إذا قام بمشاهدة مقطع محرم فنتج عنه زيادة عدد المشاهدين فهل يعتبر ذلك من السيئات الجارية ؟
السؤال: 204942
عند مشاهدة أي فيديو في أي موقع ، فإنه تلقائيا يقوم بتسجيل أن شخصا شاهد الفيديو ، فهل إذا شاهدت فيديو غير محمود ، فهل هذا يعتبر من السيئات الجارية أم لا ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لعل السائل يشير إلى ما رواه مسلم في صحيحه عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي
الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (..
وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ
عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ
شَيْءٌ ).
وهذا الحديث محمول على من قام بنشر السيئة ودعا لها ، فإنه يحمل وزره ووزر من عملَ
بها إلى يوم القيامة ؛ لأنه المتسبب في وقوع الناس في الذنوب فحمل وزره ووزر غيره .
قال تعالى : ( وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالِهِمْ )
العنكبوت/13 .
قال ابن كثير رحمه الله : ” إخبار عن الدعاة إلى الكفر والضلالة، أنهم يوم القيامة
يحملون أوزار أنفسهم، وأوزارا أخر بسبب من أضلوا من الناس، من غير أن ينقص من أوزار
أولئك شيئا ” انتهى من ” تفسير ابن كثير” (6/266) .
وبناء عليه : فكل من دعا إلى
ضلالة ، فهو داخل في عموم ما تقدم ، ومن هذا في الحالة المذكورة : كل من شارك في
إنتاج هذه الفيديو السيئ ، أو نشره بين الناس ، أو تعريف الناس به ، ودلالتهم عليه
: هو ممن سن سنة سيئة ، وعليه وزرها ، ووزر من عمل بها ، لا ينقص ذلك من أوزارهم
شيئا .
وأما من اقتصر على المشاهدة
، من غير ترويج لها ولا دعوة غيره ، فإنما إثمه على نفسه هو ، ولا يحمل وزر غيره .
قال الله تعالى : (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا) الأنعام/164 ،
وقال تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الإسراء/15 .
وليحذر العبد من الاستمراء
في المعاصي ، ولو كانت صغيرة ، فإن الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة ، ويحل بالعبد
عارها ، ووبالها :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ، فَإِنَّهُنَّ
يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ ) .
وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلًا
: ( كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلَاةٍ ، فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ ،
فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ ، وَالرَّجُلُ يَجِيءُ
بِالْعُودِ ، حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا فَأَجَّجُوا نَارًا ، وَأَنْضَجُوا مَا
قَذَفُوا فِيهَا ) رواه الإمام أحمد (3808) وغيره ، وحسنه الألباني .
فليحذر العبد الناصح لنفسه ، أن يجمع بيديه أعوادا من حطب جهنم ، فيوقد بسوء ما
عمله نارا تلظى ؛ وقد قال الله تعالى : ( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ
كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا
عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ
بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ) الأنفال/50-51 .
والله أعلم .
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟