أنوي شراء بيت لتأجيره ، ثم أقوم بردّ قيمته من الإجارة التي ستنتج عنه ، فقد قالت لي أمي : إنها ستقرضني مبلغ 300 ألف جنيه إسترليني شريطة أن أشتري بيتاً لنفسي ، فلا أدري إن كان شرائي للبيت بتلك الطريقة جائزا أم لا! ؛ لأنها اشترطت أن أشتريه لنفسي ، وأنا في الحقيقة أنوي تأجيره .
وقبل ذلك ، ما حكم شراء بيت بطريق القرض ، هل هو جائز؟
ألم ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الانخراط في المعاملات المبنية على القروض؟
وهل ينطبق ذلك على حالتي؟
لقد رفضت الاقتراض من البنوك ؛ لأنها كما تعلمون لا تقدم إلا قروضاً ربوية ، وأمّي هي الجهة الوحيدة التي يمكن أن اقترض منها مبلغاً كبيراً دون فوائد ربوية ، لكن شرطها ذاك يؤرقني ويتركني في حيرة من أمري ، فما توجيهكم ؟
إذا أقرضته والدته قرضا بشرط أن يشتري به بيتا يسكنه ، فهل له أن يشتري به بيتا يؤجره ؟
السؤال: 201225
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
لا حرج في شراء بيت بمال القرض إذا كان القرض قرضا حسنا غير ربوي .
والقرض الحسن هو القرض الذي لا تترتب عليه فائدة تعود على المقرض ، وإنما يقصد به الإرفاق بالمقترض ، فإن ترتبت عليه فائدة للمقرض صار قرضا ربويا محرما .
قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (4/ 235-236).
” الْقَرْضُ نَوْعٌ مِنْ السَّلَفِ ، وَهُوَ جَائِزٌ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ … وهو مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فِي حَقِّ الْمُقْرِضِ، مُبَاحٌ لِلْمُقْتَرِضِ ” انتهى .
وقال ابن القطان رحمه الله في ” الإقناع في مسائل الإجماع” (ص197) :
” وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن استقراض الدنانير والدراهم ، والقمح والشعير والتمر والذهب ، وكل ما له مثل ، من سائر الأطعمة ، المكيل منها والموزون: جائز ” انتهى .
ومتى استلمت القرض ، فقد صار المال ملكا لك ، تتصرف فيه بما شئت ، من بيع ، أو شراء ، أو هبة .
ولم ينه النبي صلى الله عليه وسلم عن المعاملات القائمة على القرض إلا إذا كانت معاملات محرمة ، أو كان القرض ربويا ؛ وأما مجرد القرض ، فلا حرج فيه كما سبق ؛ بل قد مات النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرعونة عند يهودي في طعام اشتراه لأهله .
ثانيا :
إذا اشترطت عليك الوالدة أن البيت الذي تشتريه : يكون لسكنك فيه : جاز ذلك ، ووجب عليك الالتزام بما شرطت ، لأن نفعه يعود إليك ، ولأن في ذلك مصلحة تنظر إليها ، وليس لك أن تشتريه بقصد إجارته ، إلا أن تأذن هي لك في ذلك .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ) رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
وجاء في “الموسوعة الفقهية” (2/326) : ” الأْصْل فِي الشَّرْطِ أَنْ يَكُونَ مُلْزِمًا ، فَإِذَا أَخْلَفَهُ ، اعْتُبِرَ إِخْلاَفُهُ إِخْلاَلاً بِالْعَقْدِ أَوْ مُثْبِتًا خِيَارًا ” انتهى .
راجع جواب السؤال رقم : (165111) .
فمتى كنت محتاجا إلى بيت لتسكنه فعلا : فلا حرج عليك في أن تقترض من أمك ، وتشتري البيت لتسكنه ؛ لكن إن استغنيت عنه بعد ذلك ، أو احتجت إلى إيجاره ، فلا حرج عليك أن تؤجره عندئذ ، بشرط ألا يكون ذلك تحيلا على إسقاط شرط أمك عليك .
وإن كنت تشتريه بقصد الانتفاع بأجرته ، فبين لها من الآن ؛ فإن شاءت أقرضتك ، وإن شاءت لم تقرضك ، ثم اشتغل أنت بعمل تقدر عليه ، وتجد مالا يعينك عليه .
وينظر جواب السؤال رقم : (191708) .
والله تعالى أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة