لدي قريبة تعاني من مشكلة دوار السفر بشكل رهيب ، حتى أخذ الأدوية لا ينفع إلا قليلاً ، وهي ترغب بالذهاب إلى العمرة ، لكنها تخشى أن لا تستطيع إكمال السفر .
فهل يجوز أن يعتمر ابنها أو أحد أقربائها بدلا عنها ؟
إذا سافرت يأتيها ( دوار السفر ) ، فهل يجوز لابنها أو غيره أن ينوب عنها في العمرة ؟
السؤال: 202323
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
يشترط لوجوب الحج والعمرة ، أن يكون الشخص قادراً ببدنه وماله على أداء المناسك .
وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله : أن من ضابط القدرة ، إمكانية الركوب على الراحلة ، فمن لم يمكنه الركوب ، فلا يجب عليه الحج ؛ لأنه غير مستطيع ، وقد قال تعالى : ( مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) سورة آل عمران / 97 .
وقد روى البخاري (1855) عن ابن عباس رضي الله عنهما : ” أن امرأة من خثعم جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إن فريضة الله أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ ، قال : ( نعم ) ” .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في ” الشرح الممتع ” (7/24) : ” قوله : ( والقادر : من أمكنه الركوب ) ، فمن لا يمكنه الركوب فليس بقادر … ، وأما في وقتنا الحاضر وقت الطائرات ، والسيارات ، فالذي لا يمكنه الركوب نادر جداً ، ولكن مع ذلك ، فبعض الناس تصيبه مشقة ظاهرة في ركوب السيارة ، والطائرة ، والباخرة ، فربما يغمى عليه ، أو يتعب تعباً عظيماً ، أو يصاب بغثيان وقيء ، فهذا لا يجب عليه الحج ، وإن كان صحيح البدن قوياً ” انتهى .
وعليه ، فإن ثبت أن تلك المرأة لا تستطيع السفر ؛ لأجل ذلك الدوار الذي يأتيها في السفر ، وكان ذلك المرض بالنسبة لها دائما ، لا يمكن علاجه ، ففي هذه الحال يجوز لابنها أو غيره أن ينوب عنها في أداء العمرة .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : والدتي تبلغ من العمر خمسين سنة ، وهي الآن بصحة جيدة ولم يسبق لها حج ولا عمرة مطلقًا ، وقد حاولت أن أحج بها أو أعتمر ، ولكن دون جدوى وترد علي بقولها : الحج بتيسير الله وسأحج إن شاء الله وهكذا .
ومشكلتها الحقيقية هي : أنها مصابة بخوف ورعب من ركوب السيارة ، بل طيلة الخمسين سنة لم تركب سيارة قط ، ولا يُتصور أن تقلها سيارة مطلقًا ، وقد حاولت إخراجها من هذا المأزق بإركابها معي ، وكل المحاولات باءت بالفشل ، وربما إذا علمت بمحاولتي هذه شددت على ذلك ، وربما تصل إلى درجة المقاطعة ، حتى خروجها من بيتها قليل جدًّا ، بل نادر ، هذه مشكلتي ولا أدري ما الواجب عليّ تجاه هذه الأم ، وخاصة في أدائها لهذه الفريضة .
فأجابت : ” إذا كان الأمر كما ذكر ، فالواجب الانتظار لعله يزول هذا المانع وتحج والدتك بنفسها حجة الإسلام ؛ لأن هذا هو الواجب عليها ؛ لقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ) سورة آل عمران : 97 ، وهذا المانع الذي تذكر يرجى زواله في هذه الحال ، فإن تعذر حجها بنفسها فحج عنها ؛ لأنها والحال ما ذكر في حكم العجوز الكبيرة التي لا تستطيع الحج ، وفي حكم المريض الذي لا يرجى برؤه .
نسأل الله أن يضاعف لك الأجر ، وأن يمنحها الشفاء والعافية حتى ينشرح صدرها للحج بنفسها ” انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء – المجموعة الثانية ” (15/463) .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (41732) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة