تنزيل
0 / 0

هل تجوز الصلاة بمسجد يسيطر الشيعة على دوره الأرضي ويسيطر السنة على دوره العلوي ؟

السؤال: 200915

عندنا في أذربيجان مدينة ، وفيها مسجد واحد فقط ، وهذا المسجد بني أواخر القرن التاسع عشر ، وكما تعرفون أن الأغلبية في أذربيجان شيعية ، وهي كذلك في هذه المدينة . وقد علمنا أن المسجد الذي في هذه المدينة بني من قِبَلِ ستة أشخاص ، اثنان منهم شيعيان ، والآخرون غير معلومين لنا ، ويقول حفيد أحدهم : إنهم بنوا هذا المسجد لعبادة المسافرين ، ومبيتا لهم . وفي زمان احتلال الحكومة السوفيتية : أُغلِقَ هذا المسجد ، وصار مستودعا ، وبعد ذلك استعملوه كالمكتبة . وبعد سقوط الحكومة السوفيتية اتخذوه مسجدا من جديد ، وبنوا عليه الطابق الثاني . وذلك الوقت انتشرت الدعوة بفضل الله ، والذين استجابوا للدعوة السلفية بدأوا يأتون إلى هذا المسجد ، ويصلوا صلاة الجماعة ، وصلاة الجمعة ، ويدرسوا الدروس ، وما أشبه ذلك من الأعمال المفيدة ، وكانت الشيعة يأتون إلى المسجد ويصلون فيه . في السنة 2003 سُجِنَ الدعاة السلفيين ، والشيعة استفادت من هذا ، وأخذوا المسجد ، ولكن بعد سنوات قليلة : كثر السلفيون من جديد ، واجتمعوا في الطابق الثاني . السلفيون الآن يصلون الجمعة في الطابق الثاني ولهم إمام ، والشيعة في الطابق الأول ، ولهم إمام . ويزعم البعض أن الصلاة في هذا المسجد لا تجوز ؛ لأن الذي بناه الشيعة ، ومسجد الشيعة حكمه حكم مسجد الضرار. الشبهة الثانية عندهم : أن الشيعة يشركون بالله في هذا المسجد ، ويدعون أئمتهم ، ويفعلون عاشوراء ، ولهذا لا يجوز الصلاة فيها ، وحكمه ضرار. وحالنا هو : ما لنا إلا هذا المسجد ، والحكومة لا تأذن ببناء مسجد آخر ؛ والإخوة يجتمعون في هذا المسجد ، ويصلون الجماعة والجمعة ، ويتدارسون ، ويدعون الناس ، حتى كثير من الشيعة استجابوا للدعوة ، وأسلموا. و إذا ترك الإخوة هذا المسجد : سيستفيد الشيعة من هذا ، وأصلا هم يريدون هذا. فما الحكم الشرعي في ذلك ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
مشاركة الشيعة في بناء هذا المسجد لا تمنع من الصلاة فيه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَأَمَّا نَفْسُ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فَيَجُوزُ أَنْ يَبْنِيَهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ ، وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (17/ 499) .
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
هل تجوز الصلاة في مسجد بناه أحد الكفار على نفقته ؟
فأجاب : " لا بأس بذلك إذا لم يكن له غرض كالدعوة إلى الكفر أو غير ذلك ، إذا كان بناه بدون غرض فلا بأس بالصلاة فيه " انتهى باختصار .
http://islamancient.com/play.php?catsmktba=53349
فإذا صحت الصلاة بمسجد بناه كافر ، فلأن تصح بمسجد شارك في بنائه بعض أهل البدع أولى .
فقول القائل : إن الصلاة في هذا المسجد لا تجوز لأن الشيعة هم من قام ببنائه قول غير صحيح .
ثانيا :
قال تعالى : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ) الجن/ 18 ، فيجب على المسلمين أن ينافحوا عن بيوت الله التي أذن أن ترفع ، ويذكر فيها اسمه ، وأضافها إلى نفسه إضافة تشريف ، وألا يسلموها لأهل الكفر أو أهل البدع .
فإذا ما تنازع في هذا المسجد طائفتان إحداهما ذات عقيدة سلفية صحيحة ، والأخرى ذات عقيدة منحرفة ، وجب على أصحاب العقيدة الصحيحة أن يتمسكوا به ، وألا يتركوه لأهل البدع والزيغ والانحراف ، وخاصة إذا لم يكن بالبلد إلا هذا المسجد ، ولم يمكن إنشاء غيره ، فإن أهل الإيمان متى تركوه لأهل البدعة ، صاروا بغير مسجد ، وتركوا بيت الله لهؤلاء المنحرفين يقيمون فيه البدعة ، وقد يشركون فيه بالله .

وإذا قدر أن أهل السنة لم يقدروا إلا على السيطرة على الطابق الثاني منه ، فلا شك أن ذلك أفضل لهم من ألا يكون لهم مكان ألبتة ، وخير لهم من أن يحرموا من مكان يقيمون فيه جمعتهم وجماعتهم ، وينشرون فيه دعوتهم إلى الله ، فعليهم أن يستمسكوا به وألا يتركوه ، ولا يسلموه لهذه الطائفة المنحرفة ، وصلاتهم فيه صحيحة وعبادتهم فيه مقبولة إن شاء الله ، وقد تبين من السؤال أهمية وجود أهل السنة في هذا المكان ، فقد انتقل خيرهم إلى غيرهم ، فاعتنق مذهب السلف ، وترك بدعته ، وقد قال الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/ 16.
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
" هذه الآية تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد : أنه يسقط عنه ، وأنه إذا قدر على بعض المأمور ، وعجز عن بعضه ؛ فإنه يأتي بما يقدر عليه ، ويسقط عنه ما يعجز عنه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) متفق عليه .
ويدخل تحت هذه القاعدة الشرعية من الفروع ما لا يدخل تحت الحصر " .
انتهى من " تفسير السعدي" (ص 868) .
ولا شك أن ترك هذا المكان بأيدي الرافضة ، بالكلية ، فيه من الصد عن سبيل الله ما لا يخفى على عاقل ، وسوف يكون سببا لأن يترك كثير من أهل السنة صلاة الجمعة والجماعة مطلقا ، حتى لا يصليها مع الرافضة .
وسوف يكون سببا أيضا للتمكين لأهل البدعة من إقامة بدعتهم من غير مزاحم لها ولأهلها من السنة .
ومسجد الضرار هو المسجد الذي بني كفرا ، ونفاقا ، وتفريقا لجماعة المؤمنين ، وإعانة لجماعة المنافقين والكافرين ؛ فأين هذا من مزاحمة أهل الباطل ، واستنقاذ بعض المسجد ، ليذكر فيه اسم الله ، وتعظم فيه شعائره .

وهذا كله : إذا ما قدر أن الطابقين متصلين ، بغير فاصل بينهما ؛ وإما إذا كان الطابق الثاني منفصلا عن الطابق الأول ، كما يكون المسكن فوق المسجد ، منفصلا عنه : فهو أبعد من الإشكال واللبس ، وهذان ـ حينئذ ـ مسجدان منفصلان ، لكل منهما حكمه ، بحسب ما يقصد به ، ويقام فيه من الشعائر .

راجع السؤال رقم : (143309) ، (164958) .

والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android