أنا طالبة في المدرسة حيث يتعين على الطلاب شراء كتب دراسية لكل فصل دراسي ، ثم بحلول نهاية الفصل وبداية فصل آخر يتوجب على الطالب شراء كتب أخرى ، وقد قامت مكتبة المدرسة بوضع خيارين أمام الطالب : إما الشراء وإما الإيجار .
فعند الشراء هناك سعر محدد لكل كتاب تشتريه ، وقد أتاحت المكتبة فرصة إعادة بيع هذا الكتاب لهم بعد انتهاء الفصل الدراسي ، لكن بسعر أقل مما اشتراه الطالب .
فهل هذا ربا ؟
وأما بالنسبة للإيجار فمعناه أن تستأجر منهم الكتاب مقابل مبلغ محدد من المال ، وهو في العادة مبلغ أقل من سعره الأصلي ما لو اشتريته ، وبانتهاء الفصل الدراسي يجب إعادة الكتاب إلى المكتبة دون أن يعيدوا لك شيئاً من مبلغ الإيجار الذي دفعته لهم .
فهل هذه الصورة جائزة ؟ وهل تحتوي على شيء من الربا ؟
ما حكم شراء الكتب من المكتبة ، ثم بيعها على نفس المكتبة في نهاية الفصل الدراسي بسعر أقل ؟
السؤال: 198335
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الصورتان المذكورتان في السؤال ، ليس فيهما ربا ولا محذور شرعي .
فالصورة الأولى : إذا حصل الشراء للكتب ، ودفع الطالب قيمة الكتب ، ثم بعد انقضاء السنة الدراسية ، باع تلك الكتب ، ولو بسعر أقل ، فالبيع صحيح ، وليس في المسألة ربا ولا حيلة على الربا ، مادام أن الطالب قد اشترى الكتاب نقدا من المكتبة لحاجته ، أو أتم سداد ثمنه ، قبل بيعه على المكتبة ؛ ثم باعه بعد استعماله ، وانقضاء حاجته ، ولم يشتره بالتقسيط ، ليبيعه نقدا بعد ذلك ؛ فالفرق بين السعرين : سعر البيع وسعر الشراء ، إنما هو لأجل ما نقص من قيمة الكتاب باستعماله ، وليس لأجل التفاوت بين البيع بثمن آجل ، والشراء بثمن عاجل ، كما هو الحال في بيع العينة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله – شارحاً لكتاب زاد المستقنع – :
” قوله : ( أو بعد قبض ثمنه ) أي : لو اشتراه بعد قبض ثمنه بأقل ، فلا بأس ، وكذلك لو اشتراه بأكثر أو بمساوٍ .
مثاله : باع السيارة بعشرين ألفاً إلى سنة ، ولما تمت السنة قبض عشرين ألفاً ، ثم اشتراها من المشتري بخمسة عشر ألفاً ، فهذا جائز ؛ لأن الحيلة منتفية هنا ، فإذا اشتراها بأقل مما باعها به بعد قبض الثمن ، فلا بأس .
قوله : ( أو بعد تغير صفته ) .
مثاله : أن أبيع عليه بقرة سمينة بمائة درهم إلى ستة أشهر ، وبعد مضي ثلاثة أشهر هزلت البقرة ، فأصبحت لا تساوي إلا نصف القيمة ، فاشتراها البائع بنصف قيمتها ، أي : بأقل مما باع نقدا ، يقول المؤلف : لا بأس بذلك ؛ لأن النقص هنا ليس في مقابل الأجل ، ولكن في مقابل تغير الصفة .
لكن ينبغي أن يقيد هذا بما كان الفرق بين الثمنين ، هو ما نقصت به العين بسبب التغير ، لا من أجل التأجيل والنقد ، فلا بد أن يكون نقص الثمن بمقدار نقص الصفة .
فمثلا : إذا قدرنا هذه البقرة هزلت ، وصارت بعد أن كانت تساوي مائتين إلى أجل ، لو بعناها الآن لكانت تساوي مائة وثمانين ، فاشتراها بهذا السعر ، فهذا جائز ؛ لأن النقص مقابل نقص الصفة ، لكن لو كانت لم تنقص إلا عشرين باعتبار الصفة ، وهو اشتراها بمائة وستين ، وفرق العشرين هذه من أجل الفرق بين التأجيل وبين النقد : فهذا حرام ؛ لأن الفرق الذي حصل الآن بين الثمنين ، من أجل تغير الصفة ، ومن أجل التأجيل ، فلذلك كان حراما ؛ لأن هذه هي مسألة العينة ، فصار لا بد من هذا القيد .
مثال آخر : باع السيارة بعشرين ألفا إلى سنة ، وبعد مضي ثلاثة أشهر اشتراها بثمانية عشر ألفا ، والسيارة الآن تغيرت فصار فيها صدمات ومشت مسافة أكثر ، فنقول : إذا كان نقص الألفين بمقدار نقص الصفة ، فهذا جائز ، ولكن إن كان أقل ونقص من أجل النقد ، فهذا لا يجوز ” ” انتهى من ” الشرح الممتع ” (8/217) .
وكذلك الحال في الصورة الثانية : فاستئجار الكتب معاملة مباحة ، لا حرج فيها ؛ فهي أجرة مقابل منفعة القراءة والإطلاع .
قال ابن قدامه رحمه الله : ” أما سائر الكتب الجائز بيعها , فتجوز إجارتها …. ؛ لأنه انتفاع مباح يُحتاج إليه , فجازت إجارته كسائر المنافع ” .
انتهى مختصرا بتصرف يسير من ” المغني ” (5/323) . .
وقال الشيخ البهوتي رحمه الله : ” ويصح استئجار كتاب للقراءة فيه ، والنظر فيه ، أي : مراجعة المسائل … ; لأن نفعه مباح مقصود ، يُستَوفَى مع بقاء الكتاب ، إلا المصحف , فلا تصح إجارته ، وإن صححنا بيعه ؛ تعظيما له ” انتهى من ” كشاف القناع ” (3/562) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب