تنزيل
0 / 0
2554612/10/2013

تلقيح الأبقار في العيادة البيطرية جائز وليس من عسب الفحل المنهي عنه.

السؤال: 202324

ما حكم تلقيح الأبقار في العيادات البيطرية ، وهل يعتبر من عسب الفحل ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا نرى حرجا في تلقيح الأبقار في العيادات البيطرية ، وليس ذلك من عسب الفحل الذي ورد النهي عنه ، وسبق تقريره في موقعنا في الفتوى رقم : (150367) ، وذلك لأسباب عدة :
أولا :
لم يرد نهي عن التقليح خارج إطار ضراب الفحل ، والأصل في الأفعال الإباحة ما لم يرد نهي عنها .
ثانيا :
الجهد الذي يقوم به الطبيب البيطري ، والخبرة التي اكتسبها وتفرغ لأجلها ، كلها من المنافع التي يجوز إجارتها ودفع مقابل مادي لها ، تماما كما يُستَأجر الطبيب لعلاج الحيوان وتخليصه من آفاته وأسقامه ، فكذلك الشأن في دفع الأجرة له للقيام بعملية التلقيح الصناعي في عيادته .
ثالثا :
النهي الثابت عن " عسب الفحل " في حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَسْبِ الفَحْلِ) رواه البخاري (2284) لا يدخل فيه الطبيب البيطري أصلا ، فالنهي مخصوص بوجود الفحل وضرابه ، وهذا غير متوفر في صورة السؤال .
ثم إن النهي معلل بعلة واضحة ، ذكرها العلماء الذين أخذوا بظاهره ، فقالوا : " لأنه مما لا يقدر على تسليمه ، فأشبه إجارة الآبق ، ولأن ذلك متعلق باختيار الفحل وشهوته . ولأن المقصود هو الماء ، وهو مما لا يجوز إفراده بالعقد ، وهو مجهول " ينظر " المغني " لابن قدامة (4/159).
وكل هذه العلل غير متوفرة في حالة التلقيح داخل العيادة البيطرية باستعمال الحقن مثلا ، فالعمل مقدور على تسليمه وإنجازه ، وهو الحقن والتلقيح ، ولا شأن للفحل بهذه العملية ، والماء لم يفرد بالعقد ، بل العقد على عمل الطبيب وجهده مستعملا ماء الفحل ، والقاعدة الفقهية تقول : " يجوز تبعا ما لا يجوز استقلالا ". ويقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله : " ما لا يجوز الاستئجار له قصدا يجوز له تبعا " ينظر : " الزواجر" (1/ 382). وحصول الحمل من عدمه ليس هو محل العقد ، بل محل العقد القيام بالعملية ، وإلا فإن وقوع الحمل غير مضمون ، ولا يجوز العقد عليه لتلافي خطر الغرر .
ومع أن الشافعية قد نصوا على المنع من أخذ الأجرة على "ضراب الفحل" ؛ فإن بعض محققيهم قرر أن النهي متعلق بما إذا استأجر الفحل لينزو على الأنثى، وهذا ما قد لا يحصل، فالفحل قد ينزو بنفسه وقد لا ينزو ؛ ولكن إذا استأجر صاحبَ الفحل ليساعد في إطراق الفحل وتيسير طريقة إنزائه على الأنثى فلا حرج حينئذ.
جاء في "حواشي الشرواني ، على تحفة المحتاج" (4/292) :
" وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ : أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ : أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِلضِّرَابِ ؛ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يُنْزَى فَحْلُهُ عَلَى أُنْثَى ، أَوْ إنَاثٍ : صَحَّ ، قَالَهُ الْقَاضِي ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مُبَاحٌ ، وَعَمَلُهُ مَضْبُوطٌ عَادَةً وَيَتَعَيَّنُ الْفَحْلُ الْمُعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ ، لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ ، فَإِنْ تَلِفَ أَيْ أَوْ تَعَذَّرَ إنْزَاؤُهُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ اهـ …
لَكِنْ قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ : أَنَّ الْإِنْزَاءَ وَإِنْ كَانَ مِنْ فِعْلِ صَاحِبِ الْفَحْلِ ، إلَّا أَنَّ نَزَوَانَ الْفَحْلِ بِاخْتِيَارِهِ وَصَاحِبُهُ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ ؛ وَقَدْ يُجَابُ : بأنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى فِعْلِ الْمُكَلَّفِ ، الَّذِي هُوَ الْإِنْزَاءُ ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ : مُحَاوَلَةُ صُعُودِ الْفَحْلِ عَلَى الْأُنْثَى عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ ، وَفِعْلُ الْفَحْلِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَقْصُودَ ، لَكِنَّهُ لَيْسَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ ، فَيُسْتَحَقُّ الْأُجْرَةَ إذَا حَصَلَ الطُّرُوقُ بِالْفِعْلِ ، فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً . " انتهى .
والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android