تنزيل
0 / 0

حكم المسح على الخفاف المصنوعة من جلود القرود

السؤال: 197680

ما حكم المسح على الخفين أو الجوربين المصنوعين من جلد القرد ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

جلود الحيوانات تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول :
جلد ما يؤكل لحمه ، إذا ذكي ذكاة شرعية ، فهذا يحل استعماله بالاتفاق ، سواء دبغ أو
لم يدبغ .
القسم الثاني:
جلد ميتة ما يؤكل لحمه : فهذا يجوز استعماله بعد الدباغ ، على الصحيح .
القسم الثالث:
جلد ما لا يؤكل لحمه كالأسد والنمر والقرد الفهد ..
فهذ النوع : اختلف العلماء رحمهم الله في حكمه اختلافاً كثيراً ذكره النووي ـ رحمه
الله ـ في المجموع وذكر أقوال العلماء وأوصلها إلى سبعة مذاهب:
ينظر : “المجموع” للنووي (1/271) ، و” المغني”(1/53).

والذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن ما ذهب إليه الإمام أحمد وجماعة من السلف من تحريم
استعمال جلود السباع وما لا يؤكل لحمه : أقرب للصواب ، ويدل لذلك :
حديث : سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ رضي الله عنه : ” أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ دَعَا بِمَاءٍ مِنْ عِنْدِ
امْرَأَةٍ قَالَتْ مَا عِنْدِي إِلَّا فِي قِرْبَةٍ لِي مَيْتَةٍ قَالَ: ( أَلَيْسَ
قَدْ دَبَغْتِهَا ) قَالَتْ بَلَى قَالَ: ( فَإِنَّ دِبَاغَهَا ذَكَاتُهَا ) رواه
أحمد (19214)، والنسائي(4170) ، وصححه الألباني في ” غاية المرام ” (26).
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ فَقَالَ : ( دِبَاغُهَا ذَكَاتُهَا ) رواه النسائي(4172).
وصححه الشيخ الألباني.

ومعلوم أن ما لا يؤكل لحمه ، لا تحله الذكاة .
سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ :
ما هو الضابط في استخدام الجلود سواء كانت مأكولة اللحم أو غير مأكولة اللحم، وسواء
كانت مدبوغة أو غير مدبوغة؟
فأجاب: ” أما جلود ما يحل بالذكاة فإنها طاهرة ؛ لأنها صارت طيبة بالذكاة ، كجلود
الإبل والبقر والغنم والظباء والأرانب وغيرها، سواء دبغت أم لم تدبغ ، وأما جلود
غير المأكول كجلود الكلاب والذئاب والأسود والفيلة وما أشبهها فإنها نجسة ، سواء
ذبحت أو ماتت أو قتلت ؛ لأنه وإن ذبحت لا تحل ولا تكون طيبة ، فهي نجسة ، وسواء
دبغت أم لم تدبغ على القول الراجح ؛ لأن القول الراجح : أن الجلود النجسة لا تطهر
بالدباغ إذا كانت من حيوان لا يحل بالذكاة ، أما جلود ما يموت قبل أن يذكى مما يؤكل
لحمه ، فإنها إذا دبغت صارت طاهرة ، وقبل الدبغ هي نجسة ، فصارت الجلود الآن على
ثلاثة أقسام:
القسم الأول : طاهر، دبغ أم لم يدبغ ، وهو جلود الحيوان المذكى ، إذا كان يؤكل.
القسم الثاني : جلود لا تطهر لا بعد الدبغ ولا قبل الدبغ ، فهي نجسة ، وهي جلود ما
لا يؤكل لحمه .
القسم الثالث : جلود تطهر بعد الدبغ ولا تطهر قبله ، وهي جلود ما يؤكل لحمه إذا
ماتت بغير ذكاة ” انتهى من “لقاء الباب المفتوح” لقاء رقم(16).
وينظر جواب السؤال رقم : (147632).

ويضاف إلى ذلك : أن القرد من فصيلة السباع وقد نهى النبي – صلى الله عليه وسلم –
عن استعمال جلودها.
عن المقدام بن معد يكرب , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نَهَى عَنْ لُبْسِ
جُلُودِ السِّبَاعِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهَا ) رواه أبو داود(4131) وصححه الشيخ
الألباني.
عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أَنْ تُفْتَرَشَ
)رواه الترمذي(1771) ، وصححه الألباني في ” مشكاة المصابيح ” برقم (506).
وينظر جواب السؤال رقم : (105419).
ثانياً:
إذا تقرر نجاسة جلود ما لا يؤكل لحمه وجلود السباع بعد الموت ، لم يجز لبسها في
الصلاة ولا المسح عليها في الطهارة ولو بعد الدبغ ؛ لأن من شروط الصلاة طهارة
والثياب ومن شروط المسح على الخفين طهارتهما.

جاء في “كشاف القناع” (1/116): “يشترط أيضاً ( طهارة عينه ) لأن نجس العين منهي
عنه ( فلا يصح ) المسح ( على نجس ولو في ضرورة ) لما تقدم في الحرير…” انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ قوله: ” على طاهر “.
هذا هو الشَّرط الثَّاني من شُروطِ صِحَّةِ المسحِ على الخُفَّين ، وهو أن يكونَ
الملبوس طاهراً.
والطَّاهر: يُطلَقُ على طاهر العين ، فيخرج به نجس العين.
وقد يُطْلَقُ الطَّاهرُ على ما لم تُصبْه نجاسةٌ ، كما لو قلت : يجب عليك أن
تُصلِّيَ بثوبٍ طاهر، أي: لم تُصبْه نجاسةٌ .
والمراد هنا طاهر العين ؛ لأن من الخِفَاف ما هو نجس العين كما لو كان خُفَّا من
جلد حمار، ومنه ما هو طاهر العين لكنَّه متنجِّس؛ أي: أصابته نجاسة، كما لو كان
الخُفُّ من جلد بعيرٍ مُذكَّى لكن أصابته نجاسة ، فالأوَّل نجاسته نجاسة عينيَّة ؛
والثَّاني نجاسته نجاسة حُكميَّة ، وعلى هذا يجوز المسح على الخُفِّ المتنجِّس ،
لكن لا يُصلِّي به ، لأنه يُشترط للصَّلاة اجتناب النَّجاسة .. ووجه اشتراط
الطَّهارة : أن المسحَ على نجس العين لا يزيدُه إلا تلويثاً، بل إن اليد إذا باشرت
هذا النَّجسَ وهي مبلولةٌ تنجَّست . ” انتهى من “الشرح الممتع”(1/228).
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android