أهل السنة هذا الحديث ؟

وهل في هذا الحديث سند لزعم القائل : إنه لا بأس من التحرك مع الذكر؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
روى الإمام أحمد (12540) وابن حبان (5870) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ” كَانَتِ الْحَبَشَةُ يَزْفِنُونَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَرْقُصُونَ ، وَيَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ عَبْدٌ صَالِحٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا يَقُولُونَ؟ ) قَالُوا: يَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ عَبْدٌ صَالِحٌ .
قال محققو المسند : ” إسناده صحيح على شرط مسلم ” .
وفي رواية ابن حبان لهذا الحديث : أَنَّ الْحَبَشَةَ كَانُوا يَزْفِنُونَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يعني يرقصون – وَيَتَكَلَّمُونَ بِكَلَامٍ لَا يَفْهَمْهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا يَقُولُونَ ؟ ) قَالُوا : مُحَمَّدٌ عبد صالح ” .
قال ابن مفلح رحمه الله ، في الآداب الشرعية (1/381) : ” إسناده جيد ” .

والواقع أن الحديث لا يصح دليلا على ما أراده هذا القائل ، من مشروعية الرقص والتمايل عند الذكر ، وذلك لأمور :
الأول :
أن مراد الحبشة من ذلك ، لم يكن في واقع الأمر القيام في حال الذكر، والرقص لأجل ذلك ؛ بل كانوا يلعبون في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعض الروايات تفيد بأن لعبهم ذلك كان فرحا بمقدمه الشريف إلى المدينة النبوية : فمن ذلك ما رواه البخاري (454) ومسلم (892) عن عَائِشَةَ قَالَتْ : ( لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي وَالحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ ، أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ ) .
وروى مسلم (892) عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ” جَاءَ حَبَشٌ يَزْفِنُونَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي الْمَسْجِدِ ، فَدَعَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى مَنْكِبِهِ ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ ، حَتَّى كُنْتُ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهِمْ “.
وروى البخاري (2901) ومسلم (893) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ” بَيْنَا الحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِرَابِهِمْ ، دَخَلَ عُمَرُ فَأَهْوَى إِلَى الحَصَى فَحَصَبَهُمْ بِهَا، فَقَالَ: (دَعْهُمْ يَا عُمَرُ) ” .
وروى أحمد (12649) وأبي داود (4923): عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ” لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ لَعِبَتِ الْحَبَشَةُ لِقُدُومِهِ بِحِرَابِهِمْ فَرَحًا بِذَلِكَ ” .
وإسناده صحيح على شرط الشيخين .
وروى أحمد (25962) عن عُرْوَةُ، أنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: ” قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ – يعني يوم لعب الحبشة في المسجد، ونظرت عائشة إليهم – ( لِتَعْلَمَ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ ) وحسنه الألباني في “الصحيحة” (1829) .
فمن تأمل هذه الأحاديث علم أن المقام كان مقام لعب وفرح ومرح ، ولم يكن مقام ذكر ، وتواجد ، وتمايل في حلق الذكر ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ( لتعلم يهود أن في ديننا فسحة ) ، وهذا إنما يقال في مقام الترخص واللهو واللعب ، وليس في مقام الذكر والخشوع .

الثاني :
ليس المراد بالرقص المذكور في هذه الرواية ، ما يفهمه المتصوفة من التراقص والتمايل عند أذكارهم وأورادهم ؛ بل المراد به لعبهم ولهوهم بحرابهم ، كما دلت على ذلك الروايات الأخرى المذكورة فيما سبق .
قال النووي رحمه الله :
” وَحَمَلَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى التَّوَثُّبِ بِسِلَاحِهِمْ وَلَعِبِهِمْ بِحِرَابِهِمْ عَلَى قَرِيبٍ مِنْ هَيْئَةِ الرَّاقِصِ لِأَنَّ مُعْظَمَ الرِّوَايَاتِ إِنَّمَا فِيهَا لَعِبهِمْ بِحِرَابِهِمْ فَيُتَأَوَّلُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ عَلَى مُوَافَقَةِ سَائِرِ الرِّوَايَاتِ” .
انتهى من “شرح مسلم” للنووي (6/186) .

الثالث :
ليس في شيء من صنيع أئمة الحديث ورواته ، وتصرفهم في الحديث وتبويبهم عليه : ما يشير إلى مسألة الرقص عند الذكر ، من قريب أو من بعيد ، بل كلهم يبوب عليه بما سبق ذكره من : اللعب في العيد ، والفسحة في الدين ، ونحو ذلك :
فقد بوب البخاري لحديث عائشة : ” بَابُ أَصْحَابِ الحِرَابِ فِي المَسْجِدِ ” .
وبوب لحديث أبي هريرة : ” بَابُ اللَّهْوِ بِالحِرَابِ وَنَحْوِهَا ” .
وبوب أبو داود لحديث أنس : ” بَابٌ فِي النَّهْيِ عَنِ الْغِنَاءِ ” .
وبوب النسائي لحديث عائشة: ” اللَّعِبُ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْعِيدِ وَنَظَرُ النِّسَاءِ إِلَى ذَلِكَ”.
وبوب له النووي في شرح مسلم : ” بَابُ الرُّخْصَةِ فِي اللَّعِبِ الَّذِي لَا مَعْصِيَةَ فِيهِ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ ” .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (133594) .

ثانيا :
نص غير واحد من أهل العلم على أن الحركة والتمايل أثناء الذكر من البدع المحدثة ، وأن الرقص أثناء الذكر من بدع الصوفية المضلة .
سئل علماء اللجنة :
هل الذكر الذي يعمله بعض الناس في مصر وأريافها من الدين؟ مثلا يقفون ويتمايلون يمينا ويسارا ويذكرون لفظ الجلالة ؟
فأجابوا : ” هذا العمل لا نعلم له أصلا في دين الله ، بل هو بدعة ، ومخالفة لشرع الله يجب إنكارها على من يعملها ولا سيما مع القدرة على ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق عليه ” .
انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة” (2/ 521) .

وينظر جواب السؤال رقم : (143924) .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android