أحد أصدقائي يسعى للتقديم للدراسة في إحدى الجامعات الإسلامية في الخارج ، وهذه الجامعة تنتهج سياسة الكوتة (الحصة) في قبول الطلاب الأجانب بمعدل خمسة إلى سبعة طلاب فقط سنوياً من بلادنا ، ووفقاً لما يتداوله بعض الإخوة فإن إمكانية الفوز بمقعد في هذه الجامعة يعتمد بدرجة كبيرة على إجراء مقابلة هناك ، لذا فصديقي ينوي السفر إلى تلك الجامعة لإجراء المقابلة ، لكن السفر إلى هناك يكلف حوالي خمسة آلاف دولار ، وهو مبلغ كبير لا يقدر عليه ، فأريد أن أقترض هذا المبلغ من والدي وأعطيه هدية لصديقي.
وأسئلتي هي:
– هل يجوز لي اقتراض هذا المبلغ من والدي ؟
– هل يُعتبر ديناً وبالتالي يجب عليّ تسديده ؟
– وماذا لو مات والدي قبل ان أردّ له هذا المبلغ ؟
هل له أن يقترض من والده لزميله لإكمال دراسته ؟
السؤال: 200457
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولاً :
الأصل في الاقتراض الإباحة عند الحاجة إليه ، إذا علم المقترض من نفسه القدرة على الوفاء وإلا لم يجز ، إلا إذا كان مضطراً ، وقد جاء في السنة ما يدل على جواز الاقتراض للحاجة .
عَنْ أَبِي رَافِعٍ : ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا ، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ ، فَقَالَ لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًا فَقَالَ أَعْطِهِ إِيَّاهُ إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً ) رواه مسلم(1600) .
قال النووي رحمه الله : ” وَفِي هَذَا الْحَدِيث : جَوَاز الِاقْتِرَاض وَالِاسْتِدَانَة , وَإِنَّمَا اِقْتَرَضَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَاجَةِ ” انتهى من ” شرح مسلم ” .
وجاء في ” الموسوعة الفقهية ” (33/114) : ” .. أما في حق المقترض , فالأصل فيه الإباحة , وذلك لمن علم من نفسه الوفاء , بأن كان له مال مرتجى , وعزم على الوفاء منه , وإلا لم يجز , ما لم يكن مضطراً – فإن كان كذلك وجب في حقه لدفع الضر عن نفسه – أو كان المقرض عالماً بعدم قدرته على الوفاء وأعطاه , فلا يحرم ; لأن المنع كان لحقه , وقد أسقط حقه بإعطائه مع علمه بحاله , قال ابن حجر الهيتمي : فعلم أنه لا يحل لفقير إظهار الغنى عند الاقتراض ; لأن فيه تغريراً للمقرض , وقال أيضاً : ومن ثم لو علم المقترض أنه إنما يقرضه لنحو صلاحه , وهو باطناً بخلاف ذلك حرم عليه الاقتراض أيضاً , كما هو ظاهر ” انتهى .
وينظر : “الشرح الممتع”(9/94).
ثانياً:
المال المأخوذ من الوالد يرجع فيه إلى قصد الوالد ، فإن دفعه لك بنية القرض : فهو دين في ذمتك ، يلزمك الوفاء به .
وإن لم يقصد القرض ، بل قصد به مساعدة زميلك ، أو أعطاه لك على سبيل الهبة ، وأنت أعطيته لصديقك : فلا يلزمك رده .
لكن لو أن الوالد قصد به هبته لك ، فالواجب عليه أن يُعطي بقية إخوتك ـ إن كان لك إخوة ـ ما وهبه لك ؛ وذلك لتحريم التفضيل بين الأولاد في الهبة .
ثالثاً :
إذا مات الوالد قبل سداد القرض ، فالواجب عليك أن ترد القَرض إلى التركة ، ثم يقسم ، مع باقي ماله ، على ورثته ، بما فيهم أنت أيضا .
فإن أسقط الورثة الدين عنك ، ورضوا منك بألا ترده إلى التركة : فلا حرج في ذلك ؛ لأن الحق لهم ، بشرط أن يكون مكلفين ــ بالغين عاقلين ـ
فإن كانوا غير مكلفين ، أو كان بعضهم مكلفا ، والبعض غير مكلفٍ : صح التنازل في حق البالغ العاقل ، ويلزمك رد نصيب غير المكلفين للتركة.
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب