0 / 0

لا حرج في قولك اللهم صل على محمد عدد خلقك

السؤال: 200089

هل يجوز أن نقول : اللهم صلِّ على محمد وعلى آله ، وسلم تسليما كثيرا ، عدد خلقك ، ورضا نفسك ، وزنة عرشك ، ومداد كلماتك ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا نرى حرجا في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغة المذكورة في السؤال ، فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دعاء ، والدعاء منه ما هو مقيد بصيغة محددة ، ومنه ما هو مطلق ومفتوح الباب للمعاني التي يريدها السائل والداعي والمصلّي ، بشرط أن لا يشتمل على أية مخالفة شرعية .
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” هذا الإمامُ الشافعي أعلى الله درجته – وهو من أكثر الناس تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم – قال في خطبة كتابه الذي هو عمدة أهل مذهبه : اللهم صلِّ على محمد ، إلى آخر ما أدَّاه إليه اجتهاده وهو قوله : كلما ذكره الذاكرون ، وكلما غفل عن ذكره الغافلون .
وكأنه استنبط ذلك من الحديث الصحيح الذي فيه ( سبحان الله عدد خلقه ) ، وقد عقد القاضي عياض بابا في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب ” الشفاء ” ، ونقل فيه آثارا مرفوعة عن جماعة من الصحابة والتابعين ” انتهى .
نقله محمد بن محمد الغرابيلي (835هـ) وكان ملازما لابن حجر ، كما في إحدى المخطوطات التي وقف عليها الشيخ الألباني ، انظر ” صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ” (172) ، وانظر ” أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ” (3/939) .

وقد اختلف العلماء فيمن قال: ( اللهم صل على محمد عدد كذا )، إن كان يثاب بمثل ذلك العدد أم يثاب ثوابا واحدا معظما ، والذي جزم به شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه يثاب ثوابا واحدا ، ولا يكافئ ثواب من صلى حقيقة ، بذلك العدد ، صلوات تامة كاملة ، ولكن هذا الثواب الواحد أكبر من ثواب الصلاة المجردة .
يقول رحمه الله :
” إذا قيل للرجل : سبح مرتين ، أو سبح ثلاث مرات ، أو مائة مرة . فلا بد أن يقول : سبحان الله ، سبحان الله ، حتى يستوفي العدد ، فلو أراد أن يجمل ذلك فيقول : سبحان الله مرتين . أو مائة مرة ، لم يكن قد سبح إلا مرة واحدة ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين جويرية : ( لقد قلت بعدك أربع كلمات لو وزنت بما قلته منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله عدد خلقه . سبحان الله زنة عرشه ، سبحان الله رضا نفسه ، سبحان الله مداد كلماته ) أخرجه مسلم في صحيحه ، فمعناه أنه سبحانه يستحق التسبيح بعدد ذلك ، كقوله صلى الله عليه وسلم : ( ربنا ولك الحمد ، ملء السموات ، وملء الأرض ، وملء ما بينهما ، وملء ما شئت من شيء بعد ) ليس المراد أنه سبح تسبيحا بقدر ذلك ، فالمقدار تارة يكون وصفا لفعل العبد وفعله محصور . وتارة يكون لما يستحقه الرب ، فذاك الذي يعظم قدره ؛ وإلا فلو قال المصلي في صلاته : سبحان الله عدد خلقه . لم يكن قد سبح إلا مرة واحدة . ولما شرع النبي صلى الله عليه وسلم أن يسبح دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، ويحمد ثلاثا وثلاثين ، ويكبر ثلاثا وثلاثين . فلو قال : سبحان الله والحمد لله والله أكبر عدد خلقه . لم يكن قد سبح إلا مرة واحدة ” .
انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (23/11-12) .
ويقول أيضا رحمه الله :
” أفضل هذا النوع أجمعه للثناء وأعمه ، نحو سبحان الله عدد خلقه ، فهذا أفضل من مجرد سبحان الله ، وقولك الحمد لله عدد ما خلق في السماء ، وعدد ما خلق في الأرض ، وعدد ما بينهما ، وعدد ما هو خالق ، أفضل من مجرد قولك الحمد لله ” انتهى من ” .
الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص: 87) .
ويقول ابن القيم رحمه الله :
” تفضيل ( سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته ) على مجرد الذكر بـ ” سبحان الله ” أضعافا مضاعفة ، فإن ما يقوم بقلب الذاكر حين يقول : ( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ) من معرفته وتنزيهه وتعظيمه من هذا القدر المذكور من العدد أعظم مما يقوم بقلب القائل ( سبحان الله ) فقط .
وهذا يسمى الذكر المضاعف ، وهو أعظم ثناء من الذكر المفرد ، فلهذا كان أفضل منه ، وهذا إنما يظهر في معرفة هذا الذكر وفهمه ، فإن قول المسبح ( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ) يتضمن إنشاء وإخبارا عما يستحقه الرب من التسبيح عدد كل مخلوق كان أو هو كائن ، إلى ما لا نهاية له .
فتضمن الإخبار عن تنزيهه الرب وتعظيمه والثناء عليه هذا العدد العظيم ، الذي لا يبلغه العادون ولا يحصيه المحصون ، وتضمن إنشاء العبد لتسبيح هذا شأنه ، لا إن ما أتى به العبد من التسبيح هذا قدره وعدده ، بل أخبر أن ما يستحقه الرب سبحانه وتعالى من التسبيح هو تسبيح يبلغ هذا العدد الذي لو كان في العدد ما يزيد لذكره ” .
انتهى من ” المنار المنيف ” (ص34) .
ونقل صاحب ” مواهب الجليل ” (1/ 20) عن الفقيه ابن عرفة قوله : ” يحصل له من الثواب أكثر من ثواب مَن صلى واحدة ، لا ثواب مَن صلى تلك الأعداد ” انتهى.

فالخلاصة : أنه لا حرج في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصيغة ( اللهم صل على محمد عدد خلقك ، ورضا نفسك ، وزنة عرشك ، ومداد كلماتك )، بصيغة الخطاب ، وليس بصيغة الغائب ؛ لأن قولك ( اللهم ) نداء ، فهو بمعنى الخطاب ، إلا أن يقول : صلى الله على نبينا محمد عدد خلقه .. فهذا لفظ صحيح في اللغة .

وقد تقدم في موقعنا الجواب رقم : (126934) تقرير استحباب هذه الصيغة في التسبيح والتهليل ، ولا فرق بينها وبين الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فكلها أذكار مشروعة ، ونحن نرجو أن يكتب الله عز وجل لهذه الصلاة أجرا أعظم وأجزل من الصلاة المجردة ، ولكن بشروط عدة :
أولا : أن لا يعتقد لها فضلا خاصا .
ثانيا : أن لا يراها سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ثالثا : أن لا يعتقد أنها أفضل من صيغة الصلاة الإبراهيمة التي علمنا إياها النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد سبق تقرير ذلك في الفتوى رقم : (88109) .
رابعا : أن لا يستعملها في الصلاة ، بل خارجها ، فصلاة الفريضة أو النافلة لها أذكارها الخاصة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android