أود أن أسأل عن حكم ماء القناة الرئيسية في وسط باكستان في مدينة لاهور ، هل هي طاهرة أم لا ؟ وهل يصح الاغتسال والضوء من مائها ؟ هناك بعض المصارف موصولة بتلك القناة ، ويري فيها العديد من الحيوانات مثل الأبقار والخيول ولون المياه في تلك القناة ليس بشفاف ، فهل هي طاهرة ؟
حكم الوضوء والاغتسال بماء وقعت فيه نجاسة
السؤال: 204777
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أجمع العلماء على أن الماء إذا وقعت فيه نجاسة فغيَّرت لونه أو طعمه أو ريحه : أنه يكون نجسا ، ولا يجوز التوضوء أو الاغتسال به .
وأجمعوا أيضا : على أن الماء الكثير إذا وقعت فيه نجاسة فلم تغيره : أنه طاهر يصح الوضوء والاغتسال به .
قال ابن المنذر رحمه الله :
” أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ أَوِ الْكَثِيرَ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَغَيَّرَتِ النَّجَاسَةُ للماء طَعْمًا، أَوْ لَوْنًا، أَوْ رِيحًا : أَنَّهُ نَجَسٌ مَا دَامَ كَذَلِكَ، وَلَا يَجْزِي الْوُضُوءُ وَالِاغْتِسَالُ بِهِ.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْكَثِيرَ ، مِثْلُ الرِّجْلِ مِنَ الْبَحْرِ [خليج البحر] ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ ، إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَلَمْ تُغَيِّرْ لَهُ لَوْنًا، وَلَا طَعْمًا، وَلَا رِيحًا : أَنَّهُ بِحَالِهِ فِي الطَّهَارَةِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِيهِ النَّجَاسَةُ. ” انتهى من ” الأوسط ” (1/368) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
” وذلك أَنَّ العُلَمَاءَ رحمَهُمُ اللَّهُ: اتفقُوا عَلَى نوعين مِنْ أنوَاعِ الميَاهِ .
اتَّفقُوا عَلَى أنَّ : كل ماء تغيرَ بالنجاسَةِ ، فهو نجس .
كما اتفَقُوا عَلَى أَن : الأصْلَ في المياهِ كُلِّها النازلةِ مِنَ السِّمَاء ، والنَّابِعَةِ منَ الأَرضِ ، والجارِيَةِ والرَّاكِدَةِ ؛ أنها طاهرةٌ مطهِّرَةٌ ” انتهى من ” إرشاد أولى البصائر والألباب ” (ص/14) .
وجاء في ” فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى ” (5/84) :
” الأصل في الماء الطهارة ، فإذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه بنجاسة ، فهو نجس سواء كان قليلا أو كثيرا ، وإذا لم تغيره النجاسة ، فهو طهور ” انتهى .
ومما يدل على أن الماء طهور ، ولو وقعت فيه نجاسة ، ما لم يتغير بتلك النجاسة ، ما رواه الترمذي (66) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ” قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ ؟ وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ ) ، وصححه الألباني في ” سنن الترمذي “.
قال ابن القيم رحمه الله في “حاشيته” على السنن (1/83) :
” فوضوؤه من بئر بضاعة ، وحالها ما ذكروه له : دليل على أن الماء لا يتنجس بوقوع النجاسة فيه ، ما لم يتغير” انتهى .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن بئر سقطت فيها دجاجة ثم ماتت، هل ينجس أم لا ؟
فأجاب : ” إذا لم يتغير الماء : لم ينجس” انتهى من “مجموع الفتاوى ” (21/39) .
وقد تؤثر تلك الميتات والمصارف في الماء القريب منها ، فيكون نجسا ، أما الماء البعيد عنها الذي لم يتغير بها : فهو طاهر . انظر “المجموع ” للنووي (1/195) .
وعليه ، فينظر في ماء تلك القناة ، فإذا ظهرت فيه آثار النجاسة ، من طعم أو لون أو رائحة ، بسبب تلك المصارف والمجاري التي تصب فيه ، أو الميتات التي تلقى فيه فإنه يحكم بنجاسة الماء في هذه الحال ، وعليه ، فلا يجوز الوضوء ولا الاغتسال من ماء تلك القناة .
وأما إذا لم تظهر فيه آثار النجاسة ، فهو طاهر يجوز الوضوء والاغتسال به .
ولا يضر إذا كان لون الماء غير شفاف ، أو متغيرا شيئا ما ، مادام أن ذلك التغير لم يكن بسبب النجاسة الواقعة فيه ، فالماء قد يتغير لونه بسبب مقره وطول مكثه ، أو بسبب قلة الاستعمال .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب