انتشر مؤخرًا في موقع التواصل الاجتماعي موضة بين الشباب بتقليد الجن ، أي أن يسجل بحساب جديد ، ويدعي أنه من عالم الجن ، والبعض يهذي بكلام غير مفهوم ، ويدعي أن هذا كلامهم ، ويعملون حسابات أخرى ، أو يتفقون مع آخرين يعرفونهم ، ويدعون أنهم عرفوا معلومات الشخص ومكان سكنه وكل شيء عنه ، والمصيبة عندما نصحت أحدهم أخذ يستهزئ بالقول ، ويقول هل أنت أعلم مني بعالمي ؟
فما حكم ذلك ؟
يفتحون حسابات لهم على الشبكة ، ويدعون أنهم من عالم الجن !
السؤال: 203670
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
ادعاء هؤلاء أنهم من عالم الجن ، وأنهم يتمكنون من معرفة أحوال الناس وأماكن مساكنهم وكل شيء عنهم ، وفتح حسابات لهم على الشبكة ، إلى غير ذلك من هذه الهذيانات والسخافات أمر منكر لا يجوز ، والواجب على هؤلاء الشباب التوبة إلى الله من ذلك والرجوع عنه ، وذلك لما يلي من الأسباب :
أولا :
لا يجوز للمسلم أن يتشبه بالجن والشياطين ويتكلم بكلامهم وكأنه واحد منهم ؛ لما في ذلك من التشبه بالكفار منهم ، راجع إجابة السؤال رقم : (8926) ، والسؤال رقم : (163590) .
ثانيا :
الكذب في المزاحة محرم شرعا ، وقد صح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : ” لا يصلح الكذب في جد ولا هزل ” .
رواه البخاري في “الأدب المفرد” (387) وصححه الألباني في “صحيح الأدب المفرد” .
ولا يرخص منه إلا ما رخص فيه الشارع ؛ فروى مسلم (2605) ، وأحمد (27275) ، وأبو داود (4921) عن أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ قَالَتْ: ” مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَذِبِ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ : الرَّجُلِ يَقُولُ الْقَوْلَ يُرِيدُ بِهِ الْإِصْلَاحَ ، وَالرَّجُلِ يَقُولُ الْقَوْلَ فِي الْحَرْبِ، وَالرَّجُلِ يُحَدِّثُ امْرَأَتَهُ ، وَالْمَرْأَةِ تُحَدِّثُ زَوْجَهَا ” .
قال ابن مفلح رحمه الله :
وَيَحْرُمُ الْكَذِبُ لِغَيْرِ إصْلَاحٍ وَحَرْبٍ وَزَوْجَةٍ ” انتهى من “غذاء الألباب” (1/ 135) .
راجع إجابة السؤال رقم : (100900) .
ثالثا :
ادعاء علم الغيب – ولو على سبيل المزاح – لا يجوز ؛ فإنه لا يعلم الغيب إلا الله .
رابعا :
حصول ترويع المسلمين عند إخبارهم بمعلوماتهم الشخصية التي يحصلون عليها عن طريق أشخاص آخرين ، فإن هذا الترويع محرم ، وقد يفضي إلى بلايا وفتن ووقائع سوء بين الناس ، وقد يفضي إلى أكبر من ذلك وأعظم ، وهو أن يظن الظان من هؤلاء أن هناك من يعلم الغيب ويطلع عليه ، فيفسد اعتقاده ويتعرض للفتنة في دينه ، والتسبب في ذلك أو في بعضه منكر محرم لا يجوز .
خامسا :
أن في ذلك تضييعا للأوقات ، وإهدارا للساعات ، في سخافات وهذيانات لا تجوز ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ ) رواه البخاري (6412) .
قال القاري رحمه الله :
” والمعنى : لا يعرف قدر هاتين النعمتين كثير من الناس ، حيث لا يكسبون فيهما من الأعمال كفاية ما يحتاجون إليه في معادهم ، فيندمون على تضييع أعمارهم عند زوالها ولا ينفعهم الندم ” انتهى من “مرقاة المفاتيح” (8/ 3225) .
وقال ابن الجوزي رحمه الله : ” فمَنِ اسْتَعْمَلَ فَرَاغَهُ وَصِحَّتَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ فَهُوَ الْمَغْبُوطُ ، وَمَنِ اسْتَعْمَلَهُمَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَهُوَ الْمَغْبُونُ ” انتهى من “فتح الباري” (11/ 230) .
فليتق الله قوم يضيعون الأوقات في مثل هذا الهراء والعبث الذي لا يليق بمسلم ، ومن ضيع ساعات زمانه في مثل هذا ندم يوم القيامة أشد الندم .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة