0 / 0

كراهية التسمي باسم يوشع

السؤال: 199095

أي من هذه الأسماء الآتية تدخل تحت الشريعة الإسلامية : يوشع ، أو يوشا ، وما هو النطق الصحيح ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
الاسم الصحيح الذي ثبت لفظه في السنة النبوية هو يوشع بن نون ، وهو اسم الفتى الذي رافق موسى عليه السلام في رحلته إلى الخضر ، والذي فصَّل القرآن الكريم قصتهما في سورة الكهف ، فقد ثبت في ” صحيح البخاري ” (3401) ، وفي ” صحيح مسلم ” (2380) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثُمَّ انْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ ، حَتَّى إِذَا أَتَيَا الصَّخْرَةَ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا ) .
وكان ذلك الفتى أحد أنبياء بني إسرائيل فيما بعد ، وأشهر قادتهم ورموزهم التاريخية ؛ وهو الذي تولى مقام النبوة بعد موت موسى عليه السلام ، وقد جاء خبره في السنة النبوية في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ عَلَى بَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ) رواه الإمام أحمد في ” المسند ” (14/65) وقال المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة : إسناده صحيح على شرط البخاري ، وكذا قال الحافظ ابن كثير في ” البداية والنهاية ” (1/301) ، وصححه ابن حجر في ” فتح الباري ” (6/255) ، والألباني في ” السلسلة الصحيحة ” (2226) .
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :
” قام بأعباء النبوة بعد موسى وتدبير الأمر بعده : فتاه يوشع بن نون عليه السلام ، وهو الذي دخل بهم بيت المقدس ” انتهى من ” البداية والنهاية ” (1/359) .
واسم ( يوشع ) ، أو ( يشوع ) ” هو المقابل العربي للاسم العبري يهوشواع ومعناه يهوه [ الرب ] هو الخلاص ، ويشوع بن نون ، كان اسمه في البداية شواع ، وأضاف موسى الجزء الأول فصار يهوشواع ، ثم دعاه موسى يشوع . وهو يُسمَّى أيضاً يوشع . وهو خليفة موسى وخادمه ، وابن نون من سبط إفرايم ” انتهى . ينظر ” موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية ” (4/229) (Joshua) .
وقد اقترن اسم هذا النبي الكريم في المعرفة التوراتية والثقافة الإسرائيلية بالقائد العسكري الصلب الذي استعمل جميع الأساليب المحظورة في سبيل تثبيت عرش دولة العبرانيين ، كالحرق والهدم والابتزاز بالعاهرات ونحو ذلك مما نعتقد بطلان نسبته إليه ، فالأنبياء في العقيدة الإسلامية معصومون من الوقوع في كبائر الذنوب وخوارم المروءة ، ومعلوم أن الكتب المحرفة التي في أيدي اليهود تشتمل على الكثير جدا من الطعن المخزي في رسل الله وأنبيائه .
جاء في ” موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية ” (4/229) حول نبي الله يوشع بن نون ، أو يشوع بن نون : ” وُلد في مصر ، وأرسله موسى مع كالب ليتجسسا . ويُصوِّره العهد القديم باعتباره نبياً وقائداً عسكرياً قاد القبائل العبرانية إلى أرض كنعان ، واقتحمها حسب الرواية التوراتية بعد معارك ضارية مع العموريين والمؤابيين والفرزيين والكنعانيين والحيثيين والجرجاشيين والحوريين واليبوسيين ، فأحرقوا بعض مدنهم ، وقتلوا رجالهم مستخدمين الوسائل كافة ، ومن ذلك الخداع والتجسس عن طريق العاهرات (1250 ـ 1200 ق. م).
استمر يشوع بن نون في حكم العبرانيين مدة ثمانية وعشرين عاماً ، فقسَّم الأرض التي احتلوها بالقرعة على القبائل العبرانية ، واستثنى اللاويين الذين قاموا بالأعمال الكهنوتية ، وترك ست مدن على الشاطئين الأيمن والأيسر لنهر الأردن لتكون ملجأ للمشرَّدين من العبرانيين المتهمين بالقتل الخطأ ، وكان يُحذِّر جماعة يسرائيل من ترك الرب وعبادة آلهة غريبة ، ويروي سفر يشوع أخباره ، ومن بينها أنه أصدر أمره إلى الشمس بأن تقف حتى ينتقم من أعدائه فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل (يشوع 10/13) .
ويشوع هو الذي أمر العبرانيين بأن يطوفوا بأسوار أريحا سبع مرات وأمامهم سبعة كهنة ينفخون في الأبواق ، فسقط السور وسقطت المدينة في أيديهم . ويُفسِّر بعض المحدَثين من اليهود هذه الظاهرة بأنه من تأثير شدة ذبذبات أصوات الأبواق . ومهما يكن الأمر ، فقد قام يشوع بإحراق أريحا بالنار بأمر يهوه وكل ما بها ما عدا راحاب العاهرة (يشوع 6/22 ـ 24) .
ويُلاحَظ أن التصوُّر السائد للخالق في سفر يشوع لا يختلف كثيراً عما جاء على نقش ميشع ، حيث نجد أن الإله القومي يجد غبطة غير عادية في عمليات القتل والإبادة التي يقوم بها شعبه .
وتحاول الأجاداه أن تبرر قيامه باغتصاب أرض كنعان من أهلها على أساس أن العهد الإلهي قد وعد بهذه الأرض لنسل يعقوب ، وأن الكنعانيين كانوا مجرد أوصياء عليها .
وقد تزوج يشوع من العاهرة راحاب التي ساعدت جواسيسه ، وذلك بعد أن تهودت .
ومما تجدر الإشارة إليه، أن العَالم هـ. تامارين قد أجرى استفتاء في عدد من مدارس (تل أبيب) والمدن والمستعمرات الإسرائيلية ، حول الأساليب الهمجية التي انتهجها يشوع ، فتوصَّل إلى أن نحو 66 – 95% أيَّدوا ذلك الأسلوب ، وأن 30% من التلاميذ كانوا يؤيدون بصورة قطعية إبادة السكان العرب تماماً في المناطق المحتلة . ومن الأجوبة التي تلقاها : لقد تصرَّف يشوع بن نون تصرفاً حسناً بقتله جميع الناس في أريحا ، ذلك لأنه كان من الضروري احتلال البلاد كلها ، ولم يكن لديه وقت لإضاعته مع الأسرى .
وثمة إشارات عديدة في أدبيات جوش إيمونيم وجماعة كاخ إلى يشوع ، وإلى أن أسلوبه الإبادي هو الأسلوب الأمثل في التعامل . وقد دعا كاهانا المؤسسة الدينية إلى تبيان أن أسلوبه هذا جزء عضوي من الدين اليهودي والرؤية اليهودية لسكان الأرض من غير اليهود ” انتهى .
ولهذا نقول إنه رغم أن الأصل في مثل هذا الاسم عدم الحرج في التسمية به ؛ إذ هو اسم أحد أنبياء الله عز وجل ، وقد استحب الفقهاء التسمي بأسماء الرسل والأنبياء ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (7180) ، (193364) .
غير أننا اليوم لا نستحب تسمية الابن باسم ” يوشع “، بل نكره ذلك ؛ لأنه قد اقترن بالديانة اليهودية كثيرا ، بالقدر الذي وصفته ” موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية ” بقولها : ” تتزايد أهمية يوشع بن نون الذي يعرفه أطفال المدارس الإسرائيلية خير معرفة باعتباره البطل العبراني الذي قاد عملية إبادة الأقوام الكنعانية “.
ونحن – وإن كنا لا نرضى أن يستأثر اليهود بأنبياء الله ، ويلحقوا بهم الكذب والافتراء – ولكن الذي يهمنا هنا هو ذلك الطفل الذي سيسميه والده باسم ” يوشع ” أو ” يشوع “، فكم هي المعاناة التي ستلحقه في عالمنا اليوم ، ممن يظنه يهودي الديانة ، وهو مسلم والحمد لله ، الأمر الذي سيتساءل بسببه كل من يسمع اسمه عن سر تسميته بذلك رغم إسلامه .
ومراعاة تغير الزمان وأعراف المجتمعات وثقافات البشر أمر مطلوب في الشريعة الإسلامية ، ولا ينبغي إهمال ذلك بناء على قواعد عامة في استحباب التسمية بأسماء الأنبياء ، فالعرف مخصِّص كافٍ ومقيِّدٌ مقنِع ، بل لعل ذلك هو السبب في قول بعض العلماء بعدم استحباب التسمية بأسماء الأنبياء ، كما نقله ابن القيم في ” تحفة المودود “.
للمزيد ينظر الفتوى رقم : (114466) ، (101401) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android