0 / 0
32,21519/03/2013

له دين على شخص معسر وعنده صدقات موكل في صرفها فهل يجوز له أخذ دينه منها؟

السؤال: 197493

لي دين عند شخص متعثر جدا ، وأحيانا يأتيني مال صدقة من شخص ، لأنفقه كيفما أشاء ؛ فهل يحق لي أن آخذ من هذه الصدقة وأخصم ما أخذت من هذا المدين ؟ أم يجب أن أخبر المدين بأني أخصم من الصدقات التي تأتيني من الدين الذي عنده ؟ أم إنه لا يحق لي أخذ المال أصلا ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

فيجوز دفع الزكاة والصدقة إلى الغير وتوكيله في دفعها إلى الفقراء والمستحقين , جاء في ” الإنصاف ” (3 /197 ) : ” يجوز التوكيل في دفع الزكاة , وهو صحيح ، لكن يشترط فيه أن يكون ثقة , نص عليه [ يعني الإمام أحمد ] , وأن يكون مسلماً , على الصحيح من المذهب ” انتهى .
ولكن تفريق الشخص للزكاة والصدقة بنفسه أفضل , جاء في ” المجموع ” (138/6) : ” له أن يوكل في صرف الزكاة التي له تفريقها بنفسه … وإنما جاز التوكيل في ذلك مع أنها عبادة ; لأنها تشبه قضاء الديون ; ولأنه قد تدعو الحاجة إلى الوكالة لغيبة المال وغير ذلك …. وتفريقه بنفسه أفضل من التوكيل بلا خلاف ; لأنه يكون على ثقة من تفريقه بخلاف الوكيل ” انتهى .
وعليه فإذا وكلك – أيها السائل – أحد الناس في دفع الزكاة أو الصدقة إلى الفقراء أو غيرهم من المستحقين فالواجب عليك أن تدفعها إليهم , ولا يجوز لك أن تأخذها وتحتسبها مما لك من ديون على الناس , لأن المقصود من دفع الزكاة للفقراء أن تصل إليهم ويتملكوها, قال الشيخ ابن عثيمين في تفسيره (3 / 358) “الصدقة لا تعتبر حتى يوصلها إلى الفقير؛ لقوله تعالى: ( وتؤتوها الفقراء) , ويتفرع على هذا فرعان:
أحدهما: أن مؤونة إيصالها على المتصدق.
الثاني: أنه لو نوى أن يتصدق بماله ، ثم بدا له ألا يتصدق فله ذلك ؛ لأنه لم يصل إلى الفقير” انتهى.
وقال المرداوي الحنبلي في “الإنصاف” (234/3) : ” يشترط في إخراج الزكاة تمليك المعطى , فلا يجوز أن يغدي الفقراء أو يعشيهم..” انتهى .

وقد نص أهل العلم على أن الشخص إذا كان له دين على فقير فلا يجوز له أن يسقطه ويعتبر ذلك من الزكاة , لأن الزكاة لا بد فيها من الإعطاء والتمليك , سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : إذا كان لك دين عند مريض أو فقير معسر فهل لك أن تسقطه عنه من الزكاة ؟
فأجاب : ” لا يجوز ذلك ؛ لأن الواجب إنظار المعسر حتى يسهل الله له الوفاء ، ولأن الزكاة إيتاء وإعطاء ، كما قال الله سبحانه : ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ) ، وإسقاط الدين عن المعسر ليس إيتاء ولا إعطاء ، وإنما هو إبراء ، ولأنه يقصد من ذلك وقاية المال لا مواساة الفقير .
لكن يجوز أن تعطيه من الزكاة من أجل فقره وحاجته ، أو من أجل غرمه ، وإذا رد عليك ذلك أو بعضه من الدين الذي عليه فلا بأس ، إذا لم يكن ذلك عن مواطأة بينك وبينه ولا شرط ، وإنما هو فعل ذلك من نفسه .
وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه ” انتهى من “فتاوى الشيخ ابن باز” (280/14).

فإذا كان صاحب الزكاة ، لا يحل له أن يسقط عن المدين من الدين بقدر زكاته ، فكيف إذا لم يكن الدائن صاحب الزكاة أصلا ، وإنما هو وكيل مؤتمن عليها من أصحابها ، هذا أبعد له من الجواز ، وإنما هو تصرف لمحض مصلحة النفس .
ومن المعلوم أنه إذا كان المدين معسرا ، فالواجب على الدائن أن ينظره حتى ييسر الله له , قال الله تعالى : ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة/ 280 , قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله : ” أي : وإن كان الذي عليه الدين معسراً ، لا يقدر على الوفاء : وجب على غريمه أن ينظره إلى ميسرة ، وهو يجب عليه إذا حصل له وفاء بأي طريق مباح : أن يوفي ما عليه ، وإن تصدق عليه غريمه بإسقاط الدين كله ، أو بعضه فهو خير له ” انتهى من تفسير السعدي ( ص 959 ) .

والحاصل : أنه لا يحل لك أن تأخذ من هذه الصدقة شيئا أصلا ، سواء أخبرت بذلك الفقير أم لم تخبره ، وسواء أذن لك أم لم يأذن ، بل ليس لك أن تعطيه من هذا المال لأجل أن يرده إليك؛ وإنما هو يتملكه بوصف الفقر والحاجة ، ثم لك أن تطالبه بحقك عنده ، إذا لم يكن معسرا .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android