0 / 0

حكم الكذب على الحيوان

السؤال: 202355

ما حكم الكذب على الحيوان ، مثل أن توهمه أن بين يديك طعاما ، حتى يأتي إليك . هل يعد هذا من الكذب ؟ وجزاكم الله خيرا .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ليست القضية متعلقة بالحيوان بقدر ما هي متعلقة بالإنسان ، فالمسلم الذي يعتاد الصدق ويتحرى الصدق في قوله وفعله وأخلاقه ومواقفه ، وجميع تفاصيل حياته : ليس ممن يقع منه هذا النوع من التصرف ، فيوهم الحيوان بما ليس في واقع الأمر ؛ وذلك لأن الصدق خلة نفسية وسجية خلقية ، إذا اعتادها الإنسان : صارت ” حالة ” أصيلة في القلب والعقل ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ( إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا . وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ) رواه البخاري (6094) ومسلم (2607) .
وحينئذ سيجد هذا الصادق في نفسه حرجا أن يشير بشيء كأنه معه ، وفي واقع الأمر ليس كذلك ، سواء مع الإنسان أو الحيوان ، أو حتى مع نفسه وفي تخيله وتصوره .
يقول مالك بن دينار رحمه الله : ” الصدق والكذب يعتركان في القلب حتى يُخرِجَ أحدُهما صاحبَه ” انتهى من ” ذم الكذب ” لابن أبي الدنيا (رقم/48)
والإنسان مكلف في تصرفه مع الحيوان ، فهو مأمور بالإحسان إليه ، والقيام عليه ، إذا كان محبوسا لديه ، أو تركه في حال سبيله إن لم يتمكن من ذلك ، ومأمور باجتناب أذيته بالوسم في الوجه أو الضرب المبرح ونحو ذلك .
ولذلك ، فنحن نخشى أن يكون مسئولا عن إيهامه الحيوانَ بالطعام ، في حين أنه ليس معه طعام ، وأن تكتب عليه في ذلك كذبة ، كما تكتب عليه إذا وقع التصرف نفسه مع الأطفال ، كما هو ثابت في السنة النبوية عن عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ ، أَنَّهُ قَالَ : ( أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِنَا وَأَنَا صَبِيٌّ . قَالَ : فَذَهَبْتُ أَخْرُجُ لِأَلْعَبَ . فَقَالَتْ أُمِّي : يَا عَبْدَ اللهِ تَعَالَ أُعْطِكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيَهُ ؟ قَالَتْ : أُعْطِيهِ تَمْرًا . قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تَفْعَلِي كُتِبَتْ عَلَيْكِ كَذْبَةٌ ) رواه أحمد في ” المسند ” (24/471) وحسنه لغيره المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة . وكذلك الشيخ الألباني في ” صحيح أبي داود ” (4991)
بل يقول العلامة المعلمي رحمه الله :
” جاء جماعة إلى شيخ ليسمعوا منه ، فرأوه خارجاً وقد انفلتت بغلته ، وهو يحاول إمساكها ، وبيده مخلاة [وعاء يجعل فيه العشب] يريها إياها ، فلاحظوا أن المخلاة فارغة ، فرجعوا ولم يسمعوا منه . قالوا : هذا يكذب على البغلة ، فلا نأمن أن يكذب في الحديث ” انتهى من ” الأنوار الكاشفة ” (ص/90)

إلا أنه يمكننا أن نستثني هنا : ما إذا احتاج مربي الدابة إلى جلب الدابة إليه ، ولم يجد ما يتوصل به إلى ذلك ، أو كان في مرحلة التدريب ـ مثلا ـ للاستئناس ، وكانت تلك العادة إحدى الطرائق المهمة في التدريب ، فلا نرى حرجا في هذه الحالات في استعمال طريقة الإيهام ؛ للحاجة إليها، ومعلوم أن الحاجة تبيح بعض ما ورد منعه في الشريعة ، إذا كان إنما منع لغيره ، أو منع على سبيل كمال الخلق والأدب ، لا سيما وما هنا ليس كذبا صريحا ، وإنما هو فعل موهم .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android