تنزيل
0 / 0

كانت تأخذ من مال أبيها دون علمه ثم تابت ، فهل لها أن تتبرع بشيء قبل أن ترد المال إلى أبيها ؟

السؤال: 204490

عندما كنت صغيرة بالعمر ، كنت آخذ المال من أبي بدون علمه ، وهذا السلوك استمر معي حتى كبرت ، ولله الحمد ، لقد تبت لله ، وبإذن الله قررت أن أعيد المال لأبي دون علمه ، وقد فعلت ، ولكن ليس كل المال ، إنما جزء منه ، فأنا لم أعلم كم المبلغ بالضبط ، ولكن قدرته ، وهذا يفوق ما معي ، وهذا جعلني بضيق شديد إذ اختلط مالي الذي اكتسبته من العمل ، مع مال السرقة ، لذا يصعب تحديد المال الخاص بأبي ، ولكن لدي نية إعادة المال الذي قدرته ، وهو يحتاج للكثير من العمل لأجمعه .

سؤالي :

هنالك حالة تحتاج لتبرع ، وأنا أرغب بشدة في التبرع لها ، ولكن مالي الذي اختلط بالحرام : هل يجوز لي التبرع منه ؟

وهل يجوز لي أن أصرف على نفسي ، إلى أن أجد عملا جديدا ؟

وهل أستطيع العمل بالتجارة ، وفتح مشروع ، وأن أسدد منه ما علي ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
قد أحسنت صنعا برد ما استطعت من المال إلى أبيك مقابل ما أخذتيه منه بغير علمه ؛ فإن هذا من تمام التوبة إلى الله تعالى .
قال علماء اللجنة :
” يجب على من أخذ مال غيره بغير إذنه أن يرده عليه ، ولو كان وقت أخذه له صغيرا ، ويطلب منه المسامحة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من كانت عنده لأخيه مظلمة فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ) ” .
انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة ” (15 /373) .

ولا يضرك اختلاط هذا المال بمالك الحلال ؛ لأن المال الذي عليك رده لأبيك ليس موجودا بعينه ، وإنما يلزمك مقدار معين من المال في ذمتك ، بقدر ما أتلفت من مال أبيك .
وأما المال الذي اكتسبت من عملك ، أو تجارتك ، أو أتاك من أي طريق حلال : فلا علاقة لهذا المال الحرام به ، فالحرام لا يحرم الحلال .
وحينئذ : فلا حرج أن تعملي ما تيسر لك من العمل ، للكسب الطيب ، أو تتاجري بمالك ، إن كان عندك مال للتجارة ، ولا تتكلفي عملا زائدا عما يطيقه مثلك ، عادة ، بل اعملي ما تقدرين عليه ، ووفري المال الباقي بعد نفقتك المعتادة ، وسددي منه ما تبقى عليك من الدين ، أقساطا ، بحسب القدرة .
ثم إن تحديد المال الذي عليك لأبيك : يكفي فيه أن تجتهدي في تقديره ، ما دمت لا تذكرين قدره بالتحديد ، وقد قال الله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16.
وينظر جواب السؤال رقم : (83099) .

على أننا نقترح عليك أن تصارحي والدك بما حدث ؛ فإن من تمام توبة العبد أن يتحلل من صاحب الحق ، وصاحب الحق هو والدك ، وأقرب الناس إليك ، وربما خفف عنك ذلك ما عليك ، وسامحك فيما تبقى من الدين ، وأعفاك منه .
روى البخاري (2449) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ) .

وهذا الأمر ، في الواقع ، يتوقف على معرفة طبيعة الوالد ، وأخلاقه ، ولينه أو شدته ؛ فإن خفت مفسدة زائدة من مصارحتك له ، أو خفت ألا يتفهم الأمر على طبيعته ، ويقدر توبتك ، وحرصك على الخير ، أو أن ذلك سوف يفسد ما بينكما : فليس عليك أن تصارحيه ، ويكفيك أن تجتهدي في رد الحق في ماله ، واجتهدي في الإحسان إليه ، وبره ، والدعاء له .

ثانيا :
من كان عليه دين فعليه المبادرة إلى سداده ، وسداده مقدم على كافة أعمال البر المالية التطوعية ، فنحن لا ننصحك أن تتبرعي بشيء من مالك ، إلا بعد سداد دينك ، أو التحلل من والدك .
وينظر جواب السؤال رقم : (115699) .

وعلى كل حال :
فنحن لا نعلم عن الحال التي تحوجك إلى النفقة على نفسك ؛ فالمرأة إذا كانت متزوجة فإنما نفقتها الواجبة على زوجها ، وإن لم تكن متزوجة : فنفقتها على أبيها ، وفي ماله ؛ فلا تكلفي نفسك أمرا زائد عما يلزمك .
ثم احمدي الله تعالى أن وفقك للتوبة ، فاسعي فيها بجدّ وحسن ظن بالله وأبشري ، ولا يشغلنك الشيطان عن ذلك بما يلقيه في نفسك من الوساوس ، والهواجس .

والله تعالى أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعتم بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android