0 / 0
26,21011/06/2014

حكم مال لمريضة بالزهايمر تركته قبل مرضها أمانة عند غيرها

السؤال: 202990

والدة زوجي كبيرة في السن ، ومنذ فترة ليست بالقصيرة أعطتني شنطة خاصة بها ، وطلبت مني أن أحتفظ بها لها ، والآن وقد أصبحت طاعنة في السن أصيبت بمرض الزهايمر ، وهو كثرة النسيان وبشكل كبير ، ولذلك اضطررت إلى أن أفتح الشنطة لأعرف ما بها ، فوجدت بها بعض المال ، مع بعض الذهب الخاص بها ، وقد قررت أنا وزوجي أن نعين لها خادمة تقوم بشؤونها .
فهل يجوز لي أن أستخدم نقودها وذهبها في ذلك ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
” مرض الزهايمر هو : الشكل الأكثر انتشاراً للخرف عند كبار السن ، والخَرَف هو : اضطراب دماغي يؤثر بشكل خطير على إمكانية قيام الشخص المُسِنّ بنشاطاته اليومية ” .
انتهى من ” موسوعة الملك عبد الله العربية للمحتوى الصحي ” .
فمرض الزهايمر إذا هو ما يعرف عند الفقهاء ، وفي مجتمعاتنا العربية حاليا بـ ( الخَرَف ) .
والخَرِف في الأحكام الشرعية حكمه حكم المجنون .
قال تقي الدين السبكي رحمه الله تعالى :
” وأما سقوط التكليف عن الخرف الذي زال عقله ، فلا شك فيه ” .
انتهى من ” إبراز الحكم من حديث رفع القلم ” ( ص 98 ) .
وقال أيضا : ” الخرف والجنون : أحكامهما واحدة ، وليس بينهما تفاوت ” .
انتهى من ” إبراز الحكم من حديث رفع القلم ” ( ص 99 ) .

ثانيا :
من جنّ وزال عقله :
1- مادام على قيد الحياة ، فملكيته لأمواله باقية ، فلا يجوز أن تقسم على ورثته ، ولا تصرف في غير مصلحته ، ويحفظ هذا المال إلى أن يشفى ، أو يموت فيقسم على ورثته .
2- يحجر عليه ويُمنَع من التصرف في أمواله .
قال الله تعالى : ( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ) النساء/5 .
قال ابن كثير رحمه الله :
” ينهى سبحانه وتعالى عن تمكين السفهاء من التصرف في الأموال التي جعلها الله للناس قياما ، أي تقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها .
ومن هاهنا يؤخذ الحَجْر على السفهاء ، وهم أقسام : فتارة يكون الحَجْر للصغر ، فإنّ الصغير مسلوب العبارة ، وتارة يكون الحَجْر للجنون ، وتارة لسوء التصرف ؛ لنقص العقل أو الدين … ” انتهى من ” تفسير القرآن العظيم ” ( 3 / 350 ) .
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى :
” قال أحمد : والشيخ الكبير يُنْكَرُ عقله ، يُحْجَرُ عليه ، يعني : إذا كبر ، واختلّ عقله ، حُجِرَ عليه ، بمنزلة المجنون ؛ لأنّه يعجز بذلك عن التصرف في ماله على وجه المصلحة ، وحفظه ، فأشبه الصبي والسفيه ” انتهى من ” المغني ” ( 6 / 610 ) .

ثالثا :
في حالة أم زوجك : الواجب أن تُرفع قضيتها إلى المحكمة الشرعية ، إن وجدت في بلدكم ، لتنظر في أمرها وتعين من يكون الولي على مالها ، فإن تعيين من يستحق الحجر عليه ، وضبط ذلك ، هو من مسائل الاجتهاد التي يرجع فيها إلى حكم الحاكم .
جاء في ” كشاف القناع عن الإقناع ” من كتب المذهب الحنبلي (8 /394 ) :
” ( ولا يَحجر عليهما ) أي : على من سفه ، أو جُنَّ بعد بلوغه ورشده ، إلا حاكم ” انتهى.
وسُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
” لي والد كبير في السن وهو قد وصل إلى مرحلة التخريف ، وله أرض كبيرة ونرغب في تخطيطها وبيعها على شكل قطع سكنية ، ولكن يقول البعض من الأخوة ما دام الوالد على قيد الحياة فلا حق لكم في التصرف ؛ هل يجوز لي أن آخذ صك ولاية من المحكمة لأجل مصلحته ؟
فأجاب رحمه الله تعالى : إذا كان تصرفه غير سديد : فلا بد أن تبلغ بذلك المحكمة حتى تتخذ الإجراء اللازم ” انتهى من ” فتاوى نور على الدرب ” ( 16 / 2 بترقيم الشاملة ) .

فإذا لم توجد محكمة شرعية ، ففي هذه الحالة لأبنائها أن يتفقوا ويختاروا من يقوم على مالها ، ويحفظه لها ؛ فإن الولاية إنما تكون لأولى الناس بالمحجور عليه ، وأحسنهم نظرا في مصلحته .

وقد نقل الروياني عن الشافعي أن القاضي إذا حجر على البالغ السفيه : ” استحب أن يردّ أمره إلى الأب والجد ، فإن لم يكن فسائر العصبات ؛ لأنهم أشفق ” .
انتهى من ” مغني المحتاج ” ( 2 / 222 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
” الولاية تكون لأولى الناس به ، ولو كانت الأم إذا كانت رشيدة ؛ لأن المقصود حماية هذا الطفل الصغير أو حماية المجنون أو السفيه ، فإذا وجد من يقوم بهذه الحماية من أقاربه فهو أولى من غيره ” انتهى من ” الشرح الممتع ” ( 9 / 306 ) ـ

وإذا وقع بين الأولاد خلاف ، فليذهبوا إلى مجلس الإفتاء ، أو ما شابهه في مدينتكم ، ليرشدهم إلى ما عليهم فعله .

وإذا تمَ تعيين ولي على مالها سواء كان ابنها الذي هو زوجك ، أو غيره من أبنائها ، فالواجب عليه أن يسعى في حفظ مالها ، ولا يصرفه إلا في مصالحها ، كعلاج ونفقة تحتاجها ، ونحو ذلك ؛ ومن جملة هذه النفقة : أجر الخادمة ، بالمعروف ، إذا احتاجت إليها ، ولم يكن لها من يخدمها .
جاء في ” الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الأمام مالك ” ( 3 / 393 – 394 ) :
” ( ويتصرف الولي ) على المحجور وجوبا ( بالمصلحة ) العائدة على محجوره ، حالا أو مآلا ” انتهى.
وفي كتاب ” منار السبيل في شرح الدليل ” في الفقه الحنبلي ( 1 / 388 ) :
” ويحرم على ولي الصغير والمجنون والسفيه أن يتصرف فى مالهم إلا بما فيه حظ ومصلحة لقوله تعالى : ( وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) والسفيه والمجنون في معناه ” انتهى .

وينظر الفتوى رقم : (59866 ) .

مع التنبيه على أن ولي المحجور عليه أن يخرج من ماله الزكاة الواجبة فيه إذا كان يبلغ النصاب .

وينظر جواب السؤال رقم : (75307 ) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android